البارزاني المرجع والملجأ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

د.سعد الهموندي

 

البارزاني المرجع والملجأ هو عنوان كتاب بقلم الدكتور سعد الهموندي مستشار الرئيس مسعود بارزاني و رئيس مؤسسة رؤى للتوثيق والدراسات الأستراتيجية والمستقبلية، الذي يتضمن محطات مهمة من شخصية الرئيس مسعود بارزاني ومواقفه وبعض الأحداث، التي جعلت منه مرجعًا سياسيًا يستشار ويأخذ بتوجيهاته ونصائحه عند حدوث الأزمات والأنسدادات السياسية ، وملجأ لجميع العراقيين اثناء المحن والظروف الصعبة، لذلك نسعى من خلال نشر اجزاء الكتاب ان نلقي الضوء على خصوصياته الأخلاقية ومواقفه ازاء خصومه و صبره وحنكته وذكائه في التعامل مع المواقف الصعبة التي واجهته سواء اثناء ايام الكفاح المسلح او عند النزول من الجبل لينشأ اقليمًا عامرًا زاهرًا ليصبح رقمًا صعبًا في المعادلات السياسية والتوازنات في العراق والمنطقة.

 

 

الحلقة الحادي عشر

 

من هنا نستشف أن مسعود البارزاني صاحب أكبر تجربة وخبرة سياسية في المنطقة، ولديه أقوى العلاقات الدولية، ويحسب له حساب في الأزمات الداخلية والإقليمية والدولية.

واليوم لا يمكن المساومة وتضيع مبدأ التشاركية في الحكم أو الديمقراطية التي رسخها مسعود البارزاني نفسه خلال فترة قصيرة، وفي المقابل لا يمكن لأي مُلم بالسياسة وبالواقع الكُردستاني أن يساوم على دور وضرورة الرئيس مسعود بارزاني القيادية كمرجع ذو تاريخ عميق في السياسة الإقليمية والدولية.

 

البارزاني مرجعية سياسية في حل النزاعات الحزبية:

يتمثَّل الواقع السياسي الكردي الحالي في الشرق الأوسط بالأحزاب البارزة التي تأسس أغلبها خلال القرن الماضي بعد الحربين  العالميتين، الأولى والثانية، وانتهاء مرحلة الاستعمار المباشر.

حيث جاءت هذه الأحزاب لتعبَّر عن شعور كُردي بالظلم ينظر إلى التسويات السياسية التي أُبرمت بعد الحربين العالميتين، الأولى والثانية، مثل اتفاقية سايكس – بيكو واتفاقية (لوزان) على أنها تسويات تمت على حساب حقوق الشعب الكردي القومية والسياسية والثقافية.

 

 أطلق مسعود البارزاني ورقة عمل ومبادرة حل لتظافر الجهود، ورغبة منه في رصد تطور العمل السياسي في البلاد، ومعوقاته، وبين أن أي نظام سياسي يجب أن يخرج من دائرة التعقيد،فبدأ العمل على توحيد الخطاب الكُردي، وصياغاته بالصورة الصحيحة لجميع الأحزاب لتضع الحرية والديمقراطية وحقوق الشعب ضمن المتطلبات الاولى لها.

 

هذا الشعور يشكّل الأساس الفكري لأغلب الحركات السياسية الكردية التي ترفع شعارات تنادي باستعادة وحماية حقوق الشعب الكُردي.

بعض هذه الأحزاب تطالب بإعلان دول كردية مستقلة على المستوى القُطري في كل من تركيا والعراق وإيران وسوريا، والسعي مستقبلًا لبناء ما يسمى بدولة كُردستان الكبرى لتوحيد أوصال الشعب الكردي التي قطعها الاستعمار.

ومن الواضح أن أغلب هذه الأحزاب تعي أن (حلم الدولة الكُردية المستقلة) يواجه بعض الصعوبات في الحقبة التاريخية الراهنة.

