أربيل – التآخي
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء عن مشروع “ضخم” لمتحف اللوفر، أكثر متاحف العالم استقطابا للزوار والذي يواجه مشكلات صيانة مقلقة، بما يشمل استحداث مدخل كبير جديد وغرفة مخصصة للوحة الموناليزا وزيادة سعر تذكرة الدخول للزائرين غير الأوروبيين.
وفي قاعة الدول في المتحف الباريسي، مع تحفة ليوناردو دا فينشي الفنية في الخلفية، أراد الرئيس الفرنسي إظهار طموحاته الكبيرة من خلال خطة أطلق عليها “النهضة الجديدة لمتحف اللوفر”، في إشارة مزدوجة إلى الفترة التاريخية التي تعكسها لوحة الموناليزا التي رُسمت في بداية القرن السادس عشر، ولكن أيضا إلى مسيرته السياسية، وهو الذي أطلق على حزبه اسم النهضة.
وبحسب أوساط ماكرون الذي أقرّ بأن المشروع “ضخم”، فإن الكلفة تُقدّر بنحو 700 إلى 800 مليون يورو على مدى عشر سنوات، وسيتم تمويل “جزء صغير للغاية” منها من جانب الدولة.
وجاء ماكرون إلى اللوفر بعد أيام من التنبيه الذي أطلقته رئيسة المتحف ومديرته لورانس دي كار التي تطرقت إلى مشكلات عدة يواجهها الموقع في مذكرة مؤرخة في 13 كانون الثاني/يناير إلى وزيرة الثقافة رشيدة داتي.
وشملت هذه المشكلات “تضاعف الأعطال في المساحات التي تكون أحيانا غير صالحة للاستخدام”، بفعل “الاستخدام المفرط” الذي أوصل بعض المباني في الموقع إلى “مستويات مقلقة من التقادم”، فضلا عن “تغيرات مقلقة في درجات الحرارة تعرّض حالة الحفاظ على الأعمال للخطر”.
وبات الهرم الزجاجي الذي افتُتح في عام 1988، وهو مدخل مهيب وضع تصوّره الرئيس الاشتراكي السابق فرنسوا ميتران (1981-1995) وصمّمه المهندس المعماري إيوه مينغ بي، يُعتبر “عتيق الطراز هيكليا” لأنه كان مصمما لاستقبال أربعة ملايين زائر سنويا. وكان المتحف قد استقبل قرابة تسعة ملايين زائر (80% منهم أجانب) في عام 2024 و10 ملايين قبل جائحة كوفيد.
– هدف 2031 –
الجزء الأكثر إثارة للاهتمام يتعلق “بإنشاء مدخل كبير جديد على مستوى عمود بيرو”، على الواجهة الشرقية للقصر القديم. وأعلن ماكرون التوجه إلى إقامة مسابقة معمارية لافتتاح المدخل “بحلول العام 2031 على أبعد تقدير”.
وسيشمل ذلك إعادة تصميم الساحة التي تحيط بهذه الواجهة، ولكن أيضا إنشاء قاعات عرض جديدة تحت ساحة “كور كاريه” Cour Carrée في متحف اللوفر.
أما التغيير الكبير الثاني فيتمثل في التخطيط لبناء “مساحة خاصة” جديدة لاستضافة لوحة الموناليزا، “يمكن الوصول إليها بشكل مستقل عن بقية المتحف مع استحداث تذكرة دخول خاصة بها لهذه الغاية”، وفق الرئيس الفرنسي.
وغالبا ما تتسبب حماسة الزوار لمشاهدة هذه اللوحة التي يعاينهتا 20 ألف شخص يوميا، في تعقيد ظروف الزيارة في المساحات المحيطة، بدءا من لوحة عرس قانا للرسام الإيطالي فيرونيزي، المعلقة في قاعة الدول نفسها.
وستناهز كلفة هذا الجزء من الخطة 400 مليون يورو، تبعا للمشروع المختار، وسيتم تمويله بالكامل من موارد المتحف الخاصة، بفضل الأموال التي يوفرها متحف اللوفر أبوظبي ودعوات الرعاية، لا سيما في الولايات المتحدة، بحسب الوفد الرئاسي.
أما الجزء الثاني، وهو أكثر تقنية، فيهدف إلى تكييف المتحف من حيث معايير السلامة والبيئة، من دون إغلاقه، وتحسين الراحة فيه وجودة حماية الأعمال. ومن المتوقع أن تستمر العملية لعشر سنوات، كما ستتراوح كلفتها بين 300 و400 مليون يورو.
وستساهم الدولة بالتمويل من خلال ضخ 10 ملايين يورو في المشروع ضمن ميزانية 2025 للدراسات الأولية.
لكن إيمانويل ماكرون يواجه مشكلة مزدوجة.
– 12 مليون زائر سنويا –
وبعد هزيمة معسكره في الانتخابات التشريعية العام الماضي، لم يعد بإمكان ماكرون إملاء القرارات على الحكومة كما فعل لسبع سنوات. علاوة على ذلك، فإن الوضع السيئ للغاية للمالية العامة يعيق بدرجة كبيرة الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها الدولة.
وبناء على ذلك، صادق الرئيس الفرنسي على فكرة رشيدة داتي، التي عينها قبل عام، لزيادة سعر تذكرة الدخول للأجانب من البلدان خارج الاتحاد الأوروبي اعتبارا من 1 كانون الثاني/يناير 2026.
وقد يؤدي هذا التسعير التفاضلي في نهاية المطاف إلى جلب عشرين مليون يورو إضافية سنويا، إذا تم تحديد سعر الدخول عند 30 يورو للأجانب، وإذا وصل عدد الزوار إلى 12 مليون زائر سنويا، وهو الهدف الذي حدده ماكرون.
وفي هذه المرحلة التي تواجه فرنسا خلالها نقصا في الميزانية، قال الرئيس الفرنسي إنه يريد اعتماد مبدأ التسعير التفاضلي هذا على “متاحف أو مواقع أثرية أخرى”، من دون تحديدها.