التآخي ـ وكالات
هل تتخيل أن تمتلك قطعة أرض أو منزلاً في قلب أوروبا مقابل سعر زهيد؟ هذا ما تحققه مبادرات أوروبية جريئة تهدف إلى إعادة الحياة إلى الريف المهجور، نستعرض أبرز هذه المبادرات المثيرة والمبتكرة.
وفي مبادرة فريدة تشهد العديد من الدول الأوروبية محاولات جريئة للحد من النزوح الريفي نحو المدن من خلال تقديم عروض عقارية بأسعار رمزية. تهدف هذه المبادرات إلى جذب السكان إلى المناطق الريفية، لإحياء تلك المناطق وتعزيز البنية التحتية المحلية.
واتخذت سلطات بلدة غوتينه (Götene) التي تقع في جنوب غربي السويد خطوة جريئة ببيع الأراضي بأسعار رمزية تصل إلى كرونة سويدية واحدة (نحو عشرة سنتات) للمتر المربع. والشرط الأساسي للاستفادة من هذا العرض هو بناء منزل في غضون عامين. وقد أثار هذا العرض ضجة كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي، مما جذب اهتماماً واسعاً من مختلف أنحاء العالم.
وتعد غوتينه بلدة صغيرة يبلغ عدد سكانها حوالي 5000 نسمة. تقع البلدة في منطقة غنية بالمناظر الطبيعية الجميلة، بما في ذلك البحيرات والغابات، مما يجعلها وجهة جذابة لمحبي الطبيعة والهدوء.
وفي إيطاليا، تقدم العديد من البلدات والقرى والتجمعات السكنية الأصغر حجماً منازل بأسعار تبدأ من يورو واحد في مبادرة تهدف إلى إعادة الحياة إلى القرى المهجورة. تتطلب هذه المنازل في الغالب عمليات ترميم شاملة، وتشترط البلديات على المشترين تجديدها والعيش فيها بصفة دائمة. وتنتشر هذه العروض في مناطق ساحرة مثل توسكانا، صقلية، وأبوليا، حيث يأمل السكان المحليون في جذب سكان جدد يعيدون الحيوية والنشاط إلى هذه القرى.
وفي ألمانيا، وبعد إعادة توحيد البلاد في عام 1990، شهدت بعض المناطق الريفية في “ألمانيا الشرقية” نزوحًا كبيرًا نحو المدن. لكن في السنوات الأخيرة، وبتأثير من جائحة كورونا وزيادة فرص العمل عن بُعد، بدأت العائلات تعود إلى الريف.
ووفق لدراسة من مؤسسة برلين للسكان والتنمية، هناك زيادة ملحوظة في عدد الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و49 عاماً الذين يختارون العيش في الريف. وتُعرض الآن منازل في هذه المناطق بأسعار تنافسية للغاية، مما يجعلها خياراً جذاباً للأسر الباحثة عن حياة أكثر هدوءا.
وبرغم أن هذه المبادرات توفر فرصاً حقيقية للسكن بأسعار معقولة، إلا أنها تأتي مع تحديات كبيرة. فالعقارات المطروحة تكون في أغلب الحالات في حالة سيئة وتتطلب استثمارات كبيرة في الترميم. كما أن بعض العروض تتطلب من المشترين الالتزام بالعيش الدائم في هذه المنازل، وليس فقط استغلالها كمنزل للعطلات.
لكن بالرغم من هذه التحديات، تقدم هذه المبادرات حلاً مبتكراً لمشكلة النزوح الريفي وتعزز من توازن النمو السكاني بين المدن والريف. ومع تزايد الاهتمام العالمي بهذه العروض، يظهر أن الكثيرين مستعدون لمواجهة هذه التحديات للاستمتاع بحياة ريفية هادئة بأسعار لا تُصدق.