أما بالنسبة لحكومات كل من تركيا وإيران وسوريا، فتمثل المسألة الكُردية مصدر قلق لها، لأنها تهدد بشكل مباشر وحدة أراضي هذه الدول حسب زعمها، وتتحدى سيادتها الداخلية مما تسبب بصراع مزمن بين حكومات هذه الدول والأحزاب الكُردية الفاعلة.

هذا الصراع بين الحكومات المركزية والمكون العرقي الكُردي مستمر منذ عقود تزداد وتخف حدته بحسب قوة أو ضعف الحكومات المركزية في هذه الدول مقابل قوة وتماسك القوى والأحزاب الكردية الفاعلة، ومدى تلقيها للدعم الإقليمي والدولي حيث يتم استغلال القضية الكردية من قبل فاعلين دوليين وإقليميين لتحقيق مكاسب سياسية،أو للضغط على حكومات هذه الدول الأربعة.

 

على سبيل المثال لا الحصر، استغلت إيران القضية الكُردية في العراق لممارسة الضغط على الحكومات العراقية خلال سبعينيات القرن الماضي مما اضطر حكومة العراق إلى عقد اتفاقية الجزائر التي تم عمليًا إلغاؤها من قبل العراق قبيل الحرب العراقية- الإيرانية(1988-1980).

مثال آخر، احتضنت الحكومة السورية عناصر من حزب العمال الكُردستاني في ثمانينات القرن الماضي  أملًا في توظيفهم لاحقًا كورقة ضغط إقليمية بيد نظام الأسد مما أدى إلى أزمة سياسية حادة كادت أن تتسبب بصدام مسلح بين تركيا وسوريا.

كما أن المسألة الكردية شهدت تحولًا كبيرًا منذ الاحتلال الأميركي للعراق، سنة 2003، واندلاع الحرب في سوريا عام 2011، في أعقاب الثورات الشعبية في بلدان عربية مختلفة أو ما يسمى بالربيع العربي حيث تمكنت الأحزاب الكُردية من تحقيق تقدم كبير على المستويين العسكري والسياسي بمساعدة الفاعل الدولي متمثلًا بالولايات المتحدة وحلفائها إضافة إلى العامل الإقليمي الذي تعامل مع تمكن الكُرد سياسيًا وعسكريًا في العراق وسوريا على أنه واقع مرحلي.

فمنذ فرْض الولايات المتحدة الأميركية حظر الطيران فوق المناطق ذات الأغلبية الكُردية في العراق ووضْع هذه المناطق تحت إدارة الأمم المتحدة في عام 1992، تمكنت الأحزاب الكُردية البارزة بقيادة الإتحاد الوطني الكردستاني، والديمقراطي، من بناء هيكل سياسي قادر على إدارة كُردستان العراق.

هذا الأساس السياسي والاقتصادي ساعد على تطور دور الأحزاب الكُردية العراقية في الحكم بشكل كبير بعد عام 2003، حيث تسلمت قيادات كردية مناصب سياسية عليا في الدولة العراقية الجديدة، أبرزها:

منصب رئيس الجمهورية بعد أختيار الزعيم العراقي الكردي الراحل، جلال الطالباني، سنة 2005، رئيسًا للعراق، ومنصب وزير الخارجية بعد اختيار هوشيار الزيباري ممثلًا لسياسة العراق الخارجية خلال الفترة بين 2003-2014.

وفي سنة 2005، أعلنت الأحزاب الكُردية البارزة إنشاء حكومة إقليم  كردستان العراق التي ضمت أغلب الأحزاب الكردية الفاعلة بعدما كان للإقليم عاصمتان: أربيل والسليمانية.

كذلك تضمَّن هذا الإعلان كتابة مسودة دستور الإقليم والعمل على إجراء انتخابات ديمقراطية برلمانية لانتخاب رئيس وزراء للإقليم الكردي في العراق.

تمكنت حكومات إقليم كردستان المتعاقبة من تحقيق إنجازات كبيرة على المستويين الاقتصادي، من حيث البنى التحتية وتحسين دخل الفرد، وعلى المستوى السياسي الدبلوماسي، من حيث العلاقة بحكومة بغداد المركزية وعلاقات الإقليم على المستوى الدولي دبلوماسيًا.

