بغداد – التآخي
في تجربة زراعية غير مسبوقة، شهدت محافظة البصرة تنفيذ أول مشروع تجريبي لزراعة نبات العصفر، وهو أحد المحاصيل الاقتصادية البديلة، لما يتمتع به من خصائص غذائية وطبية وعلفية، في ظل تفاقم أزمة المناخ وتحديات الأمن الغذائي في البلاد.
وقال مدير دائرة زراعة البصرة، هادي حسين، لوكالة شفق نيوز، إن “هذه التجربة نُفذت شمال المحافظة للمرة الأولى، وتُعد محاولة لاستكشاف زراعة محاصيل بديلة تتلاءم مع مناخ البصرة وظروفها البيئية”، مؤكدًا أن “نبات العصفر يتميز بأهميته الاقتصادية كونه من المحاصيل الزيتية التي تحتوي على نسبة عالية من الأحماض الدهنية غير المشبعة، وبنسبة تتراوح بين 55% إلى 70% من حمض اللينوليك، وهو ما يُسهم في خفض نسبة الكوليسترول في الدم والوقاية من أمراض القلب وتصلب الشرايين”.
وأضاف، أن “المتبقي من النبات بعد استخراج الزيت، يستخدم في تغذية الحيوانات المجترة، مما يمنحه قيمة إضافية في الجانب العلفي”، مبينًا أن “العصفر” نبات مقاوم للجفاف ولا يحتاج إلى تكلفة عالية في زراعته، وقد استخدمت في التجربة 10 كغم من سماد اليوريا و10 كغم من سماد NPK إلى جانب الأسمدة النانوية”.
يحصد مرتين
ويؤكد أن “زراعة العصفر تمت في خطوة مهمة للبدائل الناجحة والجيدة وبمساهمة فنية من منتسبي شعبة مجمع الآليات التابعة لقسم تنمية الأهوار، الذين تولوا مهام إعداد وتهيئة التربة والبذار”.
وأوضح، أن “العصفر يُحصد على دفعتين: الأولى لقطف البتلات التي تُستخدم في صبغ الأطعمة ومستحضرات التجميل، وبعد نحو شهر تُحصد البذور لاستخراج الزيت، وقد شهدت مرحلة المشاهدة الميدانية حضورًا واسعًا من موظفي المديرية وعدد من المنتسبين في شعبتي زراعة القرنة ومجمع الآليات والشعب الزراعية في شمال البصرة”.
البداية بـ5 دونمات
من جانبه، أكد رئيس مهندسين زراعيين أقدم، أسامة عبد الهادي صالح، وصاحب فكرة المشروع والمسؤول عن تنفيذه، أن “التجربة أثبتت جدوى المحصول على أكثر من صعيد”، مشيرًا إلى “وجود رغبة لدى الفلاحين في التوسع بزراعته لما له من مردود اقتصادي جيد وتنوع في الاستخدامات”.
وبيّن عبد الهادي أن “الفريق يخطط لتطوير المشروع بعد الحصول على الموافقات الرسمية من مديرية الزراعة، ليتم تخصيص خمسة دونمات جديدة لزراعة العصفر خلال الموسم الزراعي المقبل الذي يبدأ في 15 تشرين الثاني 2025”.
وأشار إلى أن “النبات يُظهر قدرة عالية على مقاومة التغيرات المناخية التي تعاني منها المنطقة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، شح المياه، والعواصف الغبارية، ما يجعله خيارًا استراتيجيًا في ظل الظروف البيئية الصعبة”.
وأضاف، أن “هناك فكرة مستقبلية للاستفادة من كثافة الأزهار وتفرعات السيقان في تربية النحل بالتوازي مع زراعة العصفر، وهي ميزة نادرة توفر مدخولاً إضافيًا للمزارعين”.
زراعته محدودة في العراق
وتابع عبد الهادي، أن “هذا النبات بدأ ينتشر عالميًا، حيث يُزرع على نطاق واسع في الولايات المتحدة والمكسيك ودول شرق آسيا، بينما شهدت سوريا تطورًا ملحوظًا في زراعته على مستوى تجاري”.
وأوضح، أن “العراق، ما زال يَزرعه على نطاق بحثي أو تجريبي، إذ سجلت حالات زراعته في محافظات بابل، الديوانية، والسماوة، بينما لم تُعرف زراعته في البصرة سابقًا سوى من خلال هذه التجربة التي نفذتها مديرية الزراعة، إلى جانب بحث علمي أُجري في كلية الزراعة”.
استثمار بديل
ولفت إلى أن “تصاعد الأزمات المناخية والضغوط الاقتصادية على القطاع الزراعي، يجعل تجربة زراعة العصفر في البصرة مؤشرًا على توجه جديد نحو استكشاف محاصيل بديلة ومستدامة، لا تستهلك المياه بكثافة وتحقق عائدًا اقتصادياً متعدد الأوجه”.
وأضاف أنه “في حال نجاح التجربة الثانية وتحقيق نتائج إيجابية، قد يتحول العصفر إلى محصول استثماري دائم في المحافظة، بما يفتح الباب أمام الفلاحين لمصادر دخل جديدة، ويعزز الأمن الغذائي والعلفي في العراق