منارات عراقية … هيفاء حسين (رسالة للولف مني لوديه)

حيدر شاكر الحيدر

كلما نستمع لأغنية: (رسالة للولف مني لوديه) نتذكر مطربتها هيفاء حسين الصوت البغدادي الذي ذاع صيته بعقد الستينات كون تلك الأغنية تعد من أهم أغانيها التي لاقت شهرة واستحسان لدى ذائقة المجتمع العراقي.

الحق يقال إن مدينة البصرة قدمت أكثر من صوت نسائي عبر تاريخ الغناء العراقي فأسماء أحلام وهبي ووحيدة خليل ثم سيتاهوكيبان وأخريات لم يسلط الإعلام على ما قدمن من أعمال كانت البصرة قد احتضنت مواهبهن وهيفاء هي إحدى هذه الأسماء التي ولدت بمدينة السياب والفراهيدي وابو الحسن البصري في العام 1938 قد أحبت الغناء وولعت به من خلال أجهزة المذياع وخاصة اللون المصري الذي تعلقنا به من خلال ما يقدم من اعمال فنانيه وفناناته.

هيفاء تأثرت بكوكب الشرق أم كلثوم وليلى مراد وهدى سلطان والأخريات بل ذهبت لتقلد تلك الأصوات أثناء الحفلات العائلية التي كانت تقام بمدينتها البصرة هنا وهناك وقد عرفت لدى وسطها الاجتماعي من خلال ما تؤديه من الغناء المصري بتلك الحفلات.

كان العقد الخمسيني وتحديداً بمنتصفه أول انطلاقه لهذه الفنانة وهي تقلد الاصوات العربية وتشير الإخبار إن هذه الفنانة رحلت من مدينتها البصرة هي وشقيقتها مقبوله إلى بغداد عند نهاية العقد الخمسيني واتخذت من منطقة الازرملي مكان لسكنها وشقيقتها لتعمل كمطربة بنوادي بغداد في منطقة ابو نواس كملهى الاوبرج الواقعة بشارع السعدون حيث كانت شقيقتها تمارس الرقص بتلك القاعات لتعتزل بعد ذلك وتغادر عالم الرقص ولينتهي بها الحال في بيت الزوجية.

اما هيفاء حسين فقد أصبح لديها جمهور يتابع نشاطها الغنائي الذي بدأ مع بداية العقد الستيني بعد إن استطاعت أن تجلب أنظار الملحنين امثال ناظم نعيم ومحمد نوشي ورضا علي إضافة لخزعل مهدي

تعد أغنيتها رسالة للولف مني لوديه انطلاق صوتها نحو الشهرة لأبناء المجتمع العراقي وهي من الحان خزعل فاضل وكلمات محمد هادي ومن ثم اشتراكها بفلم ارحموني لتؤدي من خلاله أغنية بغداد يا جنه بصحبة رضا علي الذي لحن هذا العمل من قالب الاوبريت عنوانه وادي الرافدين حيث كانت تؤدي بذلك العمل الذي كان من إيقاع الفالس ضمن نسيجه اللحني, صورة جمال وقدرة هذه الفنانة وهي تؤدي الفالس بصوتها المنسجم مع هذا الإيقاع العالمي إن صح التعبير ولها أغنية للطفل بنفس الفلم (ياوليدي نام) وهي من كلمات سيف الدين ولائي والحان رضا علي.. ومن اعمالها الغنائية التي نتذكرها (حسبه اجتي وحسبه توديني) وهي من كلمات الشاعر محمد هادي والحان ناظم نعيم ولها تعاون لأكثر من أغنية مع الراحل ناظم نعيم كأغاني دكَة كَلبي للشاعر حسين ترجمان وطير السعد لنفس الشاعر وأمونه يا أمونه لنفس الشاعر.

كانت تلكم الاعمال قد أحبها المتابع للغناء البغدادي إلا أن العام 1968 شهد سفر الفنانة إلى لبنان ثم إلى مصر وقد استفادت من تلك الرحلة حيث سجلت بصوتها مجموعة من الأغاني وخاصة في مصر حيث لحن لها كل من الملحنين محمود الشريف وعفيف رمضان وتعرف هؤلاء الملحنين على صوتها الذي يستمع إليه بملاهي مصر والتي تعشق فنها كما تذكر بلقاء اجري معها عام 1972 وتصف تلك التجربة من أجمل سني حياتها وهي بأرض الفن ومدركة أن أصوات شاديه وفائزة أحمد واخريات هي من أجمل الأصوات النسائية كما هي تؤمن بأن الغناء يتجدد من عقد لأخر وتذكر بذلك اللقاء إنها التقت ذات مرة بالموسيقار محمد عبد الوهاب إلا أن الوقت لم يسمح لها بان يكون هنالك تعاون بين الاثنين هنالك بعض المعلومات تفيد أن هذه الفنانة يعرفها أهل بغداد كونها مطربة متميزة وكان الزعيم عبد الكريم قاسم معجب بصوتها وبطريقة أدائها للغناء ولها اغنية وطنية بعنوان (فدوه لبن قاسم).

لقد قدمت هذه الفنانة أغاني أخرى منها كَلبي احتار وتحير وماجوز من ولفي ونسم ياهوى وكل تلك الأغاني ذات نكهة بغدادية تحسب لصوتها الرشيق.

وبعد هذه المسيرة الفنية لهذه الفنانة التي توفاها الله واختفت عن الأنظار ولا نعلم بأي عام توفيت وفي أي بلد عربي أو في العراق هذا وفائنا لتلك المبدعة التي ساهمت بتقديم لون غنائي بغدادي أحببناه وما زلنا نتذكره بحنين الماضي الأجمل بكل شيء اجتماعياً وفنياً وإبداعا..

عن كتاب (الاصوات الغنائية النسوية)

قد يعجبك ايضا