ولنتعرف أكثر على بنية الأحزاب الكُردية، التي نشأت في العراق علينا أن نعرف التموجات والتشكيلات السياسية المختلفة التي أنتجتها حرية التعبير عن الرأي في كُردستان، فكان منها العلماني القومي، واليساري، والإسلامي، والوطني القومي، ومن أبرز هذه الأحزاب:

 

الحزب الديمقراطي الكرستاني: 

تأسس عام 1946 ويتزعمه اليوم مسعود البارزاني ابن مؤسس الحزب الملا مصطفى البارزاني.

تقوم المبادئ العامة لهذا الحزب على مبدأ القومية وحق الشعوب في تقرير مصيرها، يكثر  أتباعه في محافظة أربيل ومحافظة دهوك ومحافظتي السليمانية وكركوك.

قاد هذا الحزب الحركة المسلحة ضد السلطات المركزية في بغداد منذ تأسيسه، ويعمل على تأسيس دولة كردية.

لهذا الحزب علاقات جيدة مع تركيا والولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية.

 

الاتحاد الوطني الكردستاني:

أسسه جلال الطالباني عام 1975 إثر انشقاقه عن الحزب الديمقراطي الكردستاني.

ويتبنى اتجاهات قومية كردية، ويوجد لدى العديد من كوادره ميول ليبرالية رغم أن زعيمه جلال الطالباني كان يسارياً.

ينتشر الحزب في معقله بالسليمانية على الحدود مع إيران التي يحتفظ بعلاقة جيدة معها، ويتبنى مواقف مماثلة للحزب الديمقراطي الكردستاني فيما يتعلق بالعلاقة مع حكومة بغداد المركزية، رغم أنه دخل في صراع طويل مع هذا الحزب، واتخذ أحيانًا شكل المعارك العنيفة لكن الحزبين اتفقا على توحيد الإدارة المحلية في كردستان.

 

 

– حزب الاتحاد الإسلامي:

تأسس عام 1992 بقيادة الشيخ صلاح الدين محمد بهاء الدين، وللحزب توجه إصلاحي لا يعتمد على المواجهة المسلحة، وهو يمثل فكر الإخوان المسلمين وله علاقات طيبة مع الجماعة الأم بمصر، وكذلك مع الزعيم التركي نجم الدين أربكان وتنظيمه السياسي، دخل الاتحاد الإسلامي الانتخابات العراقية الأخيرة منفرداً وفاز بخمسة مقاعد في مجلس النواب.

 

 

الحركة الإسلامية:

أسست الحركة الإسلامية في الثمانينيات بقيادة الملا عثمان ثم ترأسها الملا علي عبد العزيز، وبعد وفاة الأخير آلت رئاستها إلى ابنيه الملا علي والملا صادق، وظلت تلك الحركة لمدة طويلة، ويعتبر من الأحزاب غير بعيد عن حركة الإخوان المسلمين العالمية من حيث التوجه.

 

جماعة أنصار الإسلام:

ويُطلق عليها (باك) وتعد من أحدث التشكيلات السياسية الكردية حيث أسست عام 2001، ويتزعمها الشيخ فاتح كريكار ويكنى بــ (أبو سيد قطب)،انشقت عن الحركة الإسلامية وعُرفت بتشددها ولذلك نالها لقب (طالبان الكردية)، واليها ينسب الكثير من العمليات المسلحة ضد الوجود الأميركي وكذلك ضد حكومة إقليم كردستان، كما أنها تتهم بالتعاون مع تنظيم القاعدة وتصنفه أميركا ضمن المنظمة الإرهابية.

