ارهاصات بيئية .. الحفاظ على استهلاك الطاقة ومشكلاتها في العراق

صادق الازرقي

بحسب تعريفاتها فان حفظ الطاقة أو ترشيد استهلاك الطاقة سلوك يفضي إلى خفض الكمية المستهلكة من الطاقة بأنواعها، بهدف الحفاظ على البيئة والتوفير في مصاريف استهلاك الوقود ورفع مسؤولية الأفراد والمجتمعات تجاه البيئة.

 يمكن بلوغ هذا الهدف عبر الاستغلال الفعال للطاقة، اذ توظف التقنية في تحقيق خدمة الطاقة نفسها باستهلاك طاقة أقل، من ذلك استعمال تقنيات حديثة في التدفئة أو التكييف تقوم بأداء نفس وظيفة مثيلاتها التقليدية مستعملة كمية طاقة أقل.

وبحسب المتخصصين تعد ممارسة حفظ الطاقة جزءا هاما في أي خطط واستراتيجيات؛ تهدف هذه الممارسة إلى خفض كمية الطاقة المستعملة للفرد الواحد، وبالنتيجة الحد من تنامي زيادة الطلب على الطاقة في المستقبل والناتجة عن زيادة التعداد السكاني، كما تقلل من مصاريف توليد الطاقة عبر التوجه نحو الاستغلال الفعال للطاقة واستعمال موارد الطاقة النظيفة.

وفي العراق، تجري امور تنظيم الطاقة بصورة فوضوية تؤدي الى مخاطر كبيرة ومعيشية على السكان، ومن ذك انتشار المولدات الاهلية والمنزلية، التي تنفث دخانها ليلا ونهار، كما ان الحكومات المتعاقبة على الحكم تركت الامور تسير بصورة عشوائية فيما يتعلق باستعمال الطاقة، وهي كثيرا ما تلقي اللوم على السكان بالحديث عن الاستهلاك المفرط للطاقة الكهربائية مثلا، والتجاوز على الخطوط وعدم جباية ضريبة الكهرباء.

وفي الحقيقة فان من واجب الحكومة تنظيم ذلك وتنفيذ شبكات طاقة مخطط لها، وعدم ترك الحبل على الغارب مثلما يقال في المثل.

وتختلف تجارب الدول في هذا الشأن، غير ان المتفق عليه هو مسؤولية الحكومات والجهات المعنية في توفير البنى التحتية والاسس الصحيحة لإمداد السكان بحاجتهم من الطاقة بطريقة مخطط لها، ما يضمن الحفاظ على استهلاكها وتقليله.

وعلى سبيل المثال، تعد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مستهلك للطاقة في العالم، وتقسم وكالة الطاقة الأمريكية استهلاك الطاقة في البلد على اربعة أقسام هي: الاستهلاك المنزلي والصناعي والتجاري والنقل؛ ويشكل استهلاك الطاقة المنزلي واستهلاك النقل نحو 50% من إجمالي الاستهلاك فيها، وهما يتبعان بشكل كبير للممارسات الفردية، ويمكن لممارسة حفظ الطاقة أن تقلل من كمية الاستهلاك في كليهما بشكل ملحوظ بوساطة جبايات ضرائب ملائمة للسكان.

فيما يكون الاستهلاك في القطاع التجاري والصناعي ثابتا إلى حد ما ويمكن للاستعمال الفعال للطاقة أن يخفض من كمية استهلاك الطاقة فيهما، وينظم كل شيء فيها لقاء ضرائب للاستهلاك لتضمن السيطرة على استهلاك الطاقة وتقنينه.

يجري عندنا في العراق انتشار العشوائيات غير النظامية التي تهمل اوضاعها الحكومات المتعاقبة منذ اكثر من عشرين عاما، فلا يجري متابعة امور توفير الطاقة بصورة مدروسة لتلك المناطق، هذا من جهة، ومن الجهة الاخرى لم تنظم عمليات توفير الطاقة للقطاعات الصناعية والتجارية والنقل، فظلت الفوضى هي السائدة وبرز ذلك في غياب الصناعات المحلية الفاعلة التي تنافس السلع الاجنبية، وفي تعثر الميزان التجاري بغلبة الاستيراد على الانتاج المحلي والتصدير، وكذلك امتدت فوضى تنظيم عملية استهلاك الطاقة في النقل في صورة غياب النقل العام والزحامات المرورية.

إذا، حفظ الطاقة أو ترشيد استهلاكها يستدعي بالضرورة وضع خطط تشمل بالدرجة الاساس الاستهلاك المنزلي والصناعة والتجارة والنقل.

 

 

 

قد يعجبك ايضا