صادق الازرقي
تشكل عملية توفير المياه الصالحة للشرب للسكان قضية مفصلية لارتباطها بحياة البشر من جهة، وتوفيرها مصدر آمن للتزود بالمياه الصالحة للاستعمال من جهة اخرى.
ويرتبط تلوث المياه وتردي خدمات الصرف الصحي بانتقال أمراض مثل الكوليرا والإسهال والزحار والتهاب الكبد A والتيفوئيد وشلل الأطفال.
وبحسب المصادر الصحية الدولية، يعرّض انعدام خدمات المياه والصرف الصحي أو عدم توافرها بالقدر الكافي أو سوء إدارتها صحة الأفراد لمخاطر يمكن تلافيها؛ وينطبق ذلك بصفة خاصة على مرافق الرعاية الصحية اذ يُعرَّض المرضى والموظفون لمزيد من مخاطر الإصابة بالعدوى والمرض عندما تنعدم خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية.
واستنادا الى البيانات الدولية في عام 2021، يعيش أكثر من ملياري شخص في بلدان تفتقر إلى المياه، مع توقع أن يتفاقم الوضع سوءاً في بعض المناطق نتيجة تغير المناخ والنمو السكاني.
وفي عام 2022، يستعمل ما لا يقل عن 1,7 مليار شخص مياه الشرب من مصادر ملوثة بالبراز، ويشكّل تلوث مياه الشرب بالميكروبات نتيجة تلوثها بالبراز الخطر الأكبر على نقاء مياه الشرب.
وفي حين تنجم أهم المخاطر الكيميائية التي تتعرض لها مياه الشرب عن الزرنيخ أو الفلوريد أو النترات، فإن الملوثات المستجدة ومنها المستحضرات الصيدلانية والجسيمات البلاستيكية الدقيقة تثير قلق الجمهور.
ويسهل توافر المياه المأمونة والكافية ممارسة تدابير النظافة الصحية التي تكتسي أهمية حاسمة ليس للوقاية من أمراض الإسهال فحسب، بل للوقاية أيضاً من حالات العدوى التنفسية الحادة وكثير من أمراض المناطق المدارية المهملة، ويمكن أن تنقل مياه الشرب الملوثة بالميكروبات أمراضاً وتسبّب ما يُقدّر بنحو 505 آلاف وفاة ناجمة عن الإسهال في كل عام.
وفي عام 2010، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة صراحة بحق الإنسان في المياه والمرافق الصحية، فكل فرد له الحق في الحصول باستمرار على قدر كاف ومأمون ومقبول وممكن مادياً وميسور التكلفة من المياه للاستعمال الشخصي والمنزلي.
ان الغاية الرئيسة من أهداف التنمية المستدامة تتمثل في حصول الجميع بشكل منصف على مياه الشرب المأمونة والميسورة التكلفة. ويجري تتبع تحقيق هذه الغاية عن طريق المؤشر المتعلق “بخدمات مياه الشرب التي تُدار بطريقة مأمونة” أي مياه الشرب من مصادر مياه محسنة متوافرة في أماكن استغلالها عند الضرورة وغير ملوثة بالبراز والمواد الكيميائية ذات الأولوية.
وفي العراق على وجه الخصوص نعاني من تبعات تلوث المياه بصورة كبيرة، اذ تجري عملية القاء مخلفات المستشفيات والمؤسسات الصحية في مياه الانهار، كما يجري تصريف المياه الثقيلة ومياه الصرف الصحي في الانهار والجداول في ظل غياب المراقبة والقوانين العقابية على تلك التصرفات، التي تعد بمنزلة الجرائم؛ كما يبرز التقصير في مجال انشاء محطات تحلية المياه فيتناول الناس ماء مالحا مثلما هو الحال في كثير من مناطق جنوب العراق.
ان الحاجة ماسة لإنشاء محطات تحلية الماء ويجب ان يعد ذلك في صلب اهتمامات الدولة لتأثير ذلك المباشر على حياة السكان، مع مراعاة تقليل الانبعاثات الناتجة عن محطات التحلية الى اقل حد ممكن، وبالتأكيد فان التطورات العلمية تؤمن لنا تحقيق ذلك باستعمال الطاقة النظيفة غير المؤذية للبيئة.