التعليم من أجل التنمية المستدامة ومنافعه للجامعة

 

ترجمة: هاشم كاطع لازم**

تبنت الأمم المتحدة (أجندة عام 2030 للتنمية المستدامة). ومن أجل تنفيذ هذه الأجندة لابد من بذل جهود دولية وأبداء تعاون مشترك من مختلف البلدان. وبهدف تحقيق مثل هذا الهدف يبرز الدور المهم الذي يضطلع به قطاع التعليم العالي.

وحين تبنت الأمم المتحدة أهداف التنمية المستدامة SDGفي عام 2015 بادرت قطاعات مختلفة لمناقشتها على الفور ومنها قطاع التعليم. وفي ضوء ذلك أنهمك الأساتذة الجامعيون والباحثون العلميون في السنوات القليلة الماضية في حوارات متواصلة حول كيفية استفادة الجامعات من التعاطي بجد مع أهداف التنمية المستدامة وكذلك من خلال المساهمة في هذا الشأن نظريا وعمليا.

ومع أقترابنا من موعد تحقيق أجندة أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 بات واضحا أن تحقيق مثل هذه الأهداف لايمكن ان يحصل دون أن يكون لقطاع التعليم دور ريادي في ذلك. وعلى أثر ذلك أصبح للتعليم من أجل التنمية المستدامة EDs دور فاعل للغاية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وقد تجلى ذلك بكل وضوح في هدف التنمية المستدامة الرابع الذي يدعو الى (التعليم النوعي الذي يتسم بالجودة والشمولية والأنصاف مع أتاحه الفرصة للتعلم مدى الحياة للجميع دون استثناء).

مع ذلك يمكن للمؤسسات التعليمية العليا أن تتحمل مسؤولية أكبر وتسهم بشكل أفضل بهدف الوصول الى أهداف التنمية المستدامة على أختلاف أنواعها. وأذا ما استعرضت اهداف التنمية المستدامة فأنك سوف تدرك على الفور بأن الهدف رقم 9 الذي يتعلق بالصناعة والبنى التحتية والأبتكار ، والهدف رقم 12 الذي يهتم بالأنتاج المسؤول والأستهلاك ، والهدف رقم 13 الذي يتعلق بالمناخ لايمكن لها جميعا أن تتحقق من دون الأسهام  المباشر الواعي والأيجابي من لدن مؤسسات التعليم العالي.

دور الجامعات في أنجاح أهداف التمية المستدامة

لاشك ان جوهر وظيفة اية مؤسسة علمية عليا يتمثل في تزويد الشباب بالتعليم ذي الجودة العالية. من هنا تؤدي الجامعات دورا اساسيا في تدريس الجيل الشاب مواضيع تغطي طيفا واسعا من التحديات الأجتماعية والأقتصادية والبيئية العالمية التي تواجه عالم اليوم. أضف الى ذلك ان الجامعات تحظى بالثقة ولمواقفها الحيادية في أطار المجتمع الذي توجد فيه ، وهي بذلك تتولى مسؤولية التشديد على أهمية أهداف التنمية المستدامة فضلا عن دورها الكبير في تنفيذ تلك الأهداف من خلال الأجراءات الآتي ذكرها:

1.البحث العلمي: حيث تصدر عن الجامعات المعرفة البحثية والأبتكارات والحلول ذات الصلة بأدخال أهداف التنمية المستدامة حيز التنفيذ. ولأن الجامعات تتلقى الموارد المالية المخصصة لدعم البحث العلمي من القطاعين الحكومي والخاص بهدف ايجاد الحلول المباشرة أو غير المباشرة للقضايا العالمية فأنها بدورها تتولى مسؤولية توفير التدريب الرصين بشقيه الأكاديمي والمهني الذي يساعد على تحقيق اهداف التنمية المستدامة.

