حسو هورمي
في هذا السياق، يشير الباحث والقاضي العراقي هادي عزيز إلى المادة السادسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والتي تُعرّف “الإبادة الجماعية” بأنها أي من الأفعال الآتية تُرتكب بقصد إهلاك مجموعة قومية، إثنية، عرقية أو دينية بشكل كلي أو جزئي:
(أ) – قتل أفراد المجموعة.
(ب) -إلحاق ضرر جسدي أو نفسي جسيم بأفراد المجموعة.
(ج) -إخضاع المجموعة عمداً لظروف معيشية يُقصد بها التدمير الكلي أو الجزئي.
(د) – فرض تدابير تهدف إلى منع الإنجاب لدى المجموعة.
(هـ) – النقل القسري للأطفال إلى جماعات أخرى.
وعليه، إذا توفرت الشروط المذكورة أعلاه، تُصنّف الجريمة كإبادة جماعية. وعند تطبيق هذا الوصف على ما تعرض له الإيزيديون، نجد أن الأفعال التي طالتهم تتطابق تمامًا مع هذا التعريف.
الصورة الأولى: القتل الممنهج
الإيزيديون تعرضوا بالفعل لعمليات قتل منهجية، وفق التقارير الوطنية والدولية، مع سبق الإصرار على استهدافهم كجماعة. هذا السلوك المتعمد هو أولى صور الإبادة الجماعية.
الصورة الثانية: الأذى الجسدي والنفسي
الإيزيديون عانوا من أذى جسدي ونفسي بالغ، بما في ذلك التعذيب والاعتداءات الجنسية. من أبرز هذه الجرائم اغتصاب النساء الإيزيديات واستخدام العنف الجنسي ضدهن، ما أدى إلى مشكلات مستمرة مثل الحمل القسري وتحديد الوضع القانوني للمواليد. إضافة إلى ذلك، تم بيع النساء في أسواق نخاسة، في ممارسة تهدف إلى الحط من كرامتهن وتعميق الألم النفسي. وقد وُثقت هذه الجرائم في تقارير دولية ومؤتمرات متخصصة.
الصورة الثالثة: الإهلاك المعيشي
احتُجز العديد من الإيزيديين في جبل سنجار تحت ظروف قاسية تهدف إلى تدميرهم كجماعة. تم تقييد حصولهم على الغذاء والخدمات الطبية والاحتياجات الأساسية للحياة، مما أدى إلى وفاة عدد كبير منهم. هذا التدمير الممنهج موثق لدى المديرية العامة لشؤون الإيزيدية في كوردستان والأمم المتحدة.
الصورة الرابعة: نقل الأطفال قسرًا
تم فصل الأطفال الإيزيديين عن ذويهم قسرًا، خصوصًا من هم دون سن الثامنة عشرة، وإخضاعهم لعملية نقل إلى أماكن مجهولة. اقترن هذا الفعل بإرادة مسبقة تستهدف تغيير هوية هؤلاء الأطفال وقطع صلتهم بثقافتهم وعائلاتهم.
بالنظر إلى جميع هذه الصور، يتبين بوضوح أن الأفعال التي تعرض لها الإيزيديون تُعد جريمة إبادة جماعية وفقًا لقانون المحكمة الجنائية الدولية.
ملاحظات مهمة:
1. جريمة الإبادة الجماعية لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن. ومن هنا، فإن حماية الشهود والحفاظ على المقابر الجماعية يمثلان مسؤولية وطنية.
2. لا يُشترط في جريمة الإبادة الجماعية أن تؤدي فعليًا إلى القضاء الكلي أو الجزئي على الجماعة. يكفي أن يوجد القصد الجرمي لتحقيق الجريمة، كما قد يتحقق السلوك الإجرامي بقتل شخص واحد أو مجموعة صغيرة من الجماعة المستهدفة.
3. لا يُشترط في الضحايا من القتلى والناجين والنازحين أن يكونوا كبارًا أو صغارًا، رجالًا أو نساءً .
إستخدام مصطلحات محايدة في ابحاث ودراسات الإبادة
في دراسات الإبادة الجماعية، يُفضل استخدام مصطلحات مثل “المتهم” أو “المجرم” بدلاً من “العدو”، وذلك لعدة أسباب تتعلق بالحيادية العلمية والتركيز على الجوانب القانونية والأخلاقية. فمصطلح “العدو” يحمل دلالات سياسية وعاطفية قد تعكس الإبادة الجماعية كجزء من صراع متكافئ بين أطراف متضادة، مما قد يقلل من حدة الجريمة ويشوه طبيعتها. في المقابل، فإن استخدام مصطلحات مثل “المتهم” و”المجرم” يُوجه الانتباه نحو المسؤولية الجنائية والأخلاقية للأفراد أو الأنظمة التي ارتكبت هذه الجرائم، وذلك وفقًا للإطار القانوني الدولي، مثل اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948.
