اعداد: عدنان رحمن
اصدار: 6- 2- 2024
عن دار أيام للنشر والتوزيع- بغداد شارع المتنبي صدر في العام 2022 بطبعته الاولى رواية بعنوان ( رسائل الجنوب) للكاتبة ( أطياف رشيد) ورد في جزء منها:
– ” الساعة الثانية عشرة منتصف الليل- المدينة القديمة في الموصل ٢٩ / تموز:
تمتم زيد وعماد الشهادة معا بصوت خافت، قبيل انطلاقهما في المهمة مع جندي اخر اقتضت المهمة تحرير المدنيين من خلال التسلل الى مواقع العدو التي يحتجزهم فيها، أحاط التنظيم البيوت باسلاك موصلة بالمتفجرات وزرع الشارع المؤدي اليها الغاما فاختار زيد طريقا مختصرا عبر زقاق ضيق لم يحسب له العدو حسابا لشدة ضيق المسافة فيه التي تصل الى اقل من متر، استمر الثلاثة زاحفين في الظلام وكان كل متر يجتازونه بمثابة عمر جديد، استمروا بالزحف مدة تزيد على الساعة تخللها فترات توقف للتأكد من الأرض التي سوف يتقدمون اليها، وحين اقترابهم مسافة مناسبة من البيت حيث الرهائن، لم يكن سوى حارس وحيد عند هذه الجهة وان القضاء عليه دون احداث ضجة يستلزم سرعة ودقة استلم عماد زمام الأمور وتحرك من اجل ان يتخلص من هذا الجرذ الكبير، اخرج الحربة ووضعها في فمه وانتظر وهو على الأرض حتى يلتف وهجم عليه دفعة واحدة واسقطه. ثمة زجاج نافذة مكسور استطاع من خلاله زيد رؤية الموجودين داخل هذا المكان أرادوا ان يتأكدوا من انهم بالفعل مدنيون من سكنة هذه المنطقة وليسوا من عوائل داعش فربما تكون مجرد مكيدة وخدعة لمح زيد امراة انحنت على صغيرها ترضعه ومجموعة من الفتيان ربما عشرة او اكثر ، ورجال ونساء مُسنّات. أراد ان يتأكد اصاخ السمع جيدا لم يكونوا يتحدثون ولكن تناهى الى مسامعه همس تهويدة الام للطفل بصوت حزين منكسر:
يا قمع يا دحجلي
اجيب ابوي ديجي
اجيبنا سلة عنب
انقسمه علی النبي
هذا النبي من حشمتو
جت الغزالة وزاغتو.
اثر صوت المرأة المختنق بالعبرة والالم في نفس زيد ونزل منزلة عميقة في روحه الجريحة وأضافت غضبا مضاعفا تجاه من يحاولون اسكات هذا الصوت الدافيء في ثنايا شوارع المدينة القديمة. انهم من أبناء المدينة، كان اكيدا، وتلك اللهجة لا يتقنها إلا الموصليون، وعبر هذه النافذة تسلل وفك وثاقهم، وطلب اليهم الخروج برفقة عماد والجندي الثالث واحدا بعد الاخر متجنبين الاسلاك التي نبههم اليها وعلى الطريق المختصر. بكى احد الفتيان وتوسل اليهم ان ينقذوا جده. سأله زيد عن مكانه؟. قال الفتى وهو يبكي بصوت مخنوق: اخذوه معهم لانه مختار المحلة، لقد قتلوا عائلتي كلها، ثم جاء واحد منهم وقال لا تقتلوا هذا الولد انا اريده لي، وجروّا جدي معهم”.
ولنفس دار النشر ( دار ايام) صدرت رواية بعنوان ( الطعنة) للكاتبة ( فاطمة علي) في العام 2023 بطبعته الاولى ورد في جزء منها:
– ” حبيبي مختفي ولا أعلم اين هو؟
جلب الماء وجلست اشرب منه بجانب ادريس من شدة التعب غفوت بجانب ادريس! ايقظني ادريس متفاجأ من وجودي بالقرب منه لهذه الدرجة! وانا منصدمة كيف نمت كل هذه المدة! خجلت منه يا الله ماذا سيقول الآن؟ هو ينظر لي وانا لا انظر له خجلا قال بعد صمت:
– اذهبي غيري ملابسك لنذهب الى الجامعة ونأخذ سَما معنا.
قلت بشرود: حسنا.
نهضت بسرعة من شدة الخجل ركبت السيارة بتوتر هو صامت وانا متوترة بعد ثوان قلت:
– ادريس- امس خفت ان انام لوحدي ونمت بالقرب منك.. اسفة!.
ضحك قائلا: تتذكرين امس عندما قلت لي محاضرة ما طولها يا الله والان تقولين ” خفت” وضحك مستهزئا.
– انت حقير. قلت له. قلتها بانزعاج ادرت وجهي عنه انظر الى الشارع والى سَما التي خرجت تمشي ببطىء صعدت في السيارة مبتسمة وقالت:
– صباح الخير عليكم. فرددنا انا وادريس: صباح النور. قالت ذلك والحماس واضح على وجهها.
– لماذا تضحك؟ ادريس اضحكني!. اشرت لأدريس بعيني الا يقول لكنه ضحك بصوت عالٍ يزعجني!. فجأة على ضحكهم رنّ هاتفي صمتوا يترقبون! اخرجت الهاتف رأيته صديق طارق!. توترت وضعت الهاتف على الصامت.
لاحظ ادريس ذلك، قال بصوت هادئ: مَن؟؟ رُدي!. تأففت وقلت بعدم مبالاة: لا احد.
قال بصوتٍ عال: اعطني الهاتف مريم.
لماذا لا أعطه، قلتها وانا احتضن حقيبتي لأرى ان كان والدك يزعجك انا اكلمه لا تخافي رأيت سَما تنظر لي شعرت بأنها تعلم من يتصل!. قلت بنفاد صبر!.
– لا ليس ابي وان كان ابي لا احتاج مساعدة منك!. هزّ رأسة نزلت من السيارة امشي ببطئ الى الجامعة صاح ورائي ادريس ماذا يريد هذا. نظرت له يهتف بيده لي، وقفت امامة قائلة:
– قل؟؟. اعطاني ورقة بقيمة 25 الف عراقي قائلا:
– هذا لك سوف تحتاجينه. قلت بخجل: لا اريد لدي ما يكفي. قال: وان يكن لديك ام لا خذيها ان جعتي أأكلي بها. هززت رأسي بنفاذ صبر ودخلت الى الجامعة مرّ اسبوع كامل ولا خبر من طارق!.
آه يا الله دخلت الى البيت اليوم اتيت مع رجل حيوان متحرش اكره سيارات الاجرة!. رأيت ادريس ممدّد ارضا، اف ادریس مریض! تقربت منه همست بصوت خافت:
– ادریس…. ادریس استيقظ حرارتك مرتفعة هيا انهض!.
لم يستيقظ وضعت يدي على وجه وهززته يمينا ويسارا قائلة:
– ادریس………. ادريس.
فتح فمه وقال بصوت ضعيف: مريم لا استطيع التنفس ساعديني، لا اقوى على النهوض”.
وعن دار ايام للنشر ايضا صدرت الطبعة الاولى في العام 2023 لرواية بعنوان ( رنة حجل) للـــ ( د. عبد الكريم الصافي) ورد في جزء منها:
– ” يمة كلثومة لا تنسين تنكتي فراش عمــچ گبل ما تفرشيه، ورُشي السطح بنَيتي.
– صار عمّه.
ولا تنزل ” كلثومة” زوجة عليوي من السطح قبل انتهائها من رش الماء على تراب السطح ليبعث عبقا يتناغم عطره مع نسمات قادمة من صوب النهر القريب من منطقة سكن ام قدوري، وتقوم بمد الأفرشة على الأرضِ كلٍ في مكانه وأعدت الكُله ( الناموسية) لفراشها مع زوجها وأخرى لفراش عمها أبو قدوري الذي يحرص على أن يكون فراشه ليس ببعيد عن فراش زوجته أم قدوري التي ما عادت ترتضي النوم مع زوجها ” أبو قدوري” بفراش واحدٍ استحياء من أولادها وأحفادها، وقد احترم أبو قدوري رغبة زوجته التي يحبها حباً جما، وكاد أن يقتل ابنَ عمها عندما نهى عليها منعه من خطبتها لما يتمتع به ابن العـم من أفضلية على الغير للاقتران بابنة عمه. طالبا إياها للزواج وهو كان يعشقها ويهيم بها عشقا والجميع يعرفُ ذلك، وأبوها وأعمامها اعتبروا في ذلك الوقت أن انتشار خبر حبّ عباس الخبّاز من ابنتهم فضيحة وعار سيطاردهم إلى الأبد وإن تزوجها، وليس من حلّ أمامهم غير أن يتقدم ابن عمها لخطبتها والزواج منها دون تأخير، وما أن سَمِعَ عباس الخبّاز بالخبر حتى جنَّ جنونه وذهب يهدد ابن عمها بكماشة ( ملقط إخراج شلع الخبز من التنور) يريدُ فَج رأسه به لولا أن تداركه الجالسون في المقهى الذي كان يجلس فيه ابن عمها ” عودة الأعور” كما كان معروفًا بهذا الاسم وإن كان عودة يمتاز بعيون كبيرة وزرقاء اللون، إلا أنه عُرِفَ بهذا الاسم استنكارا للون عينيه الذي لا يوجد أحد من أقرانه وأقاربه ملوّنة عيونه سوى عودة الأعور، ولم تنته هذه المشكلة إلا يوم تدخل كبار الشخصيات في المدينة ويخطبون لعباس حبيبته نظمية وعاش معها أجمل أيام عمره. ولم تزعل ولم تحزن يوم جاءها عباس يستأذنها ليتزوج من امرأة أخرى وقع قلبه هائمًا بها يوم جاءت ” مهدية” تشتري من دكان الحبوب الذي كان يمارس فيه عباس الخباز عمله فيه بعدما ترك فرن الخبز واشتغل في تجارة الحبوب، وقد تكررت زياراتها لدكانه تشتري حاجاتها منه والحديث يجر حديثا والإعجاب المتبادل يفسح الطريق للعاشق المتيم ليسأل زبونته عن ظروفها ويعرف منها أنها أرملة قد توفي عنها زوجها بعد زواج لم يدم أكثر من سنتين بعد سقوطه من أعلى النخلة حيث كان يعمل لقاحا ومزبر نخيل، وقد خطفه الموت مبكرا، ربما قسمتها أن تعيش أرملة طول العمر، إلا أن عباس تجرأ وعرض على مهدية أن يتزوجها ويكفل صغيرها ” غازي” ويكون أباً له وسندا لها، ولم ترد مهدية لا بالإيجاب ولا بالقبول وتركت الدكان مُسرعة وقد غشَت وجهها بعباءتها خجلا ممّا طلب. أخذت أم قدوري عدداً من النسوة وبناتها الكبيرات خاطبةً لزوجها مهدية وقد اشترطت على زوجها أن يستأجر أو يشتري بيتاً آخرا لزوجته الجديدة، وكان شرطها نافذا من دون نقاش.
لم تكن كلثومة تعلم أن صبحي المطيرچي ” ابن أم جواد” الخياطة الذي بيت أهله سطحه يحاذي ويلاصق سور بيت أم قدوري كان يراقبها عن كثب، وأمه كانت الجارة المقربة إلى أم قدوري، حيث لا يمر يوم من دون أن تأتي أم جواد عند جارتها أم قدوري لترتشف الشاي وقت العصاري معها وتتناولان الكعك سويةً بصحبة عدد من الجاراتِ اللواتي يأتين يتسامرن ويقدمن تقريرا مفصلاً عمّا جرى في بيوتهن في ذلك النهار وتفضفض البعض منهن عن معاناتهن مع أزواجهن أو كناتهن، وأم قدوري تمارس دورها الإرشادي وتقديم النصائح التي كلها تنتهي بذكر الآية الكريمة ( إن الله مع الصابرين) موصية جارتها التي تشتكي بالصبر فـــ ( الصبر مفتاح الفرج) كما كانت تقول، وبعدها تنفض جلسة العصاري ولم يبقَ مع أم قدوري سوى جارتها أم جواد التي تحب أن تساعد أم قدوري بكل عمل يقع تحت يدها وبالخصوص لضم الباميا بخيوط وتجفيفها للموسم، أو عصر الطماطم وتجفيفها في صواني تحملها كنتها كلثومة للسطح ليجف بعد أن تقوم بتغطيته بقماش ” الململ”، ولم تستنكف أم جواد من تهميز سيقان وذراع أم قدوري كلما طلبت منها ذلك: ( خيّه رحمه لأبوچ إنتي خوش تمرخين). هذه العبارة التي تتلفظها أم قدوري تكفي حتى تقوم أم جواد من مكانها مشمرّةً عن ذراعيها وتبدأ بتفريك سيقان وكتف وذراعي أم قدوري وهي التي تغدو تحت رحمة قوة دعك جارتها أم جواد كالعجينة بيد الخبازة وليس لها إلا أن تتمتم بعبارات الشكر والثناء والترحم على روح والدي جارتها أم جواد التي تكون في لحظتها جادة جدًا فيما تقوم به، وما أن تنتهي من عملية التدليك التي تكون نهايتها بناءً على طلب أم قدوري بعدما شعرت براحة واسترخاء كبير: ( خيّه الله لا يزغرچ ألف رحمة على روح أمــچ وأبوچ) وبعدها تجلس أم جواد وقد أنهكها ما كانت تقوم به، ولا تُسعفها، إلا طاسة الماء أو طاسة لبن كانت أم قدوري قد صنعته بيدها كعادتها كلما أرادت تخثير الروب فهي تتقن ذلك جيداً، وبعدها تخرج أم جواد مودعة جارتها التي تحرص على ألا تتركها تعود لبيتها فاضية اليدين، إنما تكون محملّة بما تجود عليها أم قدوري من فضل الله وكرمها وأم جواد في كل مرّة ترفض أخذ ما تكرمه بها أم قدوري وفي آخر المطاف تأخذه منها مع عبارات الثناء والشكر”.