آناهیتا حمو
و سير المؤتمر كان، بأنه لُقبَ بالديمقراطية رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه.
شهد المؤتمر الوطني لسوري في دمشق انتقادات لاذعة من قبل العديد من القوى السياسية، خاصة من المجلس الوطني الكوردي، الذي عبّر عن استياءه من تهميش المكونات السياسية والقومية في تحضير المؤتمر، ولا سيما ممثلي الشعب الكوردي. وقد أشار إبراهيم برو، عضو لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الكوردي، إلى أن المؤتمر افتقر للتشاور مع القوى المعارضة للنظام البائد، كما تم تنظيم الدعوات بطريقة عشوائية وغير منظمة، مما يعكس تهميشًا متعمدًا لحق المشاركة في بناء مستقبل سوريا.
المجلس الوطني الكوردي، من جانبه، أكد على ضرورة أن تكون الحكومة الانتقالية المقبلة شاملة لجميع المكونات السورية وتضمن تمثيلًا عادلًا لها في المؤسسات الحكومية، محذرًا من تكرار تجربة النظام البائد في تشكيل حكومة تقتصر على المقربين من السلطة. كما أكد المجلس دعمَه لأي عملية سياسية تسعى لبناء سوريا ديمقراطية خالية من الاستبداد والتمييز، مشددًا على ضرورة ضمان حقوق كافة المكونات السورية في الدستور والعدالة الانتقالية.
إلى جانب هذه الانتقادات المحلية، تكشف تطورات المؤتمر عن أبعاد خارجية تتعلق بالسياسات التركية في سوريا. إذ يظهر بوضوح أن هناك إملاءات تركية تسعى لتقويض الحراك الكوردي في سوريا وتصفية القضية الكوردية لصالح المصالح التركية. من خلال مؤتمر الحوار الوطني، تحاول تركيا، بقيادة الرئيس الحالي، تحقيق مصالحها الإقليمية على حساب حقوق الشعب الكوردي، مستغلة الموقف السوري المتأزم والضغوط الدولية لتمرير مخططات استراتيجية في المنطقة.
هذه المخططات التركية لا تتوقف عند حدود السياسة الإقليمية، بل تهدف إلى تحجيم مشروع الإدارة الذاتية الكوردية في غربي كوردستان، بل وربما تصفيته بشكل كامل. وبذلك، فإن المؤتمر الوطني السوري، على الرغم من كونه يبدو حدثًا سياسيًا عاديًا، إلا أنه يمثل جزءًا من محاولة تركيا استخدام الأزمة السورية لصالحها، عبر أداة سياسية تهدف إلى تغيير المعادلات في المنطقة بما يتوافق مع طموحاتها الإقليمية.
في النهاية، لا يُنظر إلى مؤتمر الحوار الوطني السوري باعتباره مجرد مناسبة عابرة، بل كأداة جديدة تُضاف إلى سلة أدوات تركيا في معركتها ضد القضية الكوردية. وهو ما يثير القلق حول مستقبل سوريا، ويؤكد الحاجة إلى حوار حقيقي وشامل، يضمن تمثيل جميع المكونات السياسية والقومية، بعيدًا عن الأجندات الخارجية التي تهدد الحقوق المشروعة للشعب السوري بشكل عام