ارهاصات بيئية .. الالغام وتأثيرها الكبير على الاستدامة البيئية

صادق الازرقي

يصنف العراق بحسب الإحصاءات والتقارير الدولية والمحلية المعنية، كأكثر دول العالم تلوثا بالألغام ومخلفات الحروب غير المتفجرة، التي هي بمنزلة قنابل موقوتة تحصد أرواح عراقيين كثر أو تتسبب لهم بعاهات مستديمة، والمنتشرة من جراء الحروب الداخلية والخارجية التي مر بها العراق طيلة العقود المنصرمة.

وأكثر الالغام هي من مخلفات الحرب العراقية الإيرانية التي تنتشر كثيرا عند الحدود الشرقية والشمالية الشرقية، وبعض من الحدود الجنوبية الشرقية من العراق، وهذه الحدود تعد جغرافيا طويلة وغير معروفة بسبب ان كل الخرائط العسكرية التي تمثل مفتاح العثور عليها قد فقدت بخاصة بعد عام 2003، بحسب قول الخبراء.

وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العراق تعد محافظة البصرة من أكثر مدن العالم تلوثا بالأسلحة غير المنفجرة، وتقول اللجنة ان معدل التلوث في البصرة يبلغ 1200 كيلومتر مربع وتشمل الألغام الأرضية والذخائر العنقودية وغيرها من مخلفات الحرب، ويعود تاريخ معظم حقول الألغام المعروفة إلى حرب 1980-1988 مع إيران.

وفضلا عن ذلك لم تزل تتواجد المخلفات الحربية الناجمة عن سيطرة تنظيم داعش على بعض المحافظات العراقية التي لم يجري استكمال تطهيرها من تلك المخلفات، وكثير من هذه الألغام وبفعل العوامل البيئية التي تعرضت لها طمرت في التربة واختفت معالمها.

ويشدد متخصصون على ان عملية تطهير حقول الالغام والتخلص منها تمثل اهمية قصوى لأنها تؤدي الى إطلاق الأراضي بعد تطهيرها من الألغام والمخلفات الحربية، وبما ينسجم مع عمليات إعادة إعمارها وإعادة الأهالي النازحين، وكذلك استثمارها ضمن مبدأ التنمية المستدامة بصورة فاعلة.

ان بقاء هذه الألغام شكلت مشكلة بيئية مزمنة، حولت مناطق شاسعة لحقول موت وخراب ما انعكس سلبا على تنمية وتطوير تلك المناطق وحتى المحيطة بها والقريبة منها.

ان تطهير البيئة من هذه الألغام والمتفجرات ومعالجة مخلفات اليورانيوم المنضب وغيرها من ملوثات تطال التربة والماء والهواء في مختلف مناطق العراق، ضرورة ملحة بل ووجودية لا سيما في ظل تفاقم مفاعيل وتداعيات كارثة التغير المناخي والتلوث البيئي التي تضرب العراق، وفي ظل تواصل حصد تلك الألغام لأرواح العراقيين وبترها لأجزاء من أجسادهم.

لقد دأبت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 على القول انها بصدد تطهير جميع الالغام وتخليص البيئة العراقية منها، وقالت انهاوضعت استراتيجيات خاصة بذلك لغرض تنقية البيئة من ذلك الخطر الكبير وتهيئة الاراضي المطلوبة للزراعة والتنمية المستدامة.

ويفترض بعد اكثر من 20 عاما من التغيير في نيسان 2003 ان تكون تلك القضية في طي النسيان الا انها تواصل تهديد البيئة والمجتمع وتنبثق دائما المخاوف من استمرار تواجد الالغام والمخلفات الحربية لتأثيرها الكبير السيء على البيئة الطبيعية والبشرية وعرقلة اقامة المشاريع المطلوبة للارتقاء بالبيئة وتحسين ظروف عيش السكان.

ان عملية ازالة الالغام والتخلص منها نهائيا تتطلب اجراءات حازمة وحاسمة، وعلى الجهات المعنية في العراق تفعيل جميع الاجراءات المطلوبة لإنقاذ البيئة من الالغام، ويتطلب ذلك قطعا تخصيص المستلزمات المالية المطلوبة لتنفيذ ذلك الهدف والاستعانة بخبرات الجهات الدولية المعنية بتلك القضية؛ كي لا يستغرق الامر سنوات طوال اخرى وكي نحافظ على بيئة سليمة.  

قد يعجبك ايضا