زهير كاظم عبود
يقر الدستور العراقي بمساواة العراقيين بالرأي أو المعتقد ٬ ويضمن لهم أيضا حرية العقيدة ٬ والأهم من كل ذلك ان يترجم الضمان الى كفالة الدولة العراقية لحرية الفكر والضمير والعقيدة ٬ والفكر يعني الأساليب التي يفكر بها الفرد ويتبعها وتشكل وجدانه وارادته ٬ والفكر نمط من أنماط العقل البشري للوصول الى الحقيقة ٬ ويساهم في دعم الثوابت الإيجابية والاستقرار الاجتماعي ٬ وينعكس ذلك الدعم بالتجربة العملية الواعية ٬ ومدى ما يخلفه من نتائج سلبية أو إيجابية على المجتمع ٬ وحرية الرأي والفكر من الحريات الأساسية التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الانسان في المادة ( ١٩ ) منه ٬ ولما كان النص الدستوري في المادة (٤٢) يشير الى توفير حرية الفكر لكل فرد من افراد الشعب العراقي بشكل مطلق ٬ لا يقيده الا ماورد بنص المادة ( السابعة -أولا منه ) والتي تنص على حظر كل كيان يتبنى العنصرية أو الإرهاب آو التكفير أو التطهير الطائفي أو يحرض أو يمهد أو يروج أو يبرر له ٬ وخاصة ( البعث الصدامي في العراق ورموزه ) ٬ وبهذا النص فان البعث الصدامي محظور من العمل على الساحة العراقية ويشمل الحظر قانونا ليس فقط التنظيم السري وانما يشمل جريمة التمهيد له أو الترويج لهذا الفكر ٬ أو التبرير له ٬ وفي سبيل قطع الطريق على هذا الفكر الذي ساهم بتخريب القيم المجتمعية ٬ واشاع فكرة التجسس والمراقبة والخوف ٬ وساهم بتدمير المستقبل العراقي ٬ فان الحظر يشمل عمل هذا الحزب تحت أي مسمى كان ٬ وأي فعل مخالف لهذا النص يشكل جريمة جنائية يحاسب عليها القانون ٬ وان أسماء الرموز الشخصية التي شاركت هذا الفكر الصدامي في تخريب القيم الاجتماعية الأخلاقية والسياسية والاقتصادية للعراق لا يمكن لها ان تنضوي تحت أي مسمي للتمهيد او للترويج لهذا الفكر ٬ ولن يكون لها المجال ضمن التعددية السياسية التي يوفرها الدستور العراقي ضمن مفهوم حرية العملية السياسية وتداول السلطة في العراق .
ولأن البعث الصدامي يؤمن بالانقلاب فيشكل خطرا على السيادة العراقية والشرعية وتداول السلطة سلميا ٬ كما ان التجربة المريرة التي تسلط فيها البعث الصدامي على الحكم ( ١٩٦٩-٢٠٠٣ ) شكلت تجربة مريرة أحدثت شروخا في المجتمع وعمقت جراحه وارتكبت من الجرائم ما لا يمكن حصره بحق العراقيين ٬ واهدرت ثرواتهم وهدمت اخلاقهم وقيمهم ٬ ومع الانحسار الكبير لفكر البعث الصدامي في العراق الا ان تحالف البعثيين الصداميين مع التنظيمات الإرهابية التي قتلت العراقيين تدلل وبما لا يقبل الشك استمرار العقل البعثي الصدامي بارتكاب الجنايات بحق العراق والعراقيين ٬ ودلت التجربة التي مرت على العراق بعد سقوط النظام الصدامي الصورة الحقيقية البشعة لموقف البعثيين الصداميين من التجربة السياسية الجديدة بالعراق بعد عام ٢٠٠٣ ٬ ولم تزل بعض رموزهم والتي لا تؤمن بالديمقراطية تحاول الاستمرار بخداع بعض الشخصيات المريضة نفسيا وسياسيا بتمجيد الطاغية وعودتهم للفكر المفلس في العراق تحت مسميات مختلفة ٬ لذا فان خداع بعض العراقيين على أساس استغلال الحرية السياسية التي يوفرها الدستور يمكن ان تفسح لهم بث سمومهم وافكارهم التي خبرها اهل العراق ٬ بالوقت الذي لفظهم الشعب واصبحوا جزء من الذاكرة السياسية السيئة التي مرت على العراق والتي لم يزل العراق حتى اليوم يحصد نتائجها السلبية والكارثية المدمرة ويعاني منها ٬ وحتى لا تتوفر للبعث الصدامي إمكانية إعادة اغتيال الشهداء العراقيين مرة أخرى ٬ وحتى لا تتوفر لهم فرصة النفاذ تحت أي يافطة او ستارة ٬ فان الالتزام بحرفية النص الدستوري بحظر دخولهم العملية السياسية تحصينا لكرامة وشرف العراقيين٬ وان استمرار عمل ومنهج هيئة المسائلة والعدالة الخاصة باجتثاث البعثيين والفكر الصدامي وفقا للقانون لخطورتهم على العراق ٬ خصوصا والعراق لم يزل حتى اليوم يؤسس لدولته ضمن معايير العدالة الانتقالية ٬ وحتى نضمن الحفاظ على التجربة السياسية الديمقراطية وحماية المكتسبات التي حققها العراق على طريق حرية العمل السياسي وحرية الفكر والعقيدة والراي ٬ فلن تكون هناك فرصة لمن فرط بحرية الفكر والعقيدة والراي للعراقيين وحرمهم من ممارسة الفكر والراي وقتلهم في سبيل ذلك ٬ نجد ان التطبيق الدستوري السليم والمساند من القوانين يتمسك بمبدأ الحماية لشعب تخلص منهم وكنسهم من حياته بعد ان حولوا أيامه الى موت وتهجير ورعب وخوف وجوع وحروب .