معد فياض
هل اضحى الاجابة عن السؤال: الكورد عراقيون ام هم كورد فحسب، يشبه سؤال هاملت شكسبير الشهير: أكون او لا أكون “To be or not to be”؟
وهل على الشعب الكوردي في العراق ان يسألوا انفسهم اولا ثم الآخرين، وبعد عقود طويلة من التضحيات الجسام والنضال الصعب “نكون او لا نكون”؟..هل نحن عراقيون ام لا؟.
لقد برهنت الاحداث المعقدة والامتحانات الصعبة طوال ما يقرب اكثر من 100 عام، وبالضبط منذ ما قبل تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921.. وبعد الحرب العالمية الأولى 1914 -1918م وسقوط الإمبراطورية العثمانية، لعبت الاتفاقيات الدولية دوراً حاسماً في رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط. بمعاهدة سيفر 1920 التى أظهرت لأول مرة إمكانية إقامة دولة كردية، لكن هذا الأمل تبدد سريعًا مع عقد معاهدة لوزان 1923 التي أكدت على تقسيم الأراضي الكوردية بين تركيا، العراق، إيران، وسوريا دون الاعتراف بالحقوق القومية للكورد.
لقد تمسك الكورد بعراقيتهم واختاروا البقاء ضمن العراق على ان ينالوا خقوقهم القومية، هذا الموقف المشروط هو الذي قاد الى تاسيس المملكة العراقية، وبعد سنوات من النضال الطويل والتضحيات الكبيرة، عاد الكورد بعد تغيير نظام الحكم في العراق سنة 2003 لاختيار بقائهم ضمن عراق فيدرالي ديمقراطي يحتكم الى الدستور الذي صوت عليه العراقيون عام 2005، بالرغم من انهم كانوا قد اسسوا ومنذ انتفاضة 1991 كيان شبه مستقل في كردستان العراق وكان بامكانهم الاستمرار بالحكم الذاتي، وكانت الحكومة العراقية قد اعترفت في اتفاقية 11 آذار عام 1970 وللمرة الاولى بالحكم الذاتي للكورد.
هنا نحن لا نعلن عن اكتشافات جديدة بقدر ما نذكر بوقائع تاريخية تبرهن تمسك الكورد بارضهم ويحقوقهم في العراق التي تعود تاريخيا لاكثر من خمسة الاف عام وقبل احتلال العرب للاراضي الكوردي مع موجات الغزو العربي الذي تم تحت غطاء ما تسمى بـ “الفتوحات الاسلامية”.
لقد أقر الدستور العراقي بالحقوق القومية والثقافية والسياسية والاقتصادية لاقليم كوردستان، وان القومية اللغة الكوردية هي القومية واللغة الثانية في العراق، لكننا نفاجأ بين فترة واخرى بتجاهل هذه الحقوق، حيث تصر الاحزاب السياسية المسيطرة على الاوضاع ببغداد بتجاهل التزاماتها تجاه اقليم كوردستان، خاصة فيما يتعلق بموضوع رواتب موظفي الاقليم.
ارجو ان لا يُفهم هنا باننا نعني الحكومة مباشرة، ذلك ان رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عمل، وما يزال على حل الازمات التي تتفجر بين فترة واخرى بين بغداد واربيل، وعبر عن حرصه عمليا وفعليا على التعاون سواء مع رئيس الاقليم، نيجرفان بارزاني، ورئيس حكومة الاقليم مسرور بارزاني لازالة العراقيل امام تنفيذ الاتفاقيات التي تضمن حقوق المواطن العراقي الكوردي، لكن هناك اشكالات لا نفهمها نحن المواطنين البعيدين عن الاشكالات والمداخلات وخفايا التفاصيل السياسية والاقتصادية فيما يتعلق بامر رواتب موظفي اقليم كوردستان، وكلنا يعرف اهمية الراتب بالنسبة للموظف ومعاش عائلته وضمان استقراره وكرامته.
وزارة المالية الاتحادية تؤكد ارسال الرواتب واربيل تطالب بالرواتب، ووزارة المالية تستند لقرارات المحكمة الاتحادية، واربيل تستنجد بالمحكمة الاتحادية كي تتضح الحقائق.. يفترض ان يفهم المواطن العراقي، كورديا ام عربيا ماذا يدور وراء الكواليس من حقائق كي تزول علامات الاستفهام والتعجب.
الاهم من كل هذا وذاك علينا ان نعرف كيف تنظر الاحزاب السياسية الحاكمة ببغداد الى المواطن الكوردي، هل هو عراقي ويستحق كل حقوقه كعراقي حاله حال البغدادي والبصراوي والنجفي و… ام انه مجرد كوردي وتطبق بحقه اشتراطات اخرى بعيدة عن حقوقه كمواطن عراقي؟..هنا اسال عن حال المواطن الكوردي بعيدا عن المشاكل السياسية والالغام التي تحكم المصالح والثارات والتجاذبات بين السياسيين والاحزاب السياسية العربية والكوردية، الشيعية والسنية والكوردية. ابعدوا المواطن العراقي مهما كانت قوميته او ديانته او مذهبه عن صراعاتكم وتفاهماتكم وخلافاتكم وعاملوا المواطنين سواسية كعراقيين ينتمون لهذا البلد وادوا حقوقهم، ولا تنقصوا من قيمة هذا وذاك لمعالجة عقد ثأرية.
اليوم يعود رئيس اقليم كوردستان كاكا نيجيرفان بارزاني الى بغداد لاطفاء الحرائق، وهو افضل مطفئ حرائق سياسية وحلال مشاكل في العراق من اجل ان يبقى البلد آمنا ومستقرا، ومن اجل ان يحافظ على مصالح الكورد مثلما حرصه على حقوق جميع العراقيين دون تفرقة او انحياز لقومية او دين او مذهب وليؤكد عراقيته مثلما يفعل دائما، وان العراق وحسب الدستور لكل العراقيين دون تفرقة، وان حقوق العراقيين متساوية خاصة في العيش الكريم.
يبقى ان على الاحزاب السياسية ببغداد، ولا اقول حكومة السوداني، ان تحسم نظرتها للكورد، هل هم عراقيون ام كورد فقط، وكيف لها ان تحافظ على حقوق وكرامة واستقرار الكوردي كي تؤكد عراقيته وتحرص على انتمائه لوطنه.