 

ومن يسلط الضوء إعلامياً على الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، من خلال قوات البيشمركه، ورغم تنكيل داعش وحرقها للجثث من قوات البيشمركه، إلا أن الأسرى من تنظيم داعش الإرهابي لم يتعرضوا  بتاتاً للعنف أو للضرب أو للتعذيب اثناء الأسر، بل التعامل معهم كأسرى حرب وفق مبادئ وقواعد اتفاقية جينيف الدولية ،وهذا الأمر يُعتبر مصدر فخر واعتزاو للكرد بأخلاقهم والمثل الإنسانية النبيلة التي حملوها في حروبهم المفروضة عليهم على مدى عشرات السنين

 

– حركة التغيير:                                 

وتسمى أيضًا حركة كوران وهي عبارة عن حزب ناشط في إقليم كردستان العراق، أسسه السياسي الكردي نوشيروان مصطفى في عام 2009م بعد استقالته من حزب الطالباني (الاتحاد الوطني الكردستاني)، وهو حزب علماني يعارض حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ويدعو لمحاربة الفساد، ويتهمه خصومه بكسر الإجماع الوطني الكردي ولكنه ينفي ذلك، وبعد وفاة (نيشروان) تسلم قيادة الحزب(عمر السيد علي).

 

الجماعة الإسلامية في كردستان العراق:  

هي حركة إسلامية تنتهج منهج أهل السنة والجماعة، أنشأها (علي بابير) عام 2001.

 

الأحزاب الكردية في إيران

 

جمعية بعث كردستان:

تأسست في كردستان إيران عام 1942، وتركز نشاطها في مهاباد ثم تحول اسمها عام 1946 إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، ولقيت دعماً من كُرد العراق.

 

الحزب الديمقراطي الكردستاني:

نشأ عشية تأسيس جمهورية مهاباد الكردية عام 1946، ولقي دعما من الاتحاد السوفيتي مما جعل صبغة الحزب ماركسية، وهو يدعو إلى الحكم الذاتي في كردستان في إطار الدولة الإيرانية، ولم يتبن الدعوة إلى الانفصال.

 

الأحزاب الكردية في تركيا

 

-الحزب الديمقراطي الكردستاني:

تأسس عام 1965 من مجموعة من الملاك الكرد، وكان ذا اتجاهات يمينية ولم يفكر في التعاون مع القوى اليسارية، ولكن بعد فترة نما داخل الحزب تيار يساري فبدأ منذ عام 1971 صراعاً للسيطرة على قيادة الحزب انتهى عام 1977 بانتصاره وطرد كل العناصر اليمينية والمحافظة، وأصبح له دور بارز في قيادة الإضرابات العمالية وأنشأ له قواعد في المدن والأرياف.

 

-حزب عمال كردستان التركية:

يساري خرج من عباءة الديمقراطي الكردستاني بعد الصراع الذي وقع داخل الحزب عام 1971، وكان يعمل باسم أحد قادته وهو الدكتور شوان، وفيما بعد أخذ يعمل تحت اسم نوادي الثقافة الثورية والديمقراطية، وكان له فروع بالمحافظات والأقاليم التركية ونشاط سياسي وتثقيفي واسع أواسط السبعينيات، وكانت له صلات مع الأحزاب الكردية في العراق وإيران، ولكنه تعرض لانشقاقات عديدة طرد فيها بعض عناصره.

 

– الحزب الاشتراكي الكردستاني:

عُرف بجماعة (طريق الحرية) نسبة إلى المجلة التي كان يصدرها وله نفوذ واسع بين المثقفين والطلبة، ويصدر إضافة إلى (طريق الحرية) جريدة باسم (روز هلات) أي شمس الوطن، وقام الحرب بدور كبير في نشر الأفكار اليسارية باللغتين الكردية والتركية في كردستان، مستثمرًا النشر العلني أو شبه العلني الذي كان مسموحًا به في فترة حكم حزب الشعب الجمهوري اليساري بقيادة بولند أجاويد أواخر السبعينيات ويقوده أمينه العام كمال بورقاي.

 

حزب العمال الكردستاني:

يعرف اختصار بـــ (pkk) وقد تأسس عام 1979، وهو منبثق من منظمة تركية شيوعية كانت تعمل في السبعينيات باسم منظمة الشباب الثوري، وقد أسس الحزب عبد الله أوجلان الذي كان معروفًا شعبيًا باسم (آبو) وتعني (العم)، ويؤكد الحزب في برنامجه الداخلي على أن الماركسية اللينينية أيديولوجيته في العمل.

