متابعة – التآخي
في إطار التوجهات الهادفة لمواكبة التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة وإعادة تدوير النفايات وتوظيفها، شددت وزارة البيئة الاتحادية، على التوجه لإنهاء ظاهرتي مواقع الطمر غير الصحي ومقالع النفايات، والسعي لاستثمار النفايات في توليد الطاقة وإنتاج الأسمدة العضوية.
وفي تصريحات لمدير بيئة بغداد التابعة للوزارة صادق حاتم عبود، قال فيها أن، الوزارة وضعت بخططها إنهاء وإزالة مواقع الطمر غير الصحية التي لم تستوف الشروط، فضلا عن مقالع النفايات في بغداد والمحافظات، وخاطبت وزارة الإعمار والبلديات وأمانة بغداد لتوفير مواقع نظامية تؤمن المحددات الموقعية وتوفر المتطلبات البيئية الواردة بالتعليمات.
وأضاف ان “مواقع الطمر النظامية ستحد من التأثيرات التي يمكن أن تسببها غير النظامية على البيئة المحيطة، وينطبق الحال نفسه على محطات التجميع الوسطية والتوقيتات الزمنية المطلوبة لرفع النفايات من هذه المحطات”، مشيرا الى ان الوزارة تسعى كذلك لتنفيذ خطط التنمية المستدامة عبر استثمار النفايات البلدية من خلال فرزها وإعادة تدوير القابلة منها، وتوليد الطاقة الكهربائية عن طريق حرق النفايات غير القابلة لإعادة التدوير، واستثمار الغازات المتولدة في مواقع الطمر لتوليد الطاقة أو استغلالها كوقود، فضلا عن إمكانية استعمال النفايات لإنتاج الأسمدة العضوية.
وكان وزير الكهرباء التحادي زياد علي فاضل، قد كشف في وقت سابق، عن أن الحكومة تتجه للاستفادة من تدوير النفايات لإنتاج الطاقة.
وقال أن”الوزارة تدرس عددا من العروض الفنية والتجارية المقدمة بشأن الاستفادة من آلية تدوير النفايات لإنتاج الكهرباء والتنسيق بشكل عال مع أمانة بغداد ودوائر البلدية والمحافظين، بغية إنشاء محطات استثمارية بهذا الشأن، تُراعى فيها شراء كمية وقيمة الطاقة وتعرفتها ومواصفاتها ومعدلاتها، ويناقش مع المؤسسات المذكورة توفير المواد الأولية لهذه الصناعةـ بحسب قوله.
ويرحب خبراء بيئيون بهذه التوجهات الهادفة لمواجهة تزايد وتيرة تداعيات التدهور البيئي والتغير المناخي في العراق، عبر تنويع مصادر الطاقة النظيفة واستثمار النفايات والمخلفات بطرق علمية منتجة كإعادة التدوير، وبما يسهم في معالجة هذا الملف الضاغط.
وطالبوا بترجمة هذه التوجهات عمليا وفق برامج وآليات تطبيقية واضحة ومجدولة، وبما يجعل من مكافحة التلوث بالنفايات، عملية مجدية ومربحة اقتصاديا وتنمويا وليس فقط بيئيا.
يقول الخبير البيئي العراقي أيمن هيثم قدوري، في لقاء صحفي ان الحديث عن تنويع مصادر الطاقة النظيفة ليس جديدا تماما في العراق، وهي ليست المرة الأولى التي يطرح فيها، اذ تكررت المناقشات والدعوات لانشاء مشاريع تحويل النفايات لطاقة كهربائية منذ عام 2014، ثم عادت حكومة عراقية أخرى لتوقع عقود مع شركات عالمية عام 2017 لنصب وتشغيل محطات للطاقة المتجددة في محافظتي المثنى والنجف، وعقودا أخرى لإنتاج 1000 ميغاوات من الطاقة الشمسية في عام 2018، ليصل الإنتاج لنحو 2000 ميغاوات بحلول 2025ـ على حد قوله.
وبرأي المراقبين فان هذه العقود والوعود التي رافقتها لم يتحقق منها أي شيء، وبقيت حبرا على ورق، اذ يعتمد مثلا تأمين الطاقة الكهربائية بنسبة 80% على امدادات الغاز الخارجية.
وبرغم ذلك لا شك أن مشاريع معالجة النفايات والمخلفات ومياه الصرف الصحي واستثمار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها، بغية تنويع مصادر الطاقة الكهربائية هي مشاريع وتوجهات طموحة وواعدة، وتعود بمردود خدمي وإنتاجي مستدام، يقود نحو تطوير الإيرادات الحكومية بمعزل عن الاعتماد على العائدات النفطية فقط، وتحقيق هدف استدامة الأنظمة البيئية في العراق، عن طريق مكافحة واحدة من أهم المشكلات في هذا السياق وهي تراكم النفايات في مراكز المدن وعدم تواجد آليات مستدامة للتخلص منها.
يشار الى ان وزارة البيئة العراقية قد أفادت في وقت سابق، بأن كميات النفايات الإجمالية التي تنتج في البلاد تصل إلى 20 مليون طن يومياً في عموم المحافظات، شارحة أنها تسعى إلى إطلاق مشروع إعادة تدوير النفايات، وسط شكاوى من المكبّات ومواقع الطمر التي تخنق المناطق السكنية.
وتعاني محافظات العراق من تخصيص مساحات واسعة في معظم مناطقها لرمي النفايات، فيعمد سكان كثيرون إلى حرقها للتخلّص منها ومن الروائح الكريهة المنبعثة منها، الأمر الذي يتسبّب في تصاعد الأبخرة السامة في تلك المناطق، وبالنتيجة في اختناقات بين السكان. وقد دفع ذلك كثيرين منهم إلى تقديم شكاوى أمام وزارة البيئة للمطالبة بتخليصهم من المكبّات الملوِّثة.
وأفاد مدير عام الشؤون الفنية في وزارة البيئة، عيسى الفياض، بأن أكثر من كيلوغرامَين من النفايات هو المعدّل اليومي لكلّ فرد عراقي، ليصل المجموع في عموم العراق إلى نحو 20 مليون طن يومياً، مشيراً إلى أن الوزارة بصدد “مفاتحة أمانة بغداد والبلديات لإطلاق مشروع صفر نفايات، للإفادة بإعادة تدوير تلك النفايات”، وأوضح في تصريح أمام الصحفيين في مقرّ الوزارة، أن هذا المشروع بحاجة إلى وقت لتنفيذه، بالتالي هو بعيد المدى، لكنه سوف يحقّق نتائج إيجابية؛ أضاف أن “الوزارة تسعى إلى تطبيقه في المجمعات السكينة لإنهاء عمليات الطمر”، مبيناً أن “العاصمة بغداد تطمر في الوقت الحالي نحو10 آلاف طن يومياً من النفايات”، أضاف الفياض أن “رئاسة الوزراء وجّهت وزارة البيئة بإعداد قانون جديد لتدوير النفايات في البلاد”، يشمل تدويرها وفرزها بشكل علمي “لمواكبة التطوّر العالمي”، وتابع أن “الوزارة وضعت بعض النقاط في إعداد هذا القانون، من بينها شراء الطاقة التي تنتج من النفايات بأسعار مدعومة أو دعمها عن طريق شرائها من قبل الدولة”.