فاضل ميراني*
ايا تكن او كانت الاحداث التي اعترت مسيرة ايران بعد الثورة الاسلامية، فهي لم تزد المنظومة الا قوة و ثباتا، انشق عنها رئيس و تم استهداف رئيس، وقبل ايام فقدت رئيسا، لكنها سريعة الاستيعاب للحدث جاهزة للبديل.
هذه صورة قريبة للذهن و الوقت لمن يريد ان يعرف الفرق بين مأسسة الدولة و بين هجين الانظمة و التطبيقات، و ايران في هذه النقطة الحساسة و المفصلية هي دولة مؤوسسات، اتفق معها من اتفق او اختلف معها مُخْتلف.
العقلية السياسية الايرانية عريقة، و مصالح ايران السياسية امر لا يعيب الدولة، فالدول الذكية تترك هوامش مرونة و كواليس التقاء و تحسب قواها و تحدد نقاط ضعفها و تعالجها و تحدد قوى الاخرين و مناطقهم الهشة، اذ ليس مبررا لسياسي حاكم ان يهمل مشروعا بضخامة مشروع الحكم مستسلما للظنون و متصرفا على اوهام القوى و الضعف التي يسوقها الرأي العام اذا ماكان ذاك الرأي مصابا بالعشو و ضعف البصيرة.
اتكلم تحديدا عن السيستم الايراني الذي نعرفه منذ ثورة اية الله الراحل خميني، و هذا السيستم و بعيدا عن الدعايتين الثورية المؤيدة او المضادة له، سيستم لا يغادر الدستور و ليس انتقائيا في قضايا صيانة و ادامة النظام، لم يهتز بأنشقاق ابي الحسن بني صدر اول رئيس للجمهورية، و لم يرتبك بأغتيال الدكتور محمد علي رجائي ثاني رئيس للجمهورية ومعه محمد جواد باهنر، و لا تراجع عن دربه يوم تم نسف مقر حزب الجمهورية الاسلامية، و قبل ذلك محاولة اغتيال المرشد الحالي اية الله علي خامنئي، و لا امام عشرات عمليات الاغتيال، و لا حتى الحرب العراقية الايرانية.
لقد ادرك العقل السياسي للثورة الاسلامية الحاجة الحيوية لمواجهة الظروف مهما كانت عسيرة، بكوادر تديم المشروع الكبير الذي لا يصح ان يتوقف على فرد، ولذا فقد اختط و طبق النص الدستوري و اشتق منه القانون و الانظمة و اللوائح البيّنة و الممارسة السلسة السريعة التي هي مثار اعجاب، حيث العملية المستدامة التي تحول دون تعطل المصالح.
حياتيا و عاطفيا لا موانع من التعبير عن الحزن على الحادث المؤلم، لكن الفكر و الجهد و البديل حاضر كله في كل مفاصل الكيان السياسي الايراني.. العقيدة السياسية و عقلية الحكم لها ما لها و عليها ما عليها، ذلك موضوع آخر، و هو امر يطال كل الانظمة، لكن موضوعة سرعة المبادرة لمعالجة حدث قد يمس سيستم النظام امر بيّنة معالمه في الفكر الايراني السياسي، فلقد وفرت الارادة باكرا مراكز التفكير و الممارسة الانتخابية و توزيع القوى و عناصرها بما يتوافق مع النموذج الايراني للثورة، اي الثورة التي تقدم منظومة حكم بمواصفاتها هي و بفهمها هي لمضمون و دوام مؤوسساتها، وان احد اسرار دومها هي عقلية المواكبة و مرونة الاداء و الاحتفاظ بعناصر القوة السيادية التي جعلتها دولة مؤثرة في العالم، وامام هذا الدور الضخم فأن الارتباك هو ابعد و اخر ما تحتاجه دولة لدوامها.
مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني.