كيف تفاعل البنغاليون في دول الخليج مع سقوط الشيخة حسينة

 

 

التآخي ـ وكالات

 احتفل البنغاليون في دول الخليج العربي، باستقالة الشيخة حسينة من رئاسة الحكومة في وطنهم الأم بنغلاديش، وبفرارها من البلاد.

وعبّر البنغاليون عن فرحتهم بتناول الـ “ميستي” وهي حلوى شعبية معروفة في بنغلاديش، وتُعدّ تقليداً للاحتفال بالمناسبات السعيدة، بخاصة الأعياد الدينية أو حفلات الزفاف، وارتبط تواجدها لسنوات بشكل وثيق، بمظاهر الثقافة والضيافة البنغالية.

كثيرٌ من البنغاليين الذين يعملون ويعيشون في دول الخليج، عمدوا، فور شيوع الأنباء عن التغييرات السياسية الأخيرة في بلادهم، إلى تقديم هذا النوع من الحلوى إلى أصدقائهم، بل وحتى توزيعه في الشوارع، احتفالاً وفرحاً، فقد كانوا يتابعون الأحداث العاصفة الأخيرة بشكل يومي، وكان لتسارع وتيرتها، الأثر الكبير في نفوسهم.

يقول سيفور الرحمن، وهو صحفي بنغالي مقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ 32 عاماً، إن “مشاعر الغضب الشعبي المتزايد، بسبب الافتقار إلى الشفافية والمساءلة، وعدم الانضباط المالي، وتفشي الفساد ونهب الأموال العامة على مدى سنوات، دفعت الجيل الشاب في بنغلاديش إلى إطلاق حركة الاحتجاج التي أجبرت الشيخة حسينة على ترك السلطة”.

وفي حديث لوسائل الاعلام، يعرب سيفور الرحمن عن أمله في أن تشهد بلاده تحولاً جذرياً وتقدّماً تحت قيادة جديدة، تضمن الحكم الرشيد والقضاء على الفساد، عن طريق تحقيق العدالة وتمهيد الطريق لإجراء انتخابات عامة حرّة ونزيهة في المستقبل، لافتاً إلى أن الشعب البنغالي يريد من الحكومة المؤقتة في العاصمة دكا، تطوير المؤسسات ضمن خارطة طريق للتنمية، تكفل الازدهار والنمو الاقتصادي المستدام، بحسب تعبيره.

من جانبه لا يخفي عثمان غوني نهيد، وهو مهندس برمجيات يعمل في الإمارات منذ ثلاث سنوات، لا يخفي سعادته إزاء ما أسفرت عنه الحركة الطلابية البنغالية، التي أطاحت برئيسة الوزراء الشيخة حسينة، ويقول: “أنا سعيد جداً جداً، وأشعر بالحرية”.

ولا يُضمر غوني نهيد في نفسه خوفاً على مستقبل بلاده، لأن هناك برأيه، كثيرا من الموارد التي يمكن أن تسهم في تنميتها، ويلفت إلى أن الناتج المحلي سجّل نموا يُعد جيداً “بعد كل الفساد الذي مارسته الحكومة”.

 

 

وفيما يتعلق باختيار محمد يونس الفائز بجائزة نوبل للسلام عام 2006 لرئاسة حكومة انتقالية في بنغلاديش، يرى “غوني نهيد” أن يونس هو الشخص المناسب والمثالي لقيادة البلاد في هذه اللحظة تحديداً.

ومن الإمارات إلى المملكة العربية السعودية، حيث يرى إسلام – وهو باحث دكتوراه يعيش في مدينة جدة منذ قرابة العامين- أن ما حدث في بلاده بنغلاديش، يمثل سقوطاً لـ “الدكتاتورية والفوضوية” بعد 16 عاماً من الدمار.

ولكنه يقول في حديث، إنه وفي حين يعود كل الفضل في سقوط الشيخة حسينة إلى الناشطين في صفوف الطلاب، فإن هناك كثيرا من المعارضين، الذين يحاولون الاستفادة من التغييرات الأخيرة، حتى أولئك ممن أشار إلى أن لديهم سِجلا سيئا.

ويمضي قائلاً: “نريد حكومة مؤقتة محايدة الآن، وانتخابات نزيهة في وقت قريب، من دون تدخل الأحزاب السياسية”. ويعرب إسلام عن أمله في أن تأتي حكومة غير مرتبطة بـ “الدكتاتورية السابقة”، كما يصفها.

