خلق المشكلات لإقليم كوردستان، إستفزاز وغباء

صبحي ساله يي

الممارسات الإستفزازية للفاعل السياسي في بغداد حيال الكورد وإقليم كوردستان وبالذات في وضع العراقيل وإصطناع الاعذار على طريق إستئناف تصدير النفط الكوردستاني وصرف رواتب الموظفين والمتقاعدين في الإقليم، جلبت الإنتباه وأثارت إهتمام المراقبين والعقلاء والمدافعين عن حقوق الإنسان الكوردستاني والحريصين على الأمن والإستقرار في العراق، لذلك دعوا المفاوض الكوردي، أكثر من مرة، الى التحلي بالدبلوماسية والصبر الإستراتيجي والحكمة وإبداء المرونة في الحوار لوضع النقاط على الحروف حتى إستنفاد كل الجهود التفاوضية والدبلوماسية، والقبول بتمرير بعض المعالجات الجزئية والسطحية لمشكلات وخلافات معينة، والسعي الى التوصل الى حلول مقبولة، كما دعوا الطرف الآخر في بغداد، ومن يمثلهم، الى الإلتزام بالوعود والإتفاقات والتصريحات السابقة، أو بقسم منها على أقل تقدير، وعدم تجاهل الواقع وحدوده المعقولة والتغييرات المحتملة وترك التحايل وسياسة تعقيد الأمور بهدف تشتيت الانتباه الى قضايا فرعية، وعدم التهرب من الإلتزامات الأخلاقية وعدم الإستهانة بالدستور الذي كتبوه والقوانين التي شرعوها، في لعبة كريهة وبغيضة يطغي عليها التعصب والتمذهب والطائفية والشوفينية تحت مسميات وعناونين الأغلبية والديمقراطية.

وفي خضم أحداث تنذر بتغيير الكثير من الأمور، جرت جولات من المفاوضات بين أربيل وبغداد وكثرت اللقاءات وتعددت الزيارات، وإستمرت لسنوات عجاف، ولكن يبدو أن الخاضعين لثقافة الإستعلاء والتسلط والعقلية الإستبدادية وسوء النية، والمؤمنين بأن التحايل يصلح كوسيلة لمعالجة المشكلات، ما زالوا يسعون لخلط الاوراق وإضاعة الوقت، ويسيرون على طريق اللامبالية المثيرة للسخرية، ويرتكبون أخطاء جديدة ربما أكثر فداحة من الأخطاء السابقة بهدف زج الكورد في أزمات جديدة، وإبتزازهم في ملفي النفط والإستحقاقات المالية الواردة في قانون الموازنة الإتحادية والعديد من الملفات الخلافية الأخرى العالقة.

هؤلاء، وأعني اللاعبين السياسيين الذين يقفون خلف واضعي العراقيل أمام ملف تصدير النفط الكوردستاني وتعقيد وتأخير صرف رواتب موظفي ومتقاعدي الإقليم بحجج واهية، وإخضاع االأمور لاعتبارات سياسية بعيدة عن القانوني والاقتصادي والتقني، وإرهاق المفاوضين الكورد في تفاصيل بعيدة عن الحقيقة، ومعهم كل الذين يسعون لزج الإقليم ( حكومة وشعباً) في أزمات اقتصادية خانقة، لا تنفع معهم الدبلوماسية وأساليب اللياقة في الحوار والتخاطب، خاصة بعد أن سئم الكوردستانيون من أقنعة أناس يعرفون وجوههم الحقيقيّة، ومن كلام معسول يعرفون أصواتهم الحقيقية، وسئموا من وعود ومزايدات سياسية تحاول مصادرة إراتهم، وبعد أن تأكدوا من أن وضع العراقيل أمام تصدير نفطهم وعدم صرف رواتبهم الشهرية، تعنت وإستفزاز وغباء، وأن منطق (جادلهم بالتي هي احسن) لا تنفع معهم لإنهم لايريدون أن يمنحوا الفرصة الممكنة لبناء عراق بلا دكتاتورية يسع الجميع، عراق ديمقراطي فيدرالي موحد. لذلك، ولكي يتم تلافي جر الاقليم الى أزمات وصراعات لا تحمد عقباه، لابد من تثبيت الأقدام وتعبئة الطاقات وتنظيم وترتيب البيت الداخلي الكوردي وبناء موقف جمعي كوردستاني واضح، لمواجهة كل الإحتمالات واستثماره في غلق الأبواب والنوافذ التي تهب منها الرياح النتنة، وعدم وضع البيض كله في سلة واحدة، والتفاعل مع الخطوات الإيجابية والمتغيرات المتوقعة والإستناد بثقة عالية وقناعة راسخة على شرعية المقصود والهدف.

قد يعجبك ايضا