هذا التوجه اللغوي يعكس عدة مبادئ أساسية:
1. الحيادية العلمية: تجنب الانحياز أو تأجيج الخطاب العدائي، مما يساهم في تحليل موضوعي ودقيق للأحداث.
2. التركيز على العدالة: إبراز أن الفعل الإجرامي هو محور المحاسبة، وليس العلاقة العدائية بين طرفين، مما يعزز مبدأ المساءلة القانونية.
3. المسؤولية الفردية أو الجماعية: تعزيز فكرة أن المسؤولية تقع على عاتق مرتكبي الجريمة، سواء كانوا أفرادًا أو أنظمة ومنظمات إرهابية، مع الحفاظ على حقوق الضحايا وكرامتهم.
باختصار، هذا النهج اللغوي يسعى إلى ضمان تحليل دقيق ومتوازن للإبادة الجماعية، مع التأكيد على أهمية العدالة والمحاسبة في مواجهة هذه الجرائم.
تسمية ما ارتكبه داعش
ما ارتكبه تنظيم داعش ضد الإيزيديين في سنجار في 3 أغسطس/آب 2014 يجب أن يُسمى بشكل صحيح ودقيق ليعكس طبيعة الجريمة المرتكبة. التسمية الصحيحة هي:
جريمة الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين في سنجار.
هذه التسمية تعكس بشكل واضح وحقيقي ما حدث، حيث استهدف تنظيم داعش الإيزيديين بشكل ممنهج بهدف تدميرهم كجماعة دينية وثقافية. الجرائم التي ارتكبها تشمل القتل الجماعي، الاستعباد الجنسي، التهجير القسري، وتدمير ثقافتهم وهويتهم الدينية،وقد استُخدمت هذه الانتهاكات كأدوات لإبادة الجماعة الإيزيدية ككل، مما يجعل هذه الجرائم إبادة جماعية بكل معنى الكلمة وهي أفعال تُصنف ضمن إطار الإبادة الجماعية وفقًا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948.
لماذا هذه التسمية بالذات؟
1. توافق مع المعايير الدولية: الجرائم التي ارتكبها داعش تُلبي تعريف الإبادة الجماعية كما ورد في القانون الدولي.
2. تركيز على الضحايا: التسمية تُعطي الأولوية لضحايا الجريمة وتُظهر طبيعة الجريمة المرتكبة ضدهم.
3. مساءلة الجناة: استخدام مصطلح “الإبادة الجماعية” يُعزز المطالبات بمحاسبة الجناة وفقًا للقانون الدولي.
4. منع التخفيف من الجريمة: التسميات الأخرى قد تُقلل من خطورة الجريمة أو تُشوه طبيعتها.
ومع ذلك، تُستخدم أحيانًا تسميات أخرى لهذه الجريمة من قبل جهات إعلامية أومنظمات مدنية أو حكومية، سواء بقصد أو دون قصد، وهي تسميات غير دقيقة وقد تضر بالقضية الإيزيدية. من بين هذه التسميات الخاطئة والتي يجب تجنبها:
غزوة سنجار
فاجعة شنكال
كارثة شنكال
أحداث شنكال
جريمة سنجار
اجتياح شنكال
سقوط سنجار
احتلال سنجار
مأساة سنجار
مجزرة سنجار
نكبة الإيزيديين
جينوسايد شنكال
هذه التسميات، وإن كانت تحمل دلالات على الألم والمعاناة، إلا أنها لا تعكس الطبيعة القانونية والدولية للجريمة، وهي الإبادة الجماعية.
عليه فإن استخدام التسميات الخاطئة قد يُقلل من خطورة الجريمة أو يُشوه طبيعتها، مما يُضعف المطالبات بالعدالة والمساءلة. لذلك، من الضروري التأكيد على التسمية الصحيحة، وهي “جريمة الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين في سنجار”، لضمان الاعتراف الكامل بخطورة ما حدث ولتعزيز الجهود الدولية لمحاسبة الجناة.
