ارهاصات بيئية … مولدات الكهرباء مصدرا للتلوث والامراض

صادق الازرقي

برغم مرور عشرين عاما على اسقاط النظام المباد والتغيير الذي اعقبه لم تزل مولدات الشارع تنتشر بصورة لافتة، بسبب عجز الإجراءات الحكومية لاسباب شتى عن بناء منافذ الطاقة الكهربائية وتوفير الطاقة النظيفة للسكان.

وبالطبع فان مولدات الشارع لم تزل تنفث سمومها على مدار الساعة مسببة تلوث الهواء وانتشار الامراض، من بينها امراض خطيرة تهدد حياة السكان، فيما لم يتصرف المسؤولون بروح الشعور بالمسؤولية لوضع حد لهذه الظاهرة وتحقيق التحول الكامل الى الطاقة النظيفة لتوليد الكهرباء، حفاظا على صحة وحياة الناس.

يحدث هذا برغم تحذيرات العلماء والمتخصصين في العالم ومن بينها تحذيرات باحثين بريطانيين مثلا من أنهم اكتشفوا كيف يؤدي تلوث الهواء إلى الإصابة بالسرطان، في اكتشاف يغير فهمنا تمامًا لكيفية ظهور الأورام. وركز علماء معهد “كريك” على شكل من أشكال التلوث يسمى المواد الجسيمة 2.5 المعروفة باسم PM2.5 ، وهي أصغر بكثير من قطر شعرة الإنسان ومصادر انبعاثها متعددة مثل مولدات الكهرباء المشغلة بالوقود ومنه الديزل والبنزين والاحتراق غير الكامل للمواد، وانبعاثات السيارات، و حرق القمامة في بعض الدول والمحروقات الزراعية،  وتفاعلات كيميائية في الغلاف الجوي، وانبعاثات المصانع، حرائق الغابات …الخ. و إذا كان التعرض لها لمدد زمنية طويلة فقد تكون لها آثار خطيرة مثل أمراض السرطان وامراض الرئة المزمنة وأمراض القلب والدم، وبحسب احصائية منظمة الصحة العالمية فان تقدير الوفيات المبكرة وصل الى 4.2 مليون  حاله في العالم عام 2016 بسبب هذه الملوثات الهوائية.

يذكر ان دراسة أجراها باحثون في الجامعة الأمريكية في بيروت بينت أن تركيز الملوثات القوية في الغلاف الجوي يرتفع في المناطق الحضرية بلبنان في أثناء أوقات الذروة  لتشغيل مولدات الديزل، مشيرة الى ان هذه الملوثات عبارة عن مواد مسببة للسرطان والتشوهات، وهي نوع من الغازات يسمى الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات (PAH) التي تنتج عن حرق الوقود الأحفوري. ويقارب معدل تلوث الهواء في بيروت ضعف الحد الآمن للتلوث الذي وضعته وكالة حماية البيئة الأمريكية وهو 12 ميكروجرامًا لكل متر مكعب.

ورصدت الدراسة 184 مبنى و109 مولدات بمنطقة “الحمرا” في بيروت دقيقة بدقيقة لمدة نحو أسبوعين في كل موقع على مدار السنة، واستعمل الفريق أجهزة لرصد الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات لتسجيل نوعية الهواء، وقام بتحليل البيانات عن طريق بناء انموذج ثلاثي الأبعاد لمحاكاة تدفق الهواء وتوزيع الملوثات؛ وخلص الفريق إلى أن نحو 40٪ من الهيدروكربونات العطريةتبىل الملوثة في الغلاف الجوي بمنطقة الحمرا تصدر من المولدات.

ان الخطورة التي يشكلها تواصل العمل بمولدات الشارع وكذلك المولدات المنزلية،  التي تنتشر بصورة كبيرة لاسيما في العاصمة بغداد وفي مراكز المدن يملي على الجميع التحلي بالشعور بالمسؤولية والإسراع بحل إشكالية توفير الكهرباء بالتفعيل الفوري للاتفاقيات التي عقدتها الحكومة العراقية مع الشركات الأجنبية المختصة بالطاقة والكهرباء؛ من اجل توفير الكهرباء على مدار الساعة وإلغاء الكابوس الجاثم على صدور الناس الذي يتسبب في مشكلات صحية خطيرة، فلم يعد السكوت عن هذا الوضع المزري مقبولا وبخاصة مع الأرقام التي تترى التي تبين زيادة معدلات الإصابة بالسرطان في العراق.

 

قد يعجبك ايضا