الدكتور : جيا عبدالكريم رشيد
إنّ مبدأ المشروعية مبدأ عامّ وواجب التطبيق في جميع الدول الغربية والعربية على مختلف اتجاهاتها وآرائها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فالدول الحديثة والمعاصرة تسعى لإعلاء هذا المبدأ والالتزام بتطبيقه والسمو به لأنه يعد مبدأ جوهريًّا، فالسلطات الثلاث: التشريعيّة والتنفيذية والقضائية وهيئاتها ودوائرها يجب أن تحرص على الالتزام بهذا المبدأ ولا تخرج عنه، وفيما يأتي توضيح حول مبدأ المشروعية في القضاء الإداري بشكل خاص، ومصادر مبدأ المشروعية، والاستثناءات على هذا المبدأ. مبدأ المشروعية في القضاء الإداري إن مبدأ المشروعية بمعناه العامّ يعني سيادة القانون، أي أنّ جميع الأشخاص الذين يقيمون على أرض الدولة، وبالإضافة إلى السلطات الثلاث وجميع أجهزتها وهيئاتها ودوائرها، خاضعة للقواعد القانونية سارية المفعول في الدولة، أما مبدأ المشروعية في القضاء الإداري يعني” خضوع الأعمال والتصرفات الصادرة عن السلطة التنفيذية “الإدارة العامّة” للنظام القانوني السائد بالدولة في مختلف قواعده”، ويقوم مبدأ المشروعية على مجموعة من القواعد القانونية التي يتكون منها نظام الدولة القانوني، الوارد في جميع مصادر القانون سواء أكانت هذه المصادر مكتوبة أم غير مكتوبة، والتي يعود إليها القاضي الإداري في قراراته وأحكامه الصادرة، ورغم أن مبدأ المشروعية يعد مبدأ من المبادئ القانونية واجبة التطبيق، إلا أنه قد يتضيق من نطاقه في ظل الظروف غير العاديّة والاستثنائية التي تعتري الهيئات والدوائر الإداريّة أثناء قيامها بمَهامّها لتحقيق الصالح العامّ
يقصد بالمشروعية أن تخضع الدولة بهيئاتها وأفرادها جميعهم لأحكام القانون وأن لا تخرج عن حدوده، ومن مقتضيات هذا المبدأ أن تحترم الإدارة في تصرفاتها أحكام القانون، و إلا عدت أعمالها غير مشروعة وتعرضت للبطلان. والأساس الذي يقوم عليه المبدأ مرهون باختلاف الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مختلف الدول، وغالباً ما تتفق الدول على أن هذا الخضوع هو الذي يمنح تصرفاتها طابع الشرعية ويضعها في مصاف الدول القانونية وبخروجها عنه تصبح دولة بوليسية.
ويقصد بالمشروعية من الجانب الموضوعي هي :-
مبدأ المشروعية في المفهوم ألموضوعي : وبعني أي تصرف يصدر عن الإدارة يجب أن يكون مطابقا للقواعد القانونية النافذة في الدولة ، لأنها ملزمة ومخالفتها يعني القضاء على كل قيمة ملزمة لها ، وأن الجانب الموضوعي يقضي بوجوب إصدار قرارات الإدارة على مقتضى القواعد القانونية فلا يجوز مخالفتها طالما هي قائمة ولم يتم الغاؤها أو تعديلها ، والجهة الإدارية لا تخضع فقط للقرارات التي تضعها الجهة الأعلى بل أيضا ما وضعتهُ هي نفسها من قرارات فردية إلى أن يتم تعديلها أو الغاؤها ، وتبعا لمفهوم مبدأ المشروعية ، هو أن الإدارة يجب أن تكون بقراراتها الفردية يجب أن تكون موافقة للقرارات التنظيمية .
مبدأ المشروعية في الجانب الشكلي : وهو ما يتعلق بتعديل أو الغاء القواعد القانونية ، ومعنى ذلك أن كل سلطة أو جهة تريد أن تصدر قاعدة قانونية ، عليها أن تراعي القواعد الصادرة عن السلطات العليا ، وأن الدستور يحتل قمة النظام القانوني في الدولة ولا تستطيع السلطة التشريعية إصدار قانون مخالف للدستور ، كذلك لا يجوز للسلطة التنفيذية مخالفة القانون من خلال ما تصدرهُ من لوائح وأنظمة ، وعلى السلطة القضائية أن تصدر أحكامها وفق القانون .