وهو يهدف إلى إنشاء دولة كردية ديمقراطية مستقلة في الشرق الأوسط، وكانت إستراتيجيته ترتكز على استعمال العنف وتصعيده في مواجهة عنف القوات التركية مما خلق هوة واسعة بينه وبين الأحزاب الكردية الأخرى، ولكن بعد القبض على زعيمه عبد أوجلان عام 1999 أوقف الحزب انشطته المسلحة بدعوة من أوجلان الذي أعلن عن مبادرة سلام تتضمن الحوار مع أنقرة، غير أنه غير اسمه إلى (مؤتمر كردستان الحرية والديمقراطية) ثم عاد عام 2005 إلى النشاطات المسلحة متخذًا من مناطق بشمال العراق مأوى له، وللحزب نفوذ سياسي وعسكري قوي في المناطق الحدودية مع العراق وسوريا، كما يحظى بنفوذ قوي لدى العلويين من الكرد في منطقة تونجالي.

 

الأحزاب الكردية في سوريا:

يعمل في سوريا العديد من الأحزاب الكردية لكنها لم تحظ بترخيص قانوني ومن بين هذه الأحزاب:

 

-الحزب الديمقراطي الكردستاني:

تأسس عام 1957 وترأسه الدكتور نور الدين زازا، ودعا عند انطلاقه إلى تحرير كردستان وتوحيدها عن طريق الثورة، واعتقل معظم قياديي الحزب فانفرط عقده، وبعد خروج قادته من السجون عام 1961 أعادوا النظر في برنامجهم وقصروه على المطالبة بحقوق الكرد السوريين الثقافية والسياسية.

 

 الحزب الديمقراطي اليساري الكردي:

ظهر أواخر الخمسينيات من القرن الماضي وأراد السير في النهج الثوري الأول للديمقراطي الكردستاني، لكنه اضطر بدوره إلى انتهاج سياسة معتدلة أواخر الستينيات.

فالأحزاب السياسية الكُردية كانت مختلفة التوجهات والأفكار، وهذا الأمر كان سببًا لظهور بعض الصراعات حول الأيديولوجيا والسياسة، ونظرًا للتشابه في بنية تلك الأحزاب وفي آلية تعاملها مع أزماتها، نرى أن البحث في أسباب الأزمة، وطرق معالجتها، في أحدها، يساعد في تكوين تصور عن الأحزاب الأخرى.

فبعض الأحزاب عاشت أزمة فكرية، وسياسية، وتنظيمية شاملة، كما أنّها أزمة فهم لمتطلبات الواقع، ومتطلبات التطور، والانسجام معها، إذ أنّها أخذت في أشكالها الحالي، ونهجها وأساليب عملها تلعب دورًا معرقلًا لمتطلبات التوحد ولم الشمل الكُردي، وتزيد من تفاقم الأزمة التي تعيشها.

وهنا أطلق مسعود البارزاني ورقة عمل ومبادرة حل لتظافر الجهود، ورغبة منه في رصد تطور العمل السياسي في البلاد، ومعوقاته، وبين أن أي نظام سياسي يجب أن يخرج من دائرة التعقيد،فبدأ العمل على توحيد الخطاب الكُردي، وصياغاته بالصورة الصحيحة لجميع الأحزاب لتضع الحرية والديمقراطية وحقوق الشعب ضمن المتطلبات الاولى لها.

ثم انتقل إلى مرحلة لقاء جميع الأطراف السياسية على الساحة ودفع الجميع للجلوس على طاولة واحدة دون أي شروط مسبقة.

فكان لإطلاق حوار كُردي- كُردي بهدف توحيد الصف السياسي الأثرالكبير على تقارب وجهات النظر التي أرادها مسعود البارزاني أن تكون الأولوية في الحوار للوصول إلى الحلول.