الخلاصة:
التسمية الصحيحة والدقيقة كما ذكرنا ،هي “جريمة الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين في سنجار”، وهي تسمية تعترف بخطورة الجريمة وتُعزز المطالبات بالعدالة والمساءلة للضحايا والناجين.
علاوة على ذلك، فإن الاعتراف بهذه الجرائم كإبادة جماعية ليس فقط مسألة قانونية، بل هو أيضًا خطوة أخلاقية وإنسانية نحو تحقيق العدالة للضحايا والناجين، وتعزيز حقوق الإنسان، ومنع تكرار مثل هذه الجرائم في المستقبل.
اعترافات وإقرارات دولية بجريمة الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين
خلال العقد الماضي، شهد العالم اعترافات وإقرارات مهمة من قبل برلمانات وحكومات ومؤسسات أممية ومنظمات دولية، تؤكد أن ما ارتكبه تنظيم داعش ضد الإيزيديين يعد جريمة إبادة جماعية. هذه الاعترافات تمثل خطوات حاسمة نحو دعم العدالة الدولية، والإقرار بالمأساة الإنسانية التي عانى منها الشعب الإيزيدي. كما أنها تعزز الجهود الدولية الرامية إلى محاسبة مرتكبي هذه الجرائم وضمان عدم تكرار مثل هذه الفظائع في المستقبل.
من بين هذه الدول والمؤسسات التي اعترفت بجريمة الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين:
مجلس حقوق الانسان الامم المتحدة 1-9-2014
البرلمان الاوربي 2014.11.27 ( صدر ت لحد الان اكثر من 9 قرارات).
المفوضية السامية لحقوق الانسان في الامم المتحدة. 3.27 2015
مجلس الشيوخ الامريكية 15-3-2016
البرلمان البريطاني 20-4-2016 والحكومة البريطانية 1 -8-2023
فرنسا 26-5- 2016
الرابطة الدولية لعلماء الجينوسايد 2016.06.16
كندا 17-6-2016
اسكتلندا 23-3-2017
ارمينيا 17-1-2018
استراليا 26-1- 2018
برلمان أقليم كوردستان العراق 3-8-2019
برتغال 29-11- 2019
هولندا 6-1-2021
15.مجلس النواب العراق و الحكومة العراقية 1-3-2021 من خلال قانون الناجيات.
هيئة التحقيق الدولية ” “ UNITAD 10-5-2021
بلجيكا 15-7- 2021
لوكسمبورغ 19-11- 2022
المانيا 19-1-2023 .
سويسرا 2024-12-17
هذه الاعترافات والإقرارات الدولية ليست مجرد خطوات رمزية، بل هي دعوات قوية لتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا، وتعزيز الجهود الدولية لمحاسبة الجناة وضمان عدم إفلاتهم من العقاب. كما أنها تسلط الضوء على أهمية تعزيز التعاون الدولي لحماية الأقليات ومنع تكرار مثل هذه الجرائم في المستقبل.
عناصر داعش أمام المحاكم: خطوات نحو تحقيق العدالة
1: أول إجراء قضائي رسمي في العالم على صلة بممارسات ارتكبها تنظيم داعش الارهابي ضد الإيزيديين، ففي تطور قضائي استثنائي، اعتبرت المحاكم الألمانية أن الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش بحق الإيزيديين تُشكل إبادة جماعية. ففي 30 نوفمبر 2021، أصدرت المحكمة العليا في فرانكفورت حكماً بالسجن المؤبد على العراقي طه الجميلي (38 عاماً)، بعد إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية ضد الإيزيديين.
بحسب وثائق المحكمة، انضم الجميلي إلى تنظيم داعش في مارس 2013، وتقلد عدة مناصب في صفوف التنظيم، خاصة في مدينة الرقة السورية، التي كانت تُعد معقل التنظيم الأساسي، إلى جانب نشاطاته في العراق وتركيا. اعتُقل الجميلي في اليونان قبل أن يتم ترحيله إلى ألمانيا لمحاكمته.
وفي سياق متصل أصدرت المحكمة العليا في ميونخ حكماً آخر في 25 أكتوبر 2021 بسجن الألمانية جينيفر دبليو (30 عاماً وهي زوجة طه الجميلي) لمدة عشر سنوات بعد إدانتها بالمشاركة في ترك فتاة إيزيدية تموت من العطش في العراق.
2.إدانة امرأة ألمانية باستعباد ضحية إيزيدية.
في 21 يونيو 2023، حكمت محكمة كوبلنز الإقليمية العليا بسجن الألمانية “نادين ك” (37 عاماً) لمدة تسع سنوات وثلاثة أشهر، لضلوعها في استعباد وإساءة معاملة امرأة إيزيدية.
