د. نادية الجدوع
المشهد السياسي في الشرق الأوسط يتجه مع العام 2025 الى مزيد من المواجهات والتصعيد الجيوسياسي، والصراعات في الإقليم العربي ما تزال في الأفق ما يشير إلى استمرار الازمات دون حلول..
في الوقت نفسه عازمة إسرائيل على إنهاء حكم حركة «حماس»، واستبداله بحكم رمزي فلسطيني، وإعادة تهيئة الأجواء في الضفة، والاتجاه إلى إجراء انتخابات لاحقاً، وإن كان هذا سيكون مؤجلاً إلى ما بعد اكمال الانتخابات الرئاسية الأميركية، وحسم الصراع الراهن داخل الكونجرس ومجلس الشيوخ على ما يجري من دور في دعم إسرائيل، كما أن إسرائيل لن تشهد تغييرات جوهرية بالفعل في الفترة الراهنة، أو بعد وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، وذلك سيتم من خلال تغييرات في بنية الحكومة الاسرائيلية الراهنة، ومكونات ائتلافها في المقام الأول، وإدخال المعارضة.
وفيما يخص الصراعات ما بين أطراف الشرق والغرب على الأولويات، وفشل المبعوث الأممي في تحريك المشهد، والدعوة إلى إجراء الانتخابات المؤجلة ما يؤكد أن الأمر سيمضي إلى خيارات صدامية لا مكان فيها لخيارات توافقية حقيقية ، يمكن العمل من خلالها، وفي ظل معطيات جدية تشكل الازمات ومن خلالها ايجاد حل مقنع لكل الأطراف التي ما تزال تسعى الى توافقات مرضية،
بغياب الطرف الدولي عن المشهد لانشغالاته المتعلقة بكل الأطراف الراهنة، كما سيبقى الوضع
يتطلب سيناريوهات تتجاوز تشكيل تحالفات أمنية جديدة قائمة في المنطقة الاقليمية كافية للتعامل إن أرادت الولايات المتحدة، كما أن السلوك الإيراني في حاجة للضبط، وبناء مقاربات للتوافق لا للصدام في ظل ما يجري من تحديات تتعلق بأمن الإقليم بأكمله، وهو ما يجب وضعه في الاعتبار في الفترة المقبلة، خاصة وأن هناك قوى إقليمية مناوئة متربصة بالمشهد، وتسعى لتسجيل موقف معين، أو التدخل في ما يجري من تحركات راهنة أو متوقعة.
ومن ناحية أخرى، تأتي الحاجة إلى إعادة تأهيل مؤسسات النظام الإقليمي العربي، وهذه المسألة تحتاج في العام الجديد 2025 إلى إعادة تجديد وتطوير، وعلى رأس هذه المؤسسات الجامعة العربية، ومنظماتها الإقليمية خاصة مع الدعوة الدولية لإقرار نظام أمني شرق أوسطي بديلاً عن النظام العربي لمواجهة التحديات الخطرة التي لا تريد بناء علاقات عربية في مواجهة مد الشرق الأوسط الجديد، والتي تعيد الولايات المتحدة تقديمه بصورة لافتة، مما سيتطلب الحذر في مواجهة ما يجري.
ومن المتوقع أن يشهد الشرق الأوسط كثيراً من التطورات السياسية المتغيرة المهمة، لكن لن تكون تطورات مفصلية، أو هيكلية مع الإقرار بالتعايش المنضبط للصراعات في الإقليم لمواجهة ما يجري من مخططات مع التوقع بتعثر بعض المشروعات الراهنة والمطروحة في مجالات التعاون الإقليمي، والتي بدأ طرحها مؤخراً في إطار تغيير ملامح النظام الاستاتيكي الحالي، والقابل للتغير، أو التطور بصورة سلبية ما قد ينقل صورة لما يجري من تحولات خطرة.
ومن ثم ان المتغيرات السياسية والاستراتيجية ستكون في بدايات العام 2025 متعلقة بإدارة الدول الكبرى، وتفاعلاتها الرئيسية في المواقف العربية في غزة ورام الله وليبيا والسودان والخليج العربي، وفي اتجاهات الجنوب الاوسطي، وكذلك النطاقات الاستراتيجية المؤثرة، والتي تعمل وفق حسابات متعددة ومتداخلة للدول، والأطراف المعنية مما قد يؤدي إلى مزيد من السيناريوهات، والمشاهد المتعددة والتي تتطلب إعادة ترتيب الحسابات، والأولويات العربية بصرف النظر عن استمرار المشكلات والأزمات العربية،
يقيناً فإن الإقليم الشرق أوسطي سيواجه تحديات حقيقية، ومواقف متباينة وصراعات وتوترات ينبغي العمل عليها بصورة مرحلية، وعبر استراتيجية تدريجية حيث لا توجد حلول أو خيارات جاهزة، وإنما العمل على جزئيات، وأنصاف الخيارات التي قد تؤدي إلى تسكين المواقف، وعدم حلها كما يجري في أغلب الأزمات العربية والشرق أوسطية