كيف تستفيد أفريقيا من الطاقة الحرارية الأرضية؟

متابعة ـ التآخي

يمثل البحث عن طرق أمثل لتوليد الطاقة هما كبير لدول وشعوب العالم، لاسيما ان منتجات الطاقة وبخاصة في مجال توليد الكهرباء تفرض نفسها في جميع شؤون الحياة الاقتصادية والمعيشية.

وتتمتع أفريقيا بإمكانات كبيرة في مجال الطاقة الحرارية الأرضية، ويُشار إلى تجربة كينيا المتميزة في توليد كمية كبيرة من كهربائها اعتمادًا على هذا المصدر، وتتطلع بعض دول القارة إلى الاستفادة من هذه التجربة لتقليل الانبعاثات والتغلب على فقر الطاقة.

ويشير تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، إلى أن أفريقيا، المعروفة بمواردها الطبيعية الوفيرة، تتجه إلى تحويل أنظارها إلى تحت الأرض للاستفادة من الطاقة الأرضية.

وفي الوقت الذي تتصدى القارة فيه للتحديات المزدوجة المتمثلة بفقر الطاقة وتغير المناخ، فإن الطاقة الحرارية الأرضية تمثّل حلًا واعدًا.

وبفضل قدرتها على توفير مصدر مستقر للطاقة، من المتوقع أن تؤدي هذه الطاقة دوًرا حاسمًا بمستقبل الطاقة في القارة السمراء، لاسيما أن البلدان الأفريقية تتعهد بالسعي إلى التحول العادل للطاقة النظيفة.

وتُعَدّ أفريقيا غنية بموارد الطاقة الأرضية، لاسيما منطقة الوادي المتصدع في شرق أفريقيا، التي تمتد عبر بلدان مثل كينيا وإثيوبيا وتنزانيا وأوغندا.

وتوفر هذه المنطقة إمكانات هائلة لتطوير هذه الطاقة، حسبما نشرته منصة إي إس آي أفريكا (ESI Africa) المعنية بشؤون الطاقة والكهرباء والمياه والاقتصاد الأخضر في أفريقيا.

وتُعَدّ كينيا حاليًا أكبر منتج للطاقة الحرارية الأرضية في أفريقيا، حيث جرى تركيب 891.8 ميغاواط بدءًا من عام 2023. وتولّد البلاد غالبية كهربائها من الطاقة الأرضية التي تشكّل 47% من مزيج الطاقة المتجددة.

وتشير التقديرات إلى أن إمكانات الطاقة الحرارية الأرضية في شرق أفريقيا وحدها يمكن أن تتجاوز 15 غيغاواط.

ومن الممكن أن يؤدي استغلال هذا المورد إلى إحداث ثورة في مشهد الطاقة في المنطقة، ما يوفر إمدادات كهرباء موثوقة ومستمرة.

وعلى عكس الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، المتقطعة والمعتمدة على الظروف الجوية، توفر الطاقة الأرضية إمدادات كهرباء مستقرة وثابتة، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويمكن أن تعمل محطات الطاقة الحرارية الأرضية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، ما يوفر تغذية أساسيًة موثوقًة من الكهرباء، بحسب منصة إي إس آي أفريكا (ESI Africa).

ويُعدّ هذا الاستقرار أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة للبلدان النامية في أفريقيا، اذ ان هناك حاجة إلى إمدادات ثابتة من الطاقة لدعم النمو الصناعي والرعاية الصحية والتعليم والتنمية الاقتصادية الشاملة.

ومن ثم فإن الطاقة الأرضية يمكن أن تؤدي دورًا حيويًا في سدّ الفجوة الكبيرة في الوصول إلى الطاقة في القارة.

وبتسخير موارد هذه الطاقة، يمكن للبلدان الأفريقية زيادة قدرتها على توليد الكهرباء، وتوفير الطاقة للمجتمعات الريفية المحرومة.

تجدر الإشارة إلى أن الطاقة الحرارية الأرضية تُعدّ بديلًا نظيفًا وصديقًا للبيئة للوقود الأحفوري، وهي تنتج الحدّ الأدنى من انبعاثات غازات الدفيئة، ولها بصمة بيئية أصغر مقارنة بمحطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم أو الغاز الطبيعي.

وعن طريق الاستثمار في الطاقة الحرارية الأرضية، يمكن للدول الأفريقية تقليل انبعاثات الكربون، والإسهام في تحقيق أهداف المناخ العالمي والحفاظ على أنظمتها البيئية الطبيعية؛ ويكتسب هذا التحول أهمية خاصة، لأن كثيرا من البلدان الأفريقية معرّضة بشدة لتأثيرات تغير المناخ.

وقطعَ العديد من البلدان الأفريقية خطوات كبيرة في مجال تطوير الطاقة الحرارية الأرضية، وأصبحت بمنزلة نماذج تحتذي بها بلدان أخرى.

على سبيل المثال، أطلقت إثيوبيا مشروعات ناجحة للطاقة الحرارية الأرضية مثل محطة ألوتو-لانغانو، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وبصفتها رائدة في القارة من حيث نشر الطاقة الحرارية الأرضية، أظهرت الحكومة الكينية التزامًا قويًا بتطوير الطاقة الحرارية الأرضية. وتستضيف البلاد أكبر محطة للطاقة الحرارية الأرضية في العالم، محطة أولكاريا للطاقة الحرارية الأرضية.

وقال أمين مجلس الوزراء بوزارة الطاقة والبترول، ديفيس تشيرشير، عند إطلاق الخطة الاستراتيجية لكينيا 2023-2027 “إن النجاح السابق في تطوير الطاقة الحرارية الأرضية في البلاد شجّعنا على المضي قدمًا”.

ويمثّل نجاح كينيا في تنمية الطاقة الحرارية الأرضية خطة شاملة للدول الأفريقية الأخرى، وتُظهر استراتيجية البلاد طويلة المدى أطر سياسية واضحة وأنظمة داعمة تشجع الاستثمار والتنمية.

في المقابل، فإنّ التقدم التكنولوجي يجعل الطاقة الحرارية الأرضية أكثر سهولة وفعالية من حيث التكلفة، وتعمل أنظمة الطاقة الحرارية الأرضية المحسّنة وغيرها من الابتكارات على رفع كفاءة وجدوى مشروعات الطاقة الحرارية الأرضية.

فضلا عن ذلك، بدأ المستثمرون الدوليون ووكالات التنمية يدركون بشكل متزايد إمكانات الطاقة الأرضية في أفريقيا.

ويساعد الدعم المالي والشراكات في التغلب على تكاليف التمويل الأولية المرتفعة وتخفيف المخاطر، ما يجعل مشروعات الطاقة الأرضية أكثر جاذبية.

وعن طريق اعتماد نهج استراتيجي يتضمن دعمًا قويًا للسياسات، والاستثمار في الأبحاث، وبناء القدرات المؤسسية، والمشاركة المجتمعية، يمكن للدول الأخرى إطلاق العنان لإمكاناتها في مجال الطاقة الحرارية الأرضية.

قد يعجبك ايضا