صادق الازرقي
يظهر ان العراق هو آخر من ينفذ الخطوات المطلوبة لتطبيق السياسات المنبثقة عن التجارب العلمية والخبرات المتراكمة المتحصلة من جهات ودول تعنى بصحة المجتمع.
فهل خطر في ذهن الجهات الصحية والبيئية وجميع الجهات التنفيذية المعنية في العراق، التمعن بما يفعله العالم بقصد الحفاظ على صحة الناس وتجنيبهم المخاطر الفتاكة الناجمة عن الاستعمال الخاطئ لوسائل المعيشة؟
لقد تحولت كثير من الدول الى استعمال الأكياس الورقية والقماشية بدلا من البلاستيك غير القابل للتحلل.
ولقد اثبتت الدراسات الطبية بما لا يقبل الشك، ان حفظ الأطعمة في الأكياس البلاستيكية لاسيما إذا كانت ساخنة يؤدي إلى تحرر بعض المواد الضارة التي تسبب تغيرات واضطرابات هرمونية في الجسم، ومنها اضطرابات الغدد الصم، كما ان الأكياس والعلب البلاستيكية التي تستعمل في حفظ أو نقل المواد الغذائية تزيد من فرص الإصابة بالتشوهات الخلقية، بسبب تواجد مواد كيميائية تتفاعل مع الغذاء المحفوظ أو المنقول بوساطتها، كما ان دخول عديد المواد العضوية، مثل، بولي فينيل كلوريد، في صناعة منتجات البلاستيك كالأكياس البلاستيكية، يزيد من فرص الإجهاض، وتترشح المواد الكيميائية الضارة في أثناء التصنيع، في المواد الغذائية المخزنة، وان استعمال العبوات البلاستيكية قد يؤدي الى رفع خطر الإصابة ببعض السرطانات و إضعاف الجهاز المناعي، و تأثيرات سلبية على الإنجاب.
كما ان التخلص من الأكياس البلاستيكية بشكل غير صحيح قد يتسبب في منع القمامة لتصريف مياه الأمطار.
وفضلا عن ذلك فان محاولة التخلص من النفايات البلاستيكية عبر حرقها، ينتج عنه تصاعد مركبات كيميائية تتشكل على هيئة سحابة سوداء تؤدي إلى تلوث الهواء وتؤثر على صحة الجهاز التنفسي.
وتوصي الجهات المعنية بقضايا البيئة وشؤون الصحة بتجنب استعمال أكياس وأكواب وملاعق وأطباق البلاستيك في الحياة اليومية لخطورتها على صحة الإنسان، وتوصي باختيار العلب المصنوعة من المعادن أو الزجاج لتخزين المواد الغذائية بدلًا من العلب والأكياس البلاستيكية.
لذلك وغيره من الاسباب، على الجهات التنفيذية المعنية في العراق اتخاذ القرار الحاسم واللجوء الى بدائل أمثل عن المنتجات البلاستيكية، التي يصرف على استيراد كثير منها اموال طائلة، ومن الاجراءات البديلة اللجوء الى خيار انتاج الاكياس الورقية والحاويات الزجاجية والمعدنية وتحسين نوعيتها، وذلك يحقق فضلا عن الامور الصحية تشغيل الايدي العاملة المحلية وتوفير الاموال الناجمة عن الاستيراد بخاصة فيما يتعلق بالمنتجات المضرة بالصحة.
نقول هنا، وقطعا فان الامر يحتاج الى تجارب، يظهر ان الطريقة القديمة في استعمال المواد الغذائية التي كان يجري فيها شراء بعض المنتجات في الاوعية الزجاجية ومن ذلك قناني المشروبات الغازية والحليب وغيرها وارجاعها الى محال الشراء ومن ثم اعادة تدويرها في المصنع كانت طريقة سليمة وصحية؛ فهي تحد من مخاطر الاواني البلاستيكية التي جرى تعميمها لاحقا، كما انها تديم عمل مصانع الالبان والمشروبات وغيرها، وتقلل الكلف الناجمة أي بتدويرها؛ ويظهر ان قضية تدوير النفايات كان معمولا بها سابقا ثم جرى تركها واللجوء الى منتجات البلاستيك، فيما كان يتوجب ان يحدث العكس، حتى ان الجيل الاقدم يتذكر كيف كان الخبز والصمون يلف بقطع قماشية سواء لدى البائعين او في المنازل.