ويعرب قادر عن سعادته برؤية بلاده خالية من “ديكتاتورية” حكومة الشيخة حسينة، قائلاً إنها لحظة فخر للشعب البنغالي، الذي اعد أنه يطبّق الديمقراطية من دون مساعدة أو تدخل سياسي من دول أخرى.

ويدعو قادر إلى أن يجري تطبيق القانون بحق الشيخة حسينة، بسبب قتل الطلاب المحتجين، فضلاً عما يصفه بعديد الممارسات غير العادلة، التي راح ضحيتها المئات، معربا عن أمله في أن تقدم الحكومة المؤقتة الجديدة الشيخة حسينة إلى القضاء في وقت قريب.

ولا يخشى قادر على مستقبل بلاده، بل إنه يعرب عن فخره بأن يكون جزءاً من أمّة “تعرف كيف تحصل على حقوقها بوساطة الاحتجاج السلمي”، كما يقول.

ويرى قادر أن الشعب البنغالي في يدٍ أمينة اليوم، قائلاً إن محمد يونس رئيس الحكومة المؤقتة، يحمل مسؤولية بناء بنغلاديش جديدة بعقلية ديمقراطية، فهو برأيه يتمتع بالخبرة والذكاء، “ونحن محظوظون بوجوده كقائد جديد لبنغلاديش”.

أحد الوافدين البنغاليين إلى البحرين، فضّل عدم ذكر اسمه، قائل إنه يشكر “ربّ العالمين على أننا تمكنّا من الخروج من هذا الوضع السيء في بنغلاديش، وأشكر مجتمعنا الطلابي الذي قام بحركة مناهضة للتمييز، وندعو لأولئك الذين سقطوا في تلك الحركة”.

ويضيف قائلاً: “أينما نظرتَ في بنغلاديش وجدتَ فساداً وإرهاباً ورشوة وأنشطة غير أخلاقية، نحن بحاجة إلى الخروج من هذه الدوامة، ونريد قيادة جديدة وحزبا سياسيا جديدا، لأن كل شيء بحاجة إلى إعادة تنظيم، وعلينا جميعا أن نعمل معا للمضيّ قُدما وسنكون قادرين على ذلك”.

أما تاج، وهو بنغالي يعمل في الكويت منذ 20 عاماً، فيبدي فرحه لرحيل الشيخة حسينة من البلاد، قائلاً: “نحن سعداء… سعداء جداً”.

ويرى تاج أن بنغلاديش عانت الكثير من المشكلات بسبب حكومة الشيخة حسينة، قائلاً إنه يفضّل عدم العودة أو زيارة بلاده في الوقت الراهن، إلى حين أن تتضح الصورة.

وكغيره من البنغاليين الذين تحدثوا الى وسائل الاعلام في الخليج، يعرب سهيل، الذي يعمل في الكويت منذ ثماني سنوات، عن سعادته برحيل الشيخة حسينة؛ فحكومتها تسببت برأيه، في الكثير من المشكلات في البلاد على مدى سنوات.

وكذلك يرى عارف، وهو اسم مستعار لأحد الوافدين البنغاليين إلى سلطنة عُمان، أن بنغلاديش شهدت “أسوأ أيامها” في عهد الشيخة حسينة، متذكرا الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي وارتفاع تكاليف المعيشة، والمحاصصة في الوظائف، وغيرها من الأمور، التي أثّرت وتؤثر في حياة الشعب البنغالي. ويقول إن تلك الأمور والسعي لحياة أفضل، هي ما دفعته لقرار الهجرة إلى الخليج، متطلعا لما سيحدث في الأيام المقبلة في وطنه.

وتشكّل الجالية البنغالية، واحدة من أكبر الجاليات الوافدة إلى دول الخليج العربية؛ اذ يعمل البنغاليون في شتى القطاعات والمهن.

 

 

وتشير الأرقام إلى أن العدد الأكبر من المغتربين القادمين من بنغلاديش، يقيم في المملكة العربية السعودية، بعدد يتجاوز 2.1 مليون شخص.

وبدأت الاحتجاجات الطلابية في بنغلاديش التي أدت إلى اشتباكات مع قوات الأمن خلّفت نحو 300 قتيل في الأقل، مطلع تموز 2024، قبل أن تتحول إلى أسوأ أعمال عنف شهدتها البلاد في عهد رئيسة الوزراء الشيخة حسينة التي تتولى السلطة منذ 15 عاما.

