معرض عوالم .. طقوس العاطفة والانسانية

التاخي – ناهي العامري

بدعوة كريمة من الرسام التشكيلي ابراهيم تايه، زارت التاخي معرضه الشخصي  (عوالم) المقام على قاعة الاطرقجي للفنون التشكيلية في المنصور، واثناء تجوالنا في اروقة المعرض انبهرنا بألوان اللوحات والافكار المعبرة عن عواطف انسانية عميقة، وفي لقاء معه قال :

ان اعماله تنتمي الى مدرستين هما التعبيرية والتجريدية، وهاتان المدرستان ظهرتا في أوربا بداية القرن العشرين، ومن ابرز فناني تلك المرحلة فان كوخ ، غوغان وغيرهما،  وأضاف: تطورت التعبيرية الى التجريدية، حيث ان التجريد مجرد خطوط ومساحات لونية، اما التعبيرية فهي تعبر عن دواخل الانسان وتظهر شكل انسانيته، احيانا تكون مشوهة ، لان الفنان لا يلتزم بقواعد الواقعية الكلاسيكية ، انما يستغل حريته لتكوين عوالمه الخاصة، فحينما تشاهد اعمالي اول مرة ترى عوالم مكررة داخل رموز العاطفة الانسانية، وقد استخدمت ثيمة المرأة والرجل لتشكل صيرورة العلاقة الازلية بينهما، للتعبير عما اختزنته افكار اللوحة.

بعد ذلك ارتأينا ان نستمع لآراء النقاد حول معرض عوالم، وكان لقائنا الاول مع الدكتور جمال العتابي، الذي قال: انتابتني رعشة حالما حدقت في لوحات ابراهيم تايه اول مرة، اذ فاجئني معرضه الشخصي عوالم، اللغة مختزلة داخل طقوس العاطفة الانسانية ، بألوان مستحبة أليفة، لا تتعاطف بوضوح بل بسرية تامة، انها لا تسمّح بالفرجة المجانية، اللوحة لدى الفنان تايه ملأى ، لا فراغ فيها،  تتوهج المرأة (الجسد) والرجل ( الشخص) محملين بالاسرار داخل ظلال التكوينات التي تشكل حيزا في انتباه الفنان والمتلقي معا، لذا تبدو عوالمه مستورة، متوارية، تحيطها خلفية من النثر اللوني ذي التشكيلات الهامسة، تتخللها توهجات لونية تستوعب انتشاء الجسد وسرية العلاقة بين الرجل والمرأة.

برهن ابراهيم تايه على مهارته اللونية في تشكيلات لها علاقة بالانفعالات الداخلية، وما تتركه من صدى في تعبيرها الانساني والفني على السواء، والمحافظة على موضعيتها ضمن حيز التفاعل والرمز والاشارة والايماء.

وختم العتابي رأيه قائلا: استطاع الفنان من تأصيل تجربته بشفافية هادئة، ولغة ذات حساسية عالية لانه يمتلك القدرة على تحميل اللوحة رسالة فكرية بجانب القيم الجمالية.
اما الدكتور علي عاشور فهو يرى ان عمل الفنان ابراهيم تايه، يخضع الى ابداع الذات وتجلّي المطلق ، من خلال التحكم في اعادة بناء الشكل لخلق أثر فني جديد محمل بمحتوى سيميائي لاعطاء اولوية للشكل على السطح التصويري ضمن مساحة الرؤية الممتلئة بالايحاء وفق معالجات بنائية تعمل على تحولات متعددة في المنظومة البنائية للشكل، لتحيله الى فعل الابداع الفني وفق تجليات مختلفة، لذا فالعمل الفني المعاصر يعتمد بشكل اساسي على الادراك الجمالي واستيعاب المتلقي، اذ يرتبط الشكل بمتغيرات ذاتية وموضوعية ضمن عملية البناء والهدم القائمة على الرؤية الفلسفية والفكرية لاستكشاف جوهر الشكل سعياً للتوصل إلى حقيقة الجمال الخالص، وذلك من خلال تجليات واقع اللوحة المشحون بآفاق التواصل بين الدال والمدلول الذي تعكسه ذات الرسام، وهنا يحاول الفنان ابراهيم تايه التعبير عن هويته الأسلوبية في صياغة منجزه الفني وفق مواضيع متنوعة لأيقونات مشفرة مما يدعو ذلك الى شد المتلقي لاستنباط المضمون وادراك مفهوميته الخصوصية الجمالية للعمل الفني والقراءة والتأويل تبقى متفاوتة من شخص لاخر.

قد يعجبك ايضا