فكانت رسالته واضحة في تعزيز القيم الديمقراطية والبناء العقلاني للحوار مع المحافظة على الهوية الوطنية لجميع الأحزاب، مع السعي لزيادة تهيئة بيئة مواتية لإيجاد فرص العمل، مع المحافظة على نزاهة وفعالية القوائم الحزبية جميعًا.

 

الأخلاق في قيادة مسعود البارزاني:

قبل الخوض في استراتيجية مسعود البارزاني ومرجعيته السياسية ضمن قيادته الأخلاقية، علينا أن نستقرأ العديد من النقاط الرئيسة في شخصيته، وأن نستقراء بشكل أكبر وأكثر أخلاقه القيادية، وهل هي بالفعل متميزة عن أخلاق القادة العكسريين الذين عرفهم التاريخ.

فالحزب لدى البارزاني ليس الهدف، وإنما هو للدفاع عن النفس والحقوق وحماية الضعفاء والحدود.

إنها التي تفرض نفسها وقواعدها وضوابطها، وتجعل من شخصيات إنسانية مُرغمة على خوض معارك الشرف كأمثال (المهاتما غاندي)، و(مانديلا)،و(الملا مصطفى)، و(عمر المختار)،و(مسعود البارزاني).

وهنا سنسلط الضوء بشكل أكبر على الحرب التي قادها البارزاني بنفسه مع البيشمركه ضد تنظيم داعش الإرهابي،واستراتيجيته في إيقاف خلط الأوراق السياسية لدى الكثير من الجهات الدولية التي أرادت إشعال حرب كُردية – عربية ثم حرب كُردية- كُردية.

لنستشف السياسة الحرة والبُعد الاستراتيجي الذي انتهجه البارزاني بطريقة أخرجته المنتصر القوي، وصاحب الفكر العميق في إيقاف الحرب الطائفية أو الحرب القومية التي يتبجح بها الكثير من السياسيين العراقيين.

فطيلة عقد الستينيات وحتى ثمانينات القرن الماضي أثناء ثورتي أيلول وكولان في كُردستان العراق بقيادة الملا مصطفى البارزاني، ومن بعده ابنه، لم يتعرض اي جندي من الجيش او جثة مقتول الذي كان يحارب ويحرق  القرى الكُردية الأسرى للأذى أو للتمثيل على الأطلاق.

ومن يسلط الضوء إعلامياً على الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، من خلال قوات البيشمركه، ورغم تنكيل داعش وحرقها للجثث من قوات البيشمركه، إلا أن الأسرى من تنظيم داعش الإرهابي لم يتعرضوا  بتاتاً للعنف أو للضرب أو للتعذيب ضمن الأسر، بل التعامل معهم كأسرى حرب وفق مبادئ وقواعد اتفاقية جينيف الدولية.

وهذا الأمر يُعتبر مصدر فخر واعتزاو لكل الكُرد بأخلاقهم والمثل الإنسانية النبيلة التي حملوها في حروبهم المفروضة عليهم على مدى عشرات السنين، فالكُرد تعاملوا بواجب إنساني في المعارك قبل أي شيئ آخر.

 

وهنا نقتبس أحد الحوارات التي تكلم بها مسعود البارزاني على جبهات القتال ضد تنظيم داعش حين قال للبيشمركه:

(الجثة يجب أن تُحترم وأن تقدم لها كل الواجبات اللازمة من ساحة المعركة وحتى الدفن، كذلك يجب أن تدفن إذا سمحت الظروف حسب الأصول والواجبات الدينية التي ينتمي إليها القتيل سواء كان مسيحيًا أو أيزيديًا أو يهوديًا أو مسلمًا، نحن نقاتل في سبيل شيئ مقدس، ولن نسمح لأي شخص أن يلوث أهدافنا المقدسة، نقاتل بإنسانية من يعتدي على إنسانيتنا).

فالمبادئ الكُردية العشائرية القادمة من ثقافة الجبال الشامخة، لا تسمح بتشويه وتشهيرالجثث.

قد يعجبك ايضا