ففي 1 تموز، بدأ طلاب إغلاق الطرق العامة والطرق السريعة وخطوط السكك الحديد بشكل يومي، مما أدى إلى اضطرابات في عمل وسائل النقل، وذلك تنديدا بنظام الحصص في الوظائف العامة. ويُتهم هذا النظام بتفضيل المقربين من السلطة على حساب مرشحين عاطلين عن العمل أكثر استحقاقا لها.

وفي 7 تموز، قالت رئيسة الحكومة الشيخة حسينة إن الطلاب “يضيّعون وقتهم” إذ لا “مبرر” للمطالبة بإصلاح النظام، بحسب تعبيرها.

في 11 تموز، بدأت الشرطة التصدي للتظاهرات وأطلقت الرصاص المطاط والغاز المدمع في مدينة كوميلا في شرق البلاد لتفريق محتشدين كانوا يحاولون وقف حركة المرور على طريق سريع رئيس؛ لكنها لم تتمكن من السيطرة على الوف المتظاهرين الشباب في العاصمة داكا. صعدت الحشود إلى سيارة للشرطة وفككت حاجزا للقوات الأمنية.

وفي 15 تموز، أصيب أكثر من 400 شخص في اشتباكات بين متظاهرين وميليشيا الجناح الطلابي لحزب رابطة عوامي الحاكم في جامعة داكا، أرقى مؤسسات التعليم العالي في بنغلاديش، واستمرت المواجهات بين الجانبين ساعات تراشقوا فيها الحجارة.

في 16 تموز، قُتل 6 أشخاص في الاشتباكات في 3 مدن بعدما فاقمت أحداث اليوم السابق التوترات، وأصدرت الحكومة أمرا بإغلاق جميع المدارس والجامعات، و نُشرت القوات شبه العسكرية لحرس الحدود البنغلاديشي في 5 مدن رئيسة.

 

 

وتسارعت الانتفاضة ففي 18 تموز، عاد الطلاب إلى الشوارع وهتفوا “لتسقط الدكتاتورة”، وقُتل 32 شخصا في الأقل وجُرح المئات في الاشتباكات التي دارت على مدار اليوم.

وفي العاصمة، أشعل متظاهرون النار في مقر التلفزيون الوطني وفي عشرات مراكز الشرطة ومبان حكومية أخرى.

وأفادت محطة “إنديبندنت تيليفيجن” التلفزيونية المستقلة الخاصة عن وقوع مواجهات في 26 في الأقل من مقاطعات بنغلاديش البالغ عددها 64، و قطعت السلطات الإنترنت بشكل شبه كامل عن البلاد.

في 20 تموز، كانت الشوارع الرئيسة في العاصمة مهجورة فجرا فيما كان يقوم الجنود بدوريات راجلة وفي ناقلات جند مدرّعة في هذه المدينة التي تضم 20 مليون نسمة.

لكنّ آلاف الأشخاص تحدوا حظر التجول وعادوا للنزول إلى شوارع رامبورا. أطلقت الشرطة الذخيرة الحية على الحشود وأصابت شخصا واحدا على الأقل، كما انتشر الجيش في المناطق الحضرية.

في 21 تموز، قضت المحكمة العليا في بنغلاديش بالحد من نظام الحصص المطبق في توزيع الوظائف العامة من دون إلغائه. وحضّت المحكمة الطلاب المحتجين على “العودة إلى الصفوف الدراسية”؛ لكن مجموعة “طلاب ضد التمييز” التي كانت وراء تنظيم الاحتجاجات، أعلنت أنها لن توقف التظاهرات.

وفي اليوم الاخير قبل استيلاء المنفضين على مقر الحكومة والبرلمان قتل نحو 100 شخص فيما ارتفع عدد قتلى الاحتجاجات الى 300 شخص ومئات الجرحى استنادا الى أرقام من الشرطة ومن مستشفيات.

وبنغلاديش وتسمى جمهورية بنغلاديش الشعبية تبلغ مساحتها 147570 كيلومترا مربعا، وعدد السكان نحو 170 مليون نسمة بحسب احصاءات عام 2023، وتحتل المرتبة الثامنة على مستوى العالم من ناحية عدد السكان.

والشيخة حسينة واجد (مواليد 28 ايلول 1947) هي سياسية ورئيسة وزراء بنغلاديش وشغلت المنصب من حزيران 1996 حتى تموز 2001 ومرة أخرى منذ كانون الثاني 2009 حتى 5 آب 2024، وهو يوم سقوطها، وهي ابنة الشيخ مجيب الرحمن “الأب المؤسس” وأول رئيس لبنغلاديش.

قد يعجبك ايضا