المياه الجوفية .. لا تعرف الحدود وأهميتها أكثر مما نتصور؟

 

متابعة ـ التآخي

المياه الجوفية ليست ضرورية للزراعة وحسب، فهي تؤدي أيضا دورًا حاسمًا في حياتنا اليومية. عندما يكون هطول الأمطار في الصيف غير كافٍ، يمكن أن ينخفض منسوب المياه الجوفية. لكن ما هي المياه الجوفية بالضبط؟ وما مدى أهميتها لنا؟

المياه الجوفية هي المياه المتواجدة تحت سطح الأرض، وهي تقريبًا متواجدة في كل مكان، لكنها في الغالب غير مرئية. الأنهار والبحيرات السطحية تمثل فقط جزءًا صغيرًا من المياه العذبة، في حين أن الجزء الأكبر منها يوجد كمياه جوفية تحت الأرض. حيث تشكل الأخيرة 99 بالمئة من جميع مصادر المياه العذبة على كوكبنا.

تتدفق المياه الجوفية عبر الفراغات في الصخور ومن خلال الشقوق الصخرية وتتسرب عبر التربة، وهي تتواجد كأحواض ضخمة بين الجبال والسهول المنخفضة والمحيطات وكأنها تربط بينها.

بعض طبقات المياه الجوفية تقع على عمق بضعة أمتار فقط تحت السطح، بينما توجد مياه جوفية أخرى مخزنة منذ ملايين السنين على أعماق تصل إلى كيلومترين في خزانات مائية ضخمة وشبكات تحت الأرض قد تمتد عبر عدة دول وتغطي مئات الآلاف من الكيلومترات المربعة.

والمياه الجوفية هي الرابط السائل بين مجموعة متنوعة من   النظم البيئية مثل الأنهار، والبحيرات، والبحيرات المالحة، والينابيع الطبيعية، وبين المناطق الرطبة والجافة. ولها دور أساس في دورة المياه، وبالتالي فهي مهمة لكل أشكال الحياة على الكوكب. بشكل عام، توجد كمية كبيرة من المياه الجوفية تكفي لتغطية سطح الأرض بالكامل بطبقة من الماء بسماكة 180 مترًا.

وتتسرب المياه الجوفية عبر الفراغات والشقوق الصخرية وتتشكل في أحيان كثيرة تحت الجبال والسهوب وعبر الحدود.

وغالبًا ما يقارن الخبراء المياه الجوفية بحساب توفير احتياطي للبشرية، اذ أن نحو نصف مياه الشرب العالمية، و40 بالمئة من احتياجات الزراعة، و30 بالمئة من استهلاك الصناعة يتم توفيرها من خلال المياه الجوفية.

وفي المناطق الجافة، تكون المياه الجوفية في كثير من الأحيان المصدر الوحيد للمياه. فالواحات والمناطق المحيطة بها والينابيع الطبيعية هناك تعتمد بالكامل على المياه الجوفية أيضا. وفي بعض مناطق العالم، يعاني الناس من نقص حاد في المياه، لأنهم يستهلكون المياه الجوفية بسرعة أكبر من سرعة تجددها بشكل طبيعي. ويُعد التلوث والإفراط في الاستعمال أكبر التهديدات لمصادر المياه الجوفية والنظم المرتبطة بها وكذلك للمليارات من البشر.

ويحدث التلوث عندما تتسرب المواد الكيميائية، والنفايات الصناعية، وبقايا الأسمدة الزراعية، ومياه الصرف الصحي وغيرها إلى باطن الأرض.

 ووفقًا للأمم المتحدة، فإن المياه الجوفية حول العالم لا تزال في حالة جيدة بشكل عام ويمكن استغلالها من دون قلق. ومع ذلك، يختلف الوضع إقليميًا بشكل كبير.

وأضحت المياه الجوفية أيضا عرضة للتلوث نتيجة المواد الكيميائية والنفايات الصناعية غير المعالجة، فضلا عن مياه الصرف الصحي والأسمدة الزراعية وغيرها.

 فعلى سبيل المثال، في إسبانيا، وإيران، والصين، والولايات المتحدة   تناقص مستويات المياه الجوفية بمعدل يصل إلى مترين سنويًا، ويُضطر هناك إلى حفر آبار أعمق باستمرار. وفي المقابل، لا يزال هناك الكثير من المياه تحت الأرض؛ وفي أفريقيا جنوبي الصحراء الكبرى، ففي تلك المناطق التي تعاني من الجفاف المتكرر، لا زال هناك إمكانيات هائلة لاستغلال احتياطيات المياه الجوفية الضخمة لتوفير المياه للناس والزراعة.

ويعاد تعبئة المياه الجوفية بشكل أساسي من خلال الأمطار أو ذوبان الثلوج. وبفضل الجاذبية يتسرب الماء إلى التربة ويستغل الشقوق والفراغات ويتجمع في خزانات جوفية. وفيما إذا كان هطول الأمطار فعليا يعيد تعبئة خزانات   المياه الجوفية، فإن ذلك يعتمد على كمية وزمن الهطول ونوع التربة.

ففي أوروبا على سبيل المثال قد يكون الهطول أكثر في بعض المناطق في فصل الصيف. لكن بسبب ارتفاع درجات الحرارة يتبخر قسم كبير من الماء على سطح التربة، فضلا عن أن النباتات تكون أكثر عطشًا في الصيف، وبالنتيجة لا يصل سوى القليل من الماء إلى الطبقات السفلية. أما في فصل الشتاء فتحتاج النباتات إلى ماء أقل ويقل التبخر، وعلى أساس ذلك تتجدد المياه في خزانات المياه الجوفية بشكل أسرع بالاعتماد على الأمطار.

قد يعجبك ايضا