أُدينت نادين ك. بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والمساعدة في ارتكاب إبادة جماعية. وفقاً لتفاصيل المحكمة، كانت نادين ك. وزوجها من أعضاء التنظيم الإرهابي، وأجبرا الضحية (المشار إليها باسم “ن”) على العمل كـ “عبدة منزلية” خلال فترة إقامتهما في العراق وسوريا.
أدلت الناجية “ن” بشهادتها أمام المحكمة، موضحةً أنها تعرضت للاغتصاب والعمل القسري على مدار ثلاث سنوات مريرة. وأشارت إلى أنها قُدمت كهدية لزوج نادين ك. عام 2016، حيث عانت بشكل مروع من الانتهاكات الإنسانية المتواصلة في مواقع مختلفة بالعراق وسوريا.
قال محامي الضحية إنه على الرغم من أن ” نادين ك” كانت تدرك تماماً معاناة الضحية، إلا أنها لم تتدخل لوقف هذه الانتهاكات، بل ساهمت، من خلال سلوكها القاسي، في ترسيخ أيديولوجية التنظيم المتطرف وتعزيزها.
شهادة الناجية الإيزيدية “ن”
أوضحت الناجية “ن” من خلال بيان أصدره محاميها أن محاكمة الجناة ليست مهمة لأجلها فقط، بل تمثل ضرورة ملحة لكامل المجتمع الإيزيدي. وقالت: “نسعى لتحقيق العدالة لأنفسنا ولأجيالنا القادمة، فبدونها لا يمكننا معالجة ما حدث لنا كأفراد وكجماعة مضطهدة، العدالة ليست مطلباً شخصياً فحسب، بل إجراء أساسي لمنع تكرار جرائم الإبادة الجماعية.”
قصة انضمام نادين ك. إلى تنظيم داعش
تشير التحقيقات إلى أن نادين ك. تبنّت الفكر المتطرف أثناء دراستها في إحدى جامعات ولاية شمال الراين بألمانيا. وفي ديسمبر 2014، توجهت برفقة زوجها إلى سوريا للانضمام الى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وفي عام 2015 ، انتقل الزوجان إلى الموصل ، العراق ، التي استولت عليها قوات داعش.
يُعتقد أن زوج نادين ك. كان يعمل طبيباً لعناصر تنظيم داعش، بينما كانت هي تتولى شؤون الأسرة ورعاية ابنتيهما. ويُزعم أيضاً أن الزوجين قاما بتخزين أسلحة في منزلهما.
عاد الزوجان إلى سوريا في أواخر عام 2016، واصطحبا معهما أسيرة إيزيدية واستمر وجودهما في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش في سوريا حتى مارس/آذار 2019، حينما ألقت القوات الكردية القبض عليهما.
عادت نادين ك. إلى ألمانيا في مارس 2021، حيث تم اعتقالها من قبل السلطات الأمنية فور وصولها إلى مطار فرانكفورت الدولي.
3: في 14 فبراير 2023، مثلت أمام محكمة روتردام في هولندا إحدى المتهمات بالانتماء لتنظيم داعش الإرهابي وارتكابها جرائم بحق المجتمع الإيزيدي. وُجِّهت إليها اتهامات تتعلق باستعباد النساء الإيزيديات والمشاركة في تجارة الرق، بما في ذلك بيع النساء الإيزيديات لعناصر التنظيم المعروف بـ”الدولة الإسلامية في العراق والشام”. كما شملت الاتهامات ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
ووفقاً لإحصائيات جهاز المخابرات والأمن العام الهولندي (AIVD)، غادرت 100 امرأة حاملة للجنسية الهولندية منذ عام 2014 إلى المناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش في العراق وسوريا بهدف الانضمام إليه. وقد عاد بعضهن بشكل فردي وطوعي، فيما قُتلت أخريات أو فررن أثناء فترة الصراع.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أُعيدت 12 امرأة منتمية لداعش ويحملن الجنسية الهولندية إلى البلاد من شمال سوريا. وبحسب السلطات القضائية الهولندية، ستتم محاكمتهن جميعاً بتهمة الانتماء للجماعة الإرهابية وما اقترفن من جرائم ضد الإيزيديين.
