متابعة ـ التآخي
تسعى كثير من الدول مؤخرا الى تكثيف خطة التعويل على الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء واستغلالها في كثير من الصناعات الأخرى، وهو ما طرح كثيرا من التساؤلات الجوهرية حول مدى الاستفادة من هذه الطاقة المثيرة للجدل.
لكن الاجابة عن هذه التساؤلات وردت بالتعريف الكامل للطاقة النووية السلمية. فماهي الطاقة النووية السلمية؟
الطاقة النووية السلمية هي استعمال تكنولوجيا الطاقة النووية بشكل آمن وسلمي لتوليد الكهرباء أو تلبية احتياجات البشرية بمختلف الطرق، مثل توليد الطاقة الكهربائية أو توفير مصادر حرارية، اذ تتضمن هذه العملية تفاعلات الانشطار النووي باستخدام البخار المائي حيث يتم تحطيم أنوية الذرات لإطلاق طاقة هائلة، غير أنه يستلزم اجراءات صارمة لضمان سلامة المحطات النووية والحفاظ على البيئة.
تستعمل الطاقة النووية السلمية في تحقيق أهداف بيئية من قبيل تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة التي تتسبب بزيادة الاحتباس الحراري لكوكب الأرض، ويكمن استعمالها كبديل عن الوقود الأحفوري، بحسب ما اشار اليه كثير من الخبراء، وبحسب خبير الطاقة النووية المستدامة والعلوم الهندسية البيئية دكتور أحمد حمدي اثر حديث صحفي.
يمكن استخدام الطاقة النووية السلمية في مجموعة متنوعة من التطبيقات مثل البحث العلمي، والطب، والزراعة، وتطبيقات الصناعة، فمثلا يُستخدم الاشعاع النووي في تشخيص وعلاج الأمراض الطبية وكذلك في تحسين أصناف النباتات والحيوانات في مجال الزراعة، كما يمكن استعمالها في تشغيل السفن النووية وتوليد الدفع للأقمار الصناعية والمسبارات الفضائية ما يعزز تقدم استكشاف الفضاء.
وإذا لم تكن طريقة تشغيل المحطات والمولدات النووية حديثة فذلك يعني أن المحيط الخاص بها لن يكون بمعزل عن نفاياتها النووية المشعة التي تنتج عبر عمليات الانشطار النووي وبحاجة الى التخزين والتخلص منها بشكل آمن لمئات السنين.
ولعل من اهم صور التطور العلمي والتقني اکتشاف الطاقة النوویة، التى أصبح استخدامها ضرورة بسبب اقدام مصادر الطاقة التقلیدیة على النضوب، فضلا عن الاستخدامات الکثیرة للإشعاعات النوویة فى الطب والصناعة. وقد بادرت کثیر من الدول إلى إقامة منشآت خاصة لإنتاج الطاقة النوویة فى محاولة منها للاستفادة مما یقدمه هذا النوع الجدید من الطاقة؛ فإذا کانت الطاقة هي العمود الفقري لأى مجتمع أو اقتصاد، فإن الصناعة النوویة، على وجه الخصوص، هي إحدى أهم ابتکارات الإنسان وإبداعاته، ولکن مثل هذه الصناعة، التکنولوجیا، لا تعطى للقائمین علیها مطلق الحریة في ممارستها إلا بوساطة ضوابط معینة.
و في النصف الاخیر من القرن العشرین ، اعتمد المجتمع الدولي عددا من الاتفاقیات تنظم استعمال الطاقة النوویة استعمالا امنا ومضمونا وسلمیا، وکانت اولى هذه الاتفاقیات هى اتفاقیة باریس عام 1960، التي روجت فیها الدول الأوروبیة للاستعمالات السلمیة للطاقة النوویة، ومقررة فیها بعضاً من مبادئ المسؤولیة الناشئة عن الأضرار النوویة، وذلك لإحلالها محل القواعد التقلیدیة للمسؤولیة، بحیث تکون لها خصوصیة تجعلها تتمایز عن مثلیتها فى القواعد العامة؛ وبوساطتها کان ظهور مبدأ الزام مشغل المنشأة النوویة بتعویض المتضرر عن الاضرار النوویة ذات الصلة بالمنشأة بصرف النظر عن طبیعة علاقة المشغل بالمتضرر.
ولا يقتصر استعمال الطاقة النووية على توليد الكهرباء، بل يمكن استعمال هذه الطاقة وتقنياتها في عدة مجالات، مثل الزراعة والغذاء والطب واستكشاف الفضاء وتحلية المياه.
وتوفر التقنيات النووية صورا لداخل جسم الإنسان، وتسهم في علاج بعض الأمراض، اذ تمكن الأطباء وفقا للأبحاث النووية من تحديد كمية الإشعاع المطلوبة لقتل الخلايا السرطانية من دون الإضرار بالخلايا السليمة.
وإلى جانب ذلك، يستعمل الأطباء تقنية التصوير بالأشعة السينية التي تعد من أهم أدوات التشخيص الطبية المستعملة بشكل واسع، وهي تعتمد على الإشعاع وتتيح للأطباء فرصة الاطلاع على جسم الإنسان من الداخل.
كما يستعمل الإشعاع النووي في الزراعة، اذ تستعمله عدة دول حول العالم لمنع الحشرات الضارة من التكاثر والتقليل من أعدادها وحماية المحاصيل الزراعية، وبالنتيجة توفير كميات أكبر من الغذاء للعالم.
يذكر ان أولى محطات الطاقة النووية التجارية شرعت في العمل في الخمسينات، ففي عام 1951 نجح أول مفاعل تجريبي في إنتاج الطاقة الكهربائية في ولاية أيداهو بالولايات المتحدة، وأضاء حينها سلسلة مكونة من 4 مصابيح.
وفي عام 1954 قامت روسيا بتوليد الكهرباء من أول مفاعل نووي لديها بقدرة 5 ميغاواطات في أوبنينسك، وكان لأغراض تجارية.
وتعد الطاقة النووية ثاني أكبر مصدر للطاقة منخفضة الكربون في العالم بحسب الرابطة العالمية للطاقة النووية، ويمكن استعمالها في مجالات عدة، أبرزها توليد الكهرباء.