متابعة – التآخي
تشق روبوتات الدردشة أو “شات بوت” المدعومة بالذكاء الاصطناعي والروبوتات طريقها في عالم السفر والخدمات السياحية، ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لنا، وإلى أي مدى يمكن الثقة بعالم الروبوتات هذا؟
بحسب المراقبين، لا يستطيع روبوت الدردشة “جي بي تي/ GPT” تقديم نصائح حقيقية لزيارة المعالم البارزة في جزيرة مايوركا مثلا، فإذا سألت الموقع عن أمكنة لا يقصدها السياح بكثرة، فسوف يقترح عليك الأماكن الشهيرة والمطاعم التقليدية كما تظهر في أي دليل سفر أو على شبكة الإنترنت.
وعليه فإن روبوتات الدردشة أو “شات بوت” المدعومة بالذكاء الاصطناعي سوف تنصحك بزيارة كاتدرائية بالما دي مايوركا ومدينة سولير الشهيرة الواقعة في قلب الجزيرة أو متجر لبيع الآيس كريم يعود إلى قرون ماضية، وهكذا فإن الاعتماد على مثل هذه المواقع ليس الأداة المناسبة للبحث عن الأماكن التي لا يقصدها السياح بكثرة.
ويوضح المراقبون، أنه “عندما يتعلق الأمر بالنصائح الخاصة بك، فإن الأمر عادة ما يعود إلى التجارب الشخصية التي لا امتلكها أنا كنموذج للذكاء الاصطناعي”، هكذا يجيب الروبوت على سؤال بخصوص نصحية ويضيف “إذا كنت بحاجة إلى توصيات شخصية أكثر تحديدا، فإنني أنصح بطلب المشورة من المرشدين السياحيين أو السكان المحليين”.
لكن ما يتفوق فيه “شات جي بي تي” يتمثل في الرد على الاستفسارات البسيطة والأكثر وضوحا، فعلى سبيل إذا كنت تزور مايوركا للمرة الأولى؛ وترغب في كيفية الوصول إلى ساحة “بلاكا إسبانيا” في وسط مدينة بالما عاصمة الجزيرة، فإن الإجابة ستكون سريعة ودقيقة وحتى في حالة السؤال عما إذا كان البقشيش أمرا معتادا في الجزيرة، فإن الرد من “شات جي بي تي” سيكون “نعم ودفع نسبة 10 بالمئة كبقشيش تعد بشكل عام دليلا على الكرم”.
يقول فولفرام هوبكن، أستاذ علوم المعلوماتية التجارية في جامعة رافنسبورغ- فاينغارتن للعلوم التطبيقية في جنوب ألمانيا “لن يمر وقت طويل حتى تُرشدنا برامج الدردشة على طرق السفر والسياحة في داخل المدن، ولن يتوقف الأمر على ذلك بل سيجري استعمال تطبيقات الذكاء الاصطناعي على نطاق أوسع في مجالات سياحية أخرى”.
واللافت أن هناك استعانة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحسين عمل الشركات السياحية برغم أن المسافرين قد لا يكونون على دراية بالأمر إذ تستخدم شركات الطيران الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بعدد الركاب الذين سوف يُقدمون على إلغاء رحلاتهم وأيضا رصد الحجوزات الاحتيالية عبر الإنترنت.
وفي مدينة البندقية أو “فينيسيا” الإيطالية، يجري استخدام الذكاء الاصطناعي للتخفيف من حدة الازدحام، فيما يقول هوبكن إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي “يستخدمها المسافرون وشركات السياحية ومنصات السفر عبر الإنترنت”. وفي الوقت الحالي، قد يصادف السائحون أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي منوط بها تنظيم الرحلات، إذ من المحتمل أن روبوتات الدردشة أو “شات بوت” مسؤولة عن الرد على الاستفسارات، وقد يشمل الأمر أيضا حجز غرف الفنادق وتقديم إرشادات حيال أفضل العروض.
ويشير كل ذلك إلى أن الروبوتات تستحوذ ببطء على المهام التي كان يؤديها موظفو الفنادق والمطاعم، بيد أن هذا لا يعني السيطرة التامة؛ وفي ذلك، يقول هوبكن إن الروبوتات التي تقوم بجمع الأطباق من على طاولات المطاعم وتحضرها إلى المطبخ ليست بالقدر الكبير من التعقيد حيث لا يمكنها التحرك بعيدا عن سيطرة الإنسان في داخل المطعم. وأضاف أنه لهذا السبب فإنه سيتم استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات معينة فقط.
ويؤكد هوبكن أن روبوتات الدردشة مثل “شات جي بي تي” سوف تلعب دورا هاما في قطاع السياحة، لكن عندما يتعلق الأمر بالرد على استفسارات السائحين، فإن هذه التقنيات ربما تكون غير دقيقة أو غير صائبة. واستشهد في ذلك بأن أي سائح يرغب في زيارة قصر ماريفينت، الذي يعد مقر إقامة العائلة الملكية الإسبانية في الصيف، سوف يُصاب بخيبة أمل عندما يعرف أن القصر ليس مفتوحا أمام العامة.
لكن يبقى أن نرى هل بمقدور روبوتات الدردشة القيام بمهام كتيب أو دليل الإرشاد السياحي التي غالبا ما تتسم بالملل؟ ويظهر أن “شات جي بي تي” لايعتقد أنه سوف يقوم بالأمر في وقت قريب، إذ أجاب في رد على سؤال بهذا الخصوص “برغم فائدتي كمساعد رقمي، إلا أني لا أعتقد أنني أستطيع تعويض الخبرات التي تقدمها شركات السفر والموظفون المحليون”.
يمكن وصف الذكاء الاصطناعي بأنه محاكاة لذكاء وسلوك البشر بفضل برامج وآلات ذكية تعتمد على خوارزميات وبرامج تعليمية، ومن أبرز مجالاته الإنتاج الصناعي ورعاية كبار السن والخدمات الطبية. ويعد الذكاء الصناعي من القضايا التي تشغل الباحثين في التكنولوجيا العالية، لاسيما وأن هناك محاولات لصناعة أجهزة ببرامج تمتلك ذكاء خارقا ويمكن بالاعتماد عليها تزييف كثير من الوقائع، بحسب خبراء، غير أن بعض العلماء ينظر إلى ذلك بعين الريبة بسبب المخاطر المحتملة لهذه الأجهزة في حال تصرفت بمفردها من دون العودة إلى البشر.
ومن نماذج تشغيل الذكاء الاصطناعي في السياحة، مثلا في أحد مطاعم بكين في الصين، بإمكان ضيوف المطعم طلب قائمة الطعام المفضلة لديهم من الروبوتات، ومن ثم يقوم المساعدون الرقميون بالبحث عن الطعام المطلوب في المطبخ وتسليمه إلى النادل الروبوت، الذي يوصله إلى طاولة الزبون. نظام مؤتمت تماماً، كما يحفظ طلبات الزبائن من أجل الزيارة المقبلة.