صادق الازرقي
مع نشر التوقعات التي تشير إلى أنه بحلول عام 2100، سيكون مستوى سطح البحر في العالم أعلى بما يتراوح بين 43 سم و84 سم مقارنة بمتوسط المدة من 1995-2014، فاننا نجد انها فرصة للعراق لتعزيز موانئه ومسطحاته المائية ومنها ميناء الفاو الكبير وكذلك المياه في الاهوار والبحيرات، وفي الوقت نفسه ادارة تلك العملية بما يتوافق مع انشاء بيئة مستدامة على وفق اسس سليمة.
ومن المعلوم ان التغير المناخي ظاهرة عالمية تؤثر بشكل كبير على النظم البيئية والمناخية حول العالم، ومن بين تأثيراته الملحوظة، ارتفاع مستوى سطح البحر؛ وفي منطقة الخليج العربي، تعد هذه القضية ذات أهمية بخاصة نظرا للتأثيرات المحتملة على المدن الساحلية والبنية التحتية والاقتصادات المحلية.
وتشير التقديرات الى انه من المتوقع أن يؤدي ذوبان الجليد القطبي وارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة مستويات مياه البحر، مما يهدد المدن الساحلية مثل دبي وأبو ظبي والكويت والمنامة.
وقد يؤدي التغير المناخي إلى زيادة في تكرار وشدة الظواهر الجوية المتطرفة مثل العواصف والأعاصير، ويمكن أن يؤثر ارتفاع درجات الحرارة وتغير مستويات الملوحة على الحياة البحرية في الخليج العربي، كما قد يؤدي ارتفاع مستوى البحر إلى تداخل المياه المالحة مع مصادر المياه العذبة، مما يؤثر على إمدادات المياه العذبة والزراعة.
لذا يتوجب تنفيذ البنى التحتية المقاومة للتغيرات المناخية بتعزيزها لتكون قادرة على مواجهة الفيضانات وارتفاع مستوى البحر، كما يجب تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة، ونشر الوعي بشأن تأثيرات التغير المناخي وضرورة التكيف معه؛ للحفاظ على النظم البيئية الساحلية مثل الأهوار والشعاب المرجانية التي يمكن أن توفر حماية طبيعية ضد ارتفاع مستوى البحر، بحسب المصادر المتخصصة.
ومن المعلوم ان دول الخليج تشارك في المبادرات الدولية لمكافحة التغير المناخي، مثل اتفاقية باريس للمناخ؛ وعلى الصعيد المحلي، تقوم بعض الدول بتنفيذ خطط للتنمية المستدامة وتعزيز قدراتها على التكيف مع التغيرات المناخية.
ان التغير المناخي يمثل تحديا كبيرا لدول الخليج العربي، ويتطلب استجابة شاملة تتضمن التخطيط المستدام، والتحول إلى الطاقة النظيفة، وتعزيز الوعي المجتمعي لمواجهة هذه التحديات بشكل فعال.
وهنا يأتي دور العراق؛ فنظرا لأننا عانينا في العقود والسنوات الماضية من شحة المياه ومشكلات تتعلق بالزراعة وتوليد الطاقة وتوفير مياه الشرب الصالحة للاستعمال، فاننا نعتقد ان الفرصة متاحة مع زيادة تدفق المياه في البحار، ومسؤوليتنا تتمثل اولا، بإنشاء البنى التحتية المرتبطة بهذه الزيادة لاستقبال المياه المتزايدة وثانيا، بإدارتها على وفق الاسس العلمية الصحيحة التي تنسجم ومتطلبات مواجهة عوامل التغيرات المناخية.
ويتوجب وضع سياسة تخطيط تأخذ جميع الظروف والتطورات المستقبلية بعين الاعتبار والالتفات الى حاجتنا المتنامية لتعزيز تجمعات الاهوار، لاسيما في جنوب العراق والفرات الاوسط لما لذلك من دعم كبير للزراعة والثروة الحيوانية وحياة السكان.
كما يجب علينا ايضا ان نتوسع في انشاء السدود للاحتفاظ بالمياه وانشاء محطات تحلية ماء البحر، لتعويض السكان في المدن التي حرمت من الماء الصافي في بعض مناطق جنوبي العراق، لاسيما في البصرة المحاذية للخليج.