حسين علي غالب بابان
منذ أربعة وعشرين عام أخر مرة سمعت فيها عن أفتتاح مصنع حكومي صغير لإنتاج “البسكويت” ، ونجح هذا المصنع في حينها في توفير أكثر من ألفي فرصة عمل دفعة واحدة ، حيث كان المصنع يعمل على دفعتين عمال يعملون صباحا وعمال آخرين يعملون مساءا ، وبعدها تأتي شاحنات النقل ومعها عمال النقل يأخذون الإنتاج اليومي ويقومون بتوزيعه محليا ولا يتركون دكان أو كشك صغير إلا ويأخذ منهم ، والجميع مسرور للغاية ويعملون في نشاط وحيوية.
الفكرة كانت بسيطة والتكلفة صدقا متواضعة والنتيجة مربحة لكل الأطراف ، لكن الآن بتنا نجد ابتعاد تام عن المشاريع الانتاجية والتوجه لاستيراد كل شيء دون استثناء لسهولة الأمر و رخص السعر.
هذا خطأ كارثي ، لأن المنتج المحلي معناه الأحتفاظ بالعملة الأجنبية بدل أن تذهب للخارج من أجل الأستيراد ، كما أنها تمتص أعداد هائلة من العاملين من مختلف التخصصات ، كذلك نشهد الآن ارتفاع مخيف لمختلف المنتجات بسبب الظروف الملتهبة المحيطة بالمنطقة ، وتحكم البورصات العالمية بالعرض والطلب ، أما المنتج المحلي لا يتأثر بهذا.
أنني أتمنى أن يتم تأسيس وفتح مئات المصانع الصغيرة خصوصا المتعلقة “بالانتاج الغذائي” ، لأننا نعاني حسب الدراسات والاحصائيات الدولية من أزمة غذاء طاحنة ، وهذه المصانع الصغيرة هي أفضل من أن تقوم وزاراتنا كل سنة بعمل إحصائية لعدد الموظفين المتقاعدين أو المتوفين منهم ، حتى تخرج الحكومة بأكملها على وسائل الإعلام المختلفة ،وتزف بشرى للشباب العاطل عن العمل عن توفر وظائف حكومية شاغرة لسد الفراغ الناتج عن الموظفين المتقاعدين والمتوفين منهم ، وحينها نرى صفوف العاطلين أمام الوزارات الحكومية كل واحدا منهم يحمل ملفا فيه أوراقه ويدعو خالقه أن يحظى بالوظيفة الحكومية وتتحقق احلامه أخيرا بعد طول انتظار.
كذلك العالم بأسره مقبل على “الحكومة الالكترونية” أي أن يتم عمل كل دوائر الدولة عن بعد ، والدول التي سبقتنا بـ “الحكومة الالكترونية” استغنت عن سبعين بالمائة من الموظفين الحكوميين لعدم الحاجة لهم ، فمن أين سوف تأتي دولنا بوظائف حكومية للشباب في المستقبل مع وجود “الحكومة الالكترونية”..!!
أيضا أن فرضنا على سبيل المثال أن الحكومة نجحت و وفرت عدة الالاف من الوظائف الحكومية ماذا سوف نفعل مع بقية الشباب العاطل عن العمل ، ونحن من الشعوب التي تمتاز بانفجار سكاني مرعب غير مدروس وأغلب سكاننا هم من شريحة الشباب ..؟؟