صادق الازرقي
منذ مدة طويلة يجري الحديث عن مشروع “ماء الرصافة الكبير”، فسبق لأمانة بغداد، ان تحدثت عن كلفة المرحلة الأولى من المشروع، عادة إياه من أكبر المشاريع المنجزة في العراق بعد 2003، ويحل مشكلة شحة الماء في أطراف بغداد، بحسب مدير العلاقات والاعلام في الأمانة.
وقال المسؤول، ان الماء المنتج للمشروع مطابق للمواصفات العالمية ومعالج بالأوزون، مبينا ان “المشروع ممول من الحكومة وبلغت كلفة المرحلة الاولى منه مليار دولار”.
فيما قالت أمينة بغداد في وقتها، ان “المشروع يعد الاكبر في منطقة الشرق الاوسط ليقضي على شحة الماء لاسيما في جانب الرصافة وبشكل نهائي وكذلك سد الاحتياج المستقبلي للعاصمة حتى العام 2030″، مشددة على ضمان وصول الماء الى المستهلك على وفق المواصفات الفنية المعتمدة من قبل منظمة الصحة الدولية ومنها منظومتي التصفية بالاوزون والسيطرة (السكادا)”، بحسب تعبيرها.
وقبل ذلك عام 2014 قال امين بغداد وكالة أن المشروع يعد من أكبر المشاريع الخدمية في المنطقة، مضيفا أن “المشروع سيحقق الاكتفاء الذاتي لمياه الشرب وتصديره لخارج بغداد”، بحسب قوله، مشيرا الى ان سعة المشروع “من المؤمل ان تصل الى مليوني متر مكعب”، لافتاً إلى أن “هناك ستة مشاريع اخرى تصل الى خمسة ملايين متر مكعب”.
ان تصريحات المسؤولين يدحضها الواقع الفعلي، فبرغم صرف الأموال الهائلة على مشروع ماء الرصافة فان أطراف بغداد لم تزل تعاني من انقطاع المياه لاسيما في فصل الصيف، اما قضية المعالجة بالأوزون فهي غير حقيقية، اذ ان السكان دأبوا منذ عقدين على شراء الماء المنقى ( ( ROمن محطات التصفية الاهلية او استعمال الفلاتر المنزلية لتنقيته، ولا يمكنهم استعمال الماء مباشرة من الحنفية للشرب او استعمالات الطبخ.
صحيح ان الماء صار يصل الى بعض أطراف بغداد الا ان ذلك يجري باستعمال مضخات السحب “الماطورات” وفي أوقات معينة مثل ساعات الفجر، كما ان الماء يشح عن تلك المناطق في أشهر الصيف “حزيران وتموز وآب”، ومناطق أخرى لا يصلها الماء مطلقا.
ان الأموال التي صرفت على مشروع ماء الرصافة الكبير “وهو ما يؤكده المسؤولون” فضلا عن غيره من المشاريع التي أعلن عنها كان يفترض ان تنهي ازمة الماء وتؤسس لنظام اسالة وتنقية صحي، فالعبرة ليست بالحديث المكرر عن المشاريع والإنجازات بقدر تعلقها بالنتائج الملموسة المتحققة منها؛ المفارقة انه بعد مرور هذا الوقت الطويل جرى الحديث في آب 2023 عن الشروع في المرحلة الثانية من مشروع ماء الرصافة الكبير.
ومثلما يجري الحديث في كل مرة عن “ميغاواطات” الكهرباء التي يجري اضافتها، فان السكان لا تعنيهم تلك الأرقام، اذ ان طموحهم الحصول على الكهرباء طيلة 24 ساعة؛ فان حديث المسؤولين يشمل الماء أيضا بالتطرق الى الوف او ملايين الأمتار المكعبة من الماء التي سينتجونها، وكما هو حال الكهرباء فان الشغل الشاغل للناس هو حصولهم على الماء في أي وقت يريدون وبأي طريقة يستعملونه، بخاصة للشرب مباشرة من الصنبور اسوة بدول كثيرة، ومثلما كان الحال في العراق في عقود مضت.
ان توفير الماء النظيف للسكان على مدار الساعة يجنبهم المخاطر الصحية، كما انه يجنبهم شراء الماء وتكليف ميزانية الاسرة مصاريف إضافية.