صادق الازرقي
ليست بنا حاجة لذكر الفوائد على الانسان، التي توفرها البيئة النظيفة غير الملوثة، ولكن العبرة بتنفيذ الأعمال التي تحقق ذلك الهدف، الذي لا غنى عنه لإنشاء المجتمع السليم من النواحي البدنية والنفسية.
وتشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يقضون مدة طفولتهم في مناطق ترتفع فيها مستويات تلوث الهواء قد يكونون أكثر عرضة للإصابة باضطرابات نفسية في مرحلة متقدمة من حياتهم؛ اذ ان تلوث الهواء أصبح مصدر قلق متنام، فيما يتوصل عدد متزايد من الدراسات إلى تواجد روابط بينه وبين حالات مرضية متنوعة تبدأ بالربو والخرف وتنتهي بأنواع متعددة من السرطان.
وتلفت دراسات الى أن الأطفال الذين يترعرعون في المناطق التي ترتفع فيها نسبة تلوث الهواء في لندن مثلا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب في سن 18 عاماً مقارنةً بالأطفال الذين نشأوا في مناطق أنقى هواءً، ومنها مناطق الريف الانجليزي.
وان دراسة أجراها باحثون في الولايات المتحدة والدنمارك أشارت إلى تواجد صلة بين تلوث الهواء وزيادة خطر التعرض لمشكلات نفسية، مثل الاضطراب ثنائي القطب والفصام واضطرابات الشخصية.
ولدينا في العراق، فان اجواءنا تتميز بعديد مسببات التلوث الخطيرة والمعروفة، ومن ذلك تواصل استعمال مولدات الكهرباء الاهلية في الشوارع التي تنفث دخانها من دون حدود، وفضلا عن ذلك تترافق مع ذلك ملوثات اخرى اثبت العلم والطب مخاطرها، منها ضجيج الشارع بفعل عدم تنظيم حركة السير واستعمال المنبهات وغياب القوانين المنظمة لاستعمالها، والرادعة للتجاوز في مستوى اصواتها، كما يبرز فضلا عن ملوثات الهواء والضجيج، التلويث الذي يجري للمياه برمي الملوثات الصناعية والطبية وتسرب مخاطر محتوياتها الى مياه الشرب.
كما يبرز التلوث في عواصف الغبار والتراب التي تنبثق بين آونة واخرى، التي تسببها عوامل عدة من بينها غياب مشاريع انشاء الاحزمة الخضر وتخلف عمليات التشجير او انعدامها في الشوارع ضمن تصميم المدن المنشأة.
يتوجب عند التخطيط لإنشاء المدن بنوعيها الافقي والعمودي ان تفرد مساحات واسعة لزراعة الاشجار المعمرة ونباتات الزينة ومصدات الرياح، وجميع اصناف الاشجار والشجيرات الكفيلة بتنقية الاجواء، كما يتوجب سن قوانين مرورية تنظم حركة المركبات والحد من ضجيج الشارع.
اما قضية مولدات الشارع التي باتت تشكل هما رئيسا للناس لدورها الخطير في تلويث الاجواء واستنشاق الهواء غير الصحي، فعلى الحكومة ان تعمل على التوصل الى معالجات نهائية لها بالإسراع في انجاز مشاريع الكهرباء، لاسيما ان مصادر انتاج الكهرباء تطورت وغدا كثير من مشاريعها يستعمل مصادر الطاقة النظيفة الكفيلة بحماية البيئة.
ان متابعة قضايا البيئة، لاسيما مجابهة ملوثات الهواء قضية هامة وملحة، اذ ان ادارة مفاصلها بصورة سليمة ينعكس بالضرورة على حياة السكان وصحتهم الجسمية والنفسية، وان اهمالها سيكون خطأ كبيرا تتحمل مسؤوليته الجهات المعنية في السلطة التنفيذية، وان ادارته بصورة خاطئة تدفع ضريبته الاجيال المقبلة، اذ ان ملفه يمتد الى المستقبل المنظور والبعيد؛ وان أي تهاون في ملف معالجة القضايا البيئة يعني اننا اهملنا ركنا رئيسا من حياة الناس لن ينفع الندم في قادم الايام والسنوات في معالجة نتائجه الكارثية وتبعات اهماله الخطيرة المتعاظمة.