متابعة ـ التآخي
شكلت الطبيعة واستدامة استغلال الأراضي والمحيطات صلب نقاشات وأعمال اليوم العاشر من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للمناخ COP28، إذ يعد الحفاظ على الطبيعة وترميمها وإدارتها المستدامة جزءاً لا يتجزأ من تحقيق أهداف اتفاق باريس.
وتركزت عشرات الجلسات والنقاشات بشأن سبل توسيع نطاق الحلول التي من شأنها أن تحمي النظم البيئية الطبيعية، وتسهم في تمكن الشعوب والمجتمعات الأصلية والمحلية وتزيد من قدرتهم على الصمود.
وتناولت النقاشات، إعادة تشكيل الفرص للمستقبل، وبناء الزخم لغد أكثر خضرة وفائدة وقدرة على استيعاب البشر وإطعامهم.
وفيما تشكل سلامة الأراضي والطبيعة إحدى أركان قدرة العالم على الاكتفاء الغذائي في المستقبل، فإن إنتاج الغذاء وفق الطرق التقليدية يسهم في تدمير الطبيعة والأراضي.
ووفق موقع COP28، فلا يتواجد طريق لحماية واستعادة النظم البيئية، والبقاء في حدود +1.5 درجة مئوية، وحماية التنوع البيولوجي، فضلا عن إطعام 10 مليارات شخص بحلول عام 2050، دون تغيير الطرق التي ننتج بها الغذاء، ونوزعه، ونستهلكه، والطرق التي نستعمل بها أراضينا.
اليوم العاشر جاء في سياق مجريات مؤتمر الأطراف التي تهدف إلى تحسين حياة البشر وجعلها أكثر استدامة وصحة، وكان التركيز على قضية الزراعة المستدامة والنظم الغذائية بدأ مع انطلاقة الحدث العالمي، ففي الأول من كانون الاول الحالي جرى الإعلان عن توقيع 134 دولة على إعلان COP28 بشأن النُظم الغذائية والزراعة والتي تمثل ما يزيد على 5.7 مليار شخص، و70% من إجمالي إنتاج الغذاء العالمي، و76% من إجمالي انبعاثات النظم الغذائية العالمية.
ان جميع المؤسسات الدولية تدق ناقوس الخطر عند الحديث عن نظامنا البيئي واحتياجاتنا من الغذاء في المستقبل.
ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة” فاو”، فإن تلبية العادات الغذائية المتغيرة وزيادة الطلب على الغذاء يزيد من الضغط على موارد المياه والأراضي والتربة في العالم، ومع ذلك، فإن الزراعة تحمل وعدا كبيرا بتخفيف هذه الضغوط وتوفير فرص متعددة للإسهام في تحقيق الأهداف العالمية.
وبحسب الـ”الفاو” تؤدي الممارسات الزراعية المستدامة إلى توفير المياه، والحفاظ على التربة، والإدارة المستدامة للأراضي، والحفاظ على الموارد الطبيعية، وفوائد النظام البيئي وتغير المناخ.
ووفقاً لتقديرات لمنظمة الأغذية والزراعة فإطعام العالم في 2050 على وفق نهج الزراعة المعتاد من شأنه أن يلحق خسائر فادحة بالموارد الطبيعية، وبالنتيجة، ليس هناك سوى خيار الشروع في ثورة أكثر مراعاة للبيئة.
ويمكن زيادة إنتاج المحاصيل بشكل مستدام باستعمال مجموعة من التقنيات الأكثر انسجاما مع النظم الإيكولوجية عن طريق تقليل استغلال المدخلات الخارجية ومساعدة المزارعين على التكيف مع الظواهر الجوية المتطرفة التي تصاحب تغير المناخ بشكل متزايد، وبالتالي تعزيز قدرتهم على الصمود والحد من انبعاثات غازات الدفيئة.
وبحسب البنك الدولي تُعد الأنظمة الغذائية الصحية والمستدامة والشاملة للجميع بالغة الأهمية لتحقيق الأهداف الإنمائية للعالم، وتعد التنمية الزراعية من أقوى الأدوات لإنهاء الفقر المدقع وتعزيز الرخاء المشترك وتوفير الغذاء لنحو 9.7 مليارات شخص بحلول عام 2050.
ويمكن لتزايد تأثير تغيّر المناخ أن يزيد من انخفاض غلة المحاصيل، وبخاصة في مناطق العالم الأكثر معاناة من انعدام الأمن الغذائي، وفي الوقت نفسه، فإن أنظمتنا الغذائية مسؤولة عن نحو 30% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن الزراعة تسهم في تغير المناخ وتعاني منه في الوقت نفسه، فتأثيرات المناخ تضر بالفعل بغلة المحاصيل.
ومعظم الممارسات الزراعية الحديثة لها آثار سلبية واستخراجية على الموارد الطبيعية مثل المياه والغابات والتنوع البيولوجي ومغذيات التربة السطحية وخدمات النظم البيئية الأخرى.
يشار إلى أن تدهور ثلث الأراضي الزراعية، والتوسع الحضري والطلب المتزايد على الغذاء يعني تحويل نحو 13 مليون هكتار من الغابات إلى استعمالات أخرى للأراضي في كل عام.
وفضلا عن تحديات الاستدامة الأخرى، أصبحت الزراعة محركا رئيسا لتغير المناخ، اذ تسهم الزراعة بنحو 11% من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة البشرية المنشأ، وتعد انبعاثات الميثان المساهم الرئيس فيها، وعندما يؤخذ التغير في استغلال الأراضي بسبب الزراعة في الاعتبار، يرتفع هذا إلى نحو 23%.
والزراعة هي أكبر مصدر مشتق من الإنسان لانبعاثات غاز الميثان بنحو 40%، ويأتي الميثان في المرتبة الثانية بعد ثاني أكسيد الكربون في إحداث تغير المناخ.
ووفق ما ورد في إحدى الدراسات لشركة مكنزي للاستشارات، فإن أكثر من ربع انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم يأتي من الزراعة.