زاخو: قوس قزح من الحب والطبيعة

سارة سلیڤاني

في اقليم كوردستان العراق، تستقر مدينة زاخو كجوهرة ثمينة تزين أطراف البلاد، تمزج بين عبق التاريخ وسحر الطبيعة في لوحة فنية متقنة. زاخو ليست مجرد مدينة، بل هي قصيدة تنبض بالحياة والحب، تروي حكايات أهلها وأسرارها.

في يوم من أيام الربيع الدافئة، كانت الشمس تشرق بحنان على شوارع زاخو القديمة، بينما كنت أتجول بين أزقتها، استرعى انتباهي زوجان يسيران على ضفاف نهر الخابور. بدا المشهد وكأنه مأخوذ من رواية قديمة؛ السماء صافية، والنسيم يحمل رائحة الزهور المتفتحة، والشمس ترسل أشعتها الذهبية لتضفي على المدينة دفئًا ناعماً. كان الزوجان يمسكان بأيدي بعضهما، وعيناهما تتحدثان بلغة يفهمها فقط العاشقون. كان الحب مشعًا منهما، كما لو أنهما يعكسان جمال المدينة وروعتها في تلك اللحظة.

بينما كنت أسير في قلب المدينة، توقفت عند ساحة تعج بالحياة والحيوية. الأطفال يركضون ويلعبون، ضحكاتهم تملأ المكان بفرح صافٍ لا تشوبه شائبة. الطيور تحلق عالياً في السماء، تتراقص مع النسيم، بينما تجلس أخرى على أغصان الأشجار تغرد بنغمات متناغمة مع الطبيعة. رأيت طيرًا ينقض بلطف على يد طفل صغير، يأخذ منه قطعة خبز، فابتسم الطفل بسعادة عفوية، واستمر الطير في رحلته بين السماء والأرض.

الزوار من كل مكان اجتمعوا في زاخو، يتأملون جمالها ويستمتعون بسحرها. على ضفاف الخابور، كانت السفن الصغيرة تنساب بهدوء، تحمل على متنها السياح الذين يلتقطون الصور، يوثقون لحظات لن تُنسى في ذاكرة هذا المكان الرائع. كان الجميع هنا يعيشون اللحظة، يحتضنون جمال الطبيعة وروح المدينة التي تمزج بين الماضي والحاضر.

على جانب الساحة، كان بائع الزهور يقدم للمارين زهورًا مختلفة الألوان. اقترب الزوجان، اللذان رأيتهما في البداية، واختار الزوج وردة حمراء قدمها لزوجته بابتسامة مليئة بالحب. كانت لحظة تختزل الكثير من المشاعر، لحظة ستبقى محفورة في ذاكرتهم كرمز لقصة حب خالدة.

ومع غروب الشمس، أضاءت المدينة بألوان دافئة، انعكست على مياه الخابور الهادئة، ما زادها سحرًا وهدوءًا. قبل أن أغادر، جلست لدقائق بجانب النهر، حيث كان هناك عجوز يجلس بصمت على مقعد خشبي، يراقب الجسر الحجري القديم الذي يحمل اسم “جسر دلال”، وكأنه جزء من قلب زاخو النابض. كانت عيناه تلمعان، كما لو أنه يستعيد ذكريات طفولته هنا، حيث الجسر العتيق يعانق مياه النهر، وينبض بكل جمال المدينة وأصالتها.

زاخو، تلك المدينة الصغيرة بحجمها، الكبيرة بمعانيها، ستبقى دائمًا في الذاكرة، تجسد حكاية من حكايات الزمن، حكاية تستحق أن تُروى وتُحفظ في القلوب.

قد يعجبك ايضا