متابعة ـ التآخي
تمثل قمة المناخ كوب 28 المنعقدة في الامارات فرصة أمام منطقة الشرق الأوسط لجذب استثمارات جديدة تسرع من الخطط الحكومية في مجال تحول الطاقة لجعلها أكثر استدامة.
ويحتضن الشرق الأوسط ثروات طبيعية ضخمة تؤهله لتأدية دور رئيس في إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي، فضلا عن الأهداف المناخية الإقليمية والعالمية التي تمثل فرصة أمام شركات المنطقة، على وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ومع ذلك، يرى تقرير حديث صادر عن شركة الأبحاث وود ماكنزي، أن انخفاض أسعار الطاقة في دول الشرق الأوسط بفضل احتياطيات النفط والغاز الضخمة التي تمتلكها، لم يمثل حافزًا كبيرًا للانتقال إلى بدائل منخفضة الكربون، متوقعًا ارتفاع حصة الطاقة المتجددة بمزيج الطاقة للمنطقة إلى 15% فقط بحلول 2050.
وبحسب التقرير، ما تزال المواد الهيدروكربونية تسيطر على 97% من مزيج الطاقة في الشرق الأوسط؛ ما يجعل قمة المناخ كوب 28 فرصة أمام المنطقة لإعادة ترتيب خططها نحو تسريع إزالة الكربون.
وتشدد وود ماكنزي على أن الموارد الطبيعية الوفيرة من الوقود الأحفوري أو الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط، تمكّن دولها من تأدية دور رئيس في إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي.
وتشير إلى أن إزالة الكربون من محفظة صادرات دول المنطقة يمكن أن تساعدها على تحقيق تعهداتها الخاصة بالحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي، إلى جانب إمدادات العالم بموارد طاقة منخفضة الكربون.
وتسعى السعودية والإمارات نحو الريادة في مجال تحول الطاقة، بوساطة تطبيق تقنية احتجاز الكربون وتخزينه واستعماله، وإنتاج الوقود منخفض الانبعاثات، مثل الهيدروجين والأمونيا والميثانول، وأيضًا إنتاج الحديد والاسمنت والألومنيوم الأخضر.
وفي السياق نفسه، تسعى الدول المستوردة للنفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط نحو إيجاد بدائل منخفضة الكربون، في إطار تنويع إمداداتها من الطاقة للحد من مخاطر الاعتماد على النفط، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ومن بين محاولات الدول المستوردة، العمل على ضخ استثمارات في صناعة البتروكيماويات وإنتاج الهيدروجين وتنفيذ مشروعات لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، وهو ما تجلّى في إعلان عدة دول بالمنطقة خطتها لمشروعات الهيدروجين وتقنية احتجاز الكربون وتخزينه.
وترى وود ماكنزي أن قمة المناخ كوب 28 تُعَد فرصة للإسراع من الخطط الحكومية عبر جذب عديد الاستثمارات الأجنبية المطلوبة لتنفيذ مشروعات تحول الطاقة وتحقيق مستقبل مستدام.
ومع ذلك، من المتوقع أن تظل انبعاثات الكربون لدول المنطقة بحلول عام 2050، عند مستوياتها الحالية البالغة 2 مليار طن، على أن تصل إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2065، بحسب توقعات الحالة الأساسية لشركة وود ماكنزي.
وتتوقّع وود ماكنزي ارتفاع نسبة الطاقة الشمسية والرياح في توليد الكهرباء بمنطقة الشرق الأوسط من 5% إلى 49% في ظل تضاعف الطلب على الكهرباء بحلول عام 2050، إلا أن ذلك سيؤدي إلى تراجع انبعاثات قطاع الكهرباء بنسبة 16% فقط.
وفي مقابل ذلك، من المتوقع ارتفاع انبعاثات قطاعي الصناعة والنقل بنسبة 30% و13% على التوالي، مع النمو الاقتصادي والسكاني، وهو من أبرز التحديات التي تواجه وبحاجة لمناقشتها على هامش قمة المناخ كوب 28، وفق التقرير، الذي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
ومن المتوقّع أن يصل انتشار السيارات الكهربائية في منطقة الشرق الأوسط إلى 6% فقط بحلول عام 2050، نتيجة نقص السياسات الداعمة في المنطقة وانخفاض تكلفة البنزين.
وتحتاج دول الشرق الأوسط إلى كهربة ونشر تقنيات جديدة في القطاع الصناعي، وكذلك كهربة 75% من أسطول النقل البري.
ويشير التقرير إلى أن معظم ثروات الشرق الأوسط تأتي من بيع الوقود الأحفوري؛ إذ تنتج المنطقة نحو ثلث إمدادات النفط عالميا؛ ما يعني ضرورة تعزيز تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه في صناعة النفط والغاز.
وتمثل عائدات المواد الهيدروكربونية لبعض أكبر المنتجين في المنطقة ما بين 30 و60% من الناتج المحلي الإجمالي، وأكثر من 80% من الصادرات، وفقًا لتقرير وود ماكنزي.
وأدت حرب اوكرانيا وما يشهده الشرق الأوسط حاليًا من الحرب في قطاع غزة، إلى زيادة الاهتمام العالمي والتساؤل بشأن أمن الطاقة؛ إذ يتجه صناع السياسات في العالم بصورة تدريجية نحو الطاقة المتجددة بصفتها حلا لمواجهة أي تهديدات لأمن الإمدادات.
وبالتوازي، تدرك الدول المعتمدة على النفط في الشرق الأوسط المخاطر المناخية التي تواجه العالم، وتتجه نحو تنفيذ استثمارات وإصلاحات لإزالة الكربون، دعما من أموال بيع النفط.