4:محكمة سويدية تقر بالإبادة الجماعية للإيزيديين في سابقة قضائية هي الأولى من نوعها في السويد، أصدرت محكمة ستوكهولم اليوم الثلاثاء، الموافق 11 فبراير 2025، حكمًا تاريخيًا يقضي بسجن المواطنة السويدية لينا إسحاق لمدة 12 عامًا بتهمة ارتكاب بادة جماعية و جرائم ضد الإنسانية ضد الإيزيديين.
وأكدت المحكمة في حيثيات الحكم أن لينا إسحاق قامت باستعباد ستة أطفال وثلاث نساء إيزيديات خلال شتاء وربيع عام 2015 في منزلها بمدينة الرقة، التي كانت آنذاك عاصمة ما يُسمى بـ خلافة داعش في سوريا. وكشفت التحقيقات أن الضحايا تعرضوا للاعتقال خلال الهجوم الذي شنه تنظيم داعش على منطقة سنجار في أغسطس 2014، ثم نُقلوا قسرًا إلى سوريا، حيث وقعوا ضحايا لانتهاكات جسيمة.
هذا الحكم يُعد اعترافًا قضائيًا بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين، وهو أمرٌ يُعزز الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق العدالة للضحايا ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم. كما يُسلط الضوء على أهمية الاعتراف القانوني بالإبادة الجماعية التي تعرض لها الإيزيديون، والتي شملت القتل الجماعي، والاستعباد الجنسي، والتهجير القسري، وغيرها من الانتهاكات الممنهجة التي تستهدف تدمير هذه الجماعة الدينية.
تشكل هذه الأحكام القضائية خطوة محورية نحو تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا، وتعزيز الجهود الدولية لمساءلة مرتكبي جرائم تنظيم داعش.
فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (يونيتاد)
تشكّل فريق التحقيق الأممي بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2379 الصادر عام 2017 بهدف دعم جهود العراق في محاسبة مرتكبي الجرائم البشعة من أعضاء تنظيم داعش. وتم تكليف الحقوقي كريم أسعد خان برئاسة هذا الفريق بصفته مستشارًا خاصًا، حيث عمل بالتنسيق مع الحكومة العراقية لجمع الأدلة الوثائقية والرقمية والشهادات والمواد الجنائية التي تثبت الفظائع التي ارتكبها التنظيم الإرهابي في العراق.
ومع صدور قرار مجلس الأمن رقم 2697 بتاريخ 15 سبتمبر 2023، الذي ينهي ولاية فريق التحقيق “يونيتاد” بحلول 17 سبتمبر 2024، سلط الفريق في تقريره الأخير الضوء على دوره المحوري في تعزيز المساءلة الدولية عن الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش وضمان تحقيق العدالة لضحايا هذه الجرائم، خاصة عبر دعمه للجهود المحلية في الدول الثالثة.
خلال فترة عمله، تلقّى فريق “يونيتاد” 302 طلب مساعدة من 21 دولة لدعم تحقيقاتها ومحاكماتها ضد عناصر التنظيم. وقد ركّز الفريق على ضمان استخدام الأدلة التي جمعها في المحاكم الوطنية بأوسع شكل ممكن. شمل الدعم المقدم تحديد مواقع الشهود وإجراء المقابلات معهم، وتوفير أدلة من أرشيف الفريق، بالإضافة إلى تقديم شهادات خبراء. وكان لهذا الدعم أثر ملموس، إذ ساهم في المضي قدمًا في 19 قضية على الأقل في دول مختلفة، مما أسفر عن إصدار لوائح اتهام وتحقيق 15 إدانة حتى الآن، مع استمرار التحقيقات في قضايا أخرى.
من أبرز الإدانات التي تم تحقيقها على المستوى الدولي:
– إدانة أحد عناصر تنظيم داعش في ألمانيا عام 2021 بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، بعد استعباده امرأة يزيدية وابنتها والتسبب في وفاة الطفلة بعد تقييدها في درجات حرارة مفرطة.
– إدانة عضوة في التنظيم في السويد عام 2022 بجرائم حرب لإهمال دورها كوصية قانونية على ابنها البالغ من العمر 12 عامًا، ما جعله ضحية للتجنيد كجندي طفل من قبل التنظيم، حيث لقي حتفه لاحقًا.
– إدانة عنصر آخر من التنظيم في البرتغال عام 2024 بجرائم حرب إثر تورطه في اختطاف وجلد مدني في الموصل، بالإضافة إلى إدانته وشقيقه بالانتماء إلى منظمة إرهابية.
تُبرز هذه الإنجازات الجهود الدولية المتواصلة لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم وضمان تحقيق العدالة للضحايا.