  1. الثقافة المؤسساتية: في هذا الخصوص يساهم الأساتذة الجامعيون في مساعدة الطلبة على تأسيس النوادي والشبكات والقيام بالحملات والمشاريع التي تسلط الضوء على أهمية دور الطلبة في المجتمع. من هنا لابد من أتاحة الفرصة للطلبة ليكونوا فاعلين في خلق بيئتهم التعليمية الخاصة بهم فضلا عن توفير الأجواء لهم ليساهموا مع الآخرين في تنفيذ اهداف التنمية المستدامة.
  2. القيادة الخارجية: تتولى الجامعات رفع مستوى الوعي المتعلق بأهداف التنمية المستدامة من خلال تنظيم المحاضرات العامة أو المساهمة في النشاطات المجتمعية. ويتعين على الجامعات أن تتعاون مع المؤسسات الأخرى وكذلك العمل مع صناع القرار والقادة من أجل تشخيص المشاكل وتقديم الحلول المقترحة بهدف خلق عالم أكثر أستدامة وشمولية وابتكارا.

أستفادة الجامعة من المشاركة الفاعلة في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة

يمكن للجامعات أن تستفيد كثيرا من خلال تعاطيها مع أهداف التنمية المستدامة ومن خلال الآجراءات الآتية:

 1- أقامة شبكات مؤثرة وشاملة: أدت مجالات التعاون الدولية بين الجهات المختلفة ذات المصلحة المباشرة بالأمر مثل الحكومات والمنظمات غير الحكومية والقادة والجماعات المحلية ومجاميع الشباب الى بروز الأهمية الخاصة لتأسيس منصة لتبادل الحوارات وكذلك العمل معا من أجل الأسهام الفاعل في رفاهية الناس على النطاقين المحلي والدولي.

2- أعادة النظر بالعوامل المحفزة: تعمل اعداد متزايدة من الجامعات على اعادة التفكير بخصوص ما تقوم به من دور عالمي في القرن الواحد والعشرين ، فقد بدأت تلك المؤسسات العلمية بتوجيه اهتماماتها لتقديم العون فيما يخص الرفاهية العامة بعدما وجهت أليها أنتقادات كثيرة بسبب ممارساتها النخبوية. ومثل هذا التوجه لا يمكن تجاهله أذا كانت تلك المؤسسات العلمية تسعى لأن تكون جهات تتبنى التفكير التقدمي.

3- أعداد قادة واعين لدورهم الأجتماعي: الجامعات مؤسسات قوية تتبنى أهدافا مختلفة ، غير ان الهدف الأساسي لها هو التدريس. لكن التعليم الذي يجري داخل قاعة الدرس لا يكفي للتحقق من أن الخريجين يمكن أن يكون لهم تأثير حقيقي في العالم. من هنا تعمد المؤسسات العلمية المتميزة الى تاهيل خريجين قادرين على ترجمة ما تعلموه من الكتب الى تطبيقات عملية.

تأسيسا على ذلك يعتبر (التعليم من أجل التنمية المستدامة) بمثابة شارع ذي مسارين. ثم أن أهداف التنمية المستدامة ذاتها تتسم بالطموح وبكونها صعبة التحقيق دون مساهمة قطاع التعليم الذي يمكّن قادة المستقبل من أتخاذ قرارات تتصف بالمسؤولية بهدف المساهمة في النمو الاقتصادي والسلامة البيئية والتقدم الاجتماعي .

تجدر الأشارة أن الجامعات التي تحجم عن المشاركة في الشؤون ذات الصلة بتنمية راس المال الأنساني والأجتماعي سوف تتخلف عن الركب دون أدنى شك. لذا من الأهمية بمكان أن تظل الجامعات في قمة عطاءها كونها مساهم شامل وفاعل في مثل هذه القضية العالمية

المصدر: منظومة تصنيفات الجامعات العالمية*

** – أستاذ مساعد- كلية شط العرب الجامعة – البصرة

 

 

قد يعجبك ايضا