صادق الازرقي
من المعلوم أن العواصف الترابية التي تكاثرت في العراق في السنوات الاخيرة، جاءت بفعل انهيار الغطاء النباتي من جهة، وانعدام المشاريع المتعلقة بمنع انجراف الصحراء، ومن ذلك مشاريع الغابات وتثبيت الكثبان الرملية لإيقاف زحف الصحراء نحو المدن.
وتصنف المعلومات الجغرافية، الصحراء كعامل مقوض لنقاوة مناخ العراق، اذ تمتد الصحراء الغربية على مساحة شاسعة تقدر بنحو 23% من مجموع مساحة العراق، وتمتاز بسطحها المتموج مع تواجد بعض التلال الصغيرة وعدد كبير من الوديان؛ ونظراً لانحدار أراضيها وفقر نباتها الطبيعي فهي معرضة للتعرية الشديدة.
وبما أن الرياح السائدة في العراق من منتصف حزيران، وحتى منتصف أيلول، تهب من الشمال الغربي في الأعم فإن مدنه الرئيسة بما فيها العاصمة بغداد تكون مهددة بالزحف الصحراوي وعواصف التراب؛ وذلك يستدعي اتخاذ سياسة بيئية فاعلة فيما يتعلق بالتصرف إزاء الصحراء ومن ذلك العمل قدر الإمكان على زراعتها بالغطاء النباني وتثبيت الكثبان الرملية.
ويجري ذلك على وفق العلوم الزراعية، بخلق نوع من الحواجز الأمامية والدفاعية؛ وهي حواجز أولية تؤدي دوراً هاماً في تخفيف سرعة الرياح باقامتها في مهب الرياح، و إنشاء مصدات صغيرة للرياح؛ ويشترط إنشاؤها على مسافة تتراوح ما بين 200-300م تقريباً عن المنطقة المنوي حمايتها.
أما زراعة أنواع خاصة من الأشجار لتغطية الكثبان الرملية، فهي وسيلة دائمة، وتعتمد على إقامة غطاء شجري فوق الكثبان الرملية؛ ما يساعد على زيادة قوة التماسك بين حبيبات الرمال؛ ومن أكثر أنواع الشجر المستعملة في هذا النوع هي شجرة الأكاسيا صنف ساليجنا، وهي كثيفة الاوراق، واسعة الظل سريعة النمو تتحمل الجفاف والحرارة المرتفعة والتربة المالحة، وكذلك يتواجد الاثل، والشجرتان دائمتا الخضرة.
كما يمكن الحفاظ على البيئة ومنع انجراف التربة وتعريتها بفعل الرياح الشديدة، بزراعة أشجار النخيل لأنها من أفضل أنواع الأشجار في مقاومة الزحف الصحراوي، وتسهم في ذلك عن طريق جذورها القوية التي تمتد أفقياً لمسافة عشرة أمتار، التي تعمل على تثبيت التربة وإيقاف زحف الكثبان الرملية.
وبالتأكيد فإن فسائل النخيل تتوفر بصورة واسعة في العراق بالامكان استعمالها فهي بمنزلة حزام أخضر في الصحراء، ولطول جذوع النخيل فإنها تعمل على صدّ الرياح حول المزارع والمناطق المكشوفة، كما تسهم أيضاً في تحسين الطبيعة الصحراوية وتكثيف الغطاء الأخضر فيها نظراً لتحمّلها ملوحة التربة والحرارة العالية، كما أنّ زراعة أشجار معمّرة مع أشجار النخيل، وأيّ أشجار أخرى يوفّر كثيرا من عمليات التسميد، والري، وحراثة التربة وغيرها.
ويسهم النخيل أيضاً في حماية المدن والقرى بمنع زحف الرمال إليها، فهي تمنع من انجراف الرمال مع هبوب الرياح إلى الأماكن السكنية، وتعمل على تلطيف حرارة جو المدن والقرى في فترات الصيف الحارّة، والتخفيف من هبوب الرياح في الشتاء البارد.
و برأينا إن التوجه للتعامل بصورة مثلى مع البيئة الصحراوية في العراق ومنعها من التوسع، يستوجب وضع التخطيط السليم لمشكلة التصحر، مثلما فعلت دول أخرى تفوقت في هذا المضمار ومنها الصين والسعودية ودول كثيرة فيها طبيعة صحراوية، وقطعا فإن الثروات المادية والبشرية في العراق متوافرة، والنجاح يتحقق بحسن النية ومباشرة العمل.