نحو ثقافة اللاعنف والتسامح

د. عصام البرّام

للنهوض بوعي وثقافة الشباب نحو ثقافة اللاعنف والتسامح، يمكن اتخاذ مجموعة من الخطوات التي تستهدف تعزيز قيم الحوار والتفاهم وقبول الآخر، وللوصول الى عدد من الافكار والمبادرات التي يُمكن من خلالها تحقيق ما نصبو اليه داخل المجتمع والدولة. نود الاشارة الى الخطوات التالية:

1/ التعليم والتوعية:
إدراج مفاهيم اللاعنف والتسامح في المناهج الدراسية: وذلك من خلال تطوير محتوى تعليمي يعزز قيم التسامح، والتفاهم الثقافي، واللاعنف، من خلال مواد دراسية وأنشطة مدرسية. فالمنهج الدراسي في المراحل الأولية يعد نقطة تحول في تكوين وبناء الشخصية للفرد منذ البدايات الاولى، وهذا ما ينبغي السعي في التخطيط اليه بجدية عالية.
ورش عمل ومحاضرات توعوية: يتم تنظيم ورش عمل تركّز على أهمية حل النزاعات بطرق سلمية، كذلك تقدير التنوع الثقافي والاجتماعي. وإعطاء الاولوية للشباب، وهنا يأتي الدور الكبير لمؤسسات المجتمع التي تتعاون مع بعضها ضمن اختصاص متقارب.
قصص النجاح والأمثلة الملهمة: إن مشاركة قصص شخصيات أو مجتمعات نجحت في تبني ثقافة اللاعنف والتسامح كحلول للنزاعات، تمنح شخصية الفرد داخل مجتمعه بالزهو والرفعة والافتخار، خاصة إن كانت من المجتمع ذاته.

2/ الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي:
إنتاج محتوى إعلامي إيجابي: السعي الى إنشاء أفلام وثائقية، أو برامج، أو محتوى رقمي يعزز قيم التسامح والسلام. وقيام كافة وسائل الإعلام، بالتخطيط لرسم آفاق كفيلة بتنشيط وعي ملتزم حضاري قائم على عدم الكراهية او نبذ الآخر، أوغيرها من السلوكيات غير الحضارية.
حملات توعوية عبر الإنترنت: إذ يقوم فريق متخصص بإطلاق حملات على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر رسائل السلام واللاعنف بين الشباب. على أن تكون تحت متابعة مركزية لخطوات الفريق القائم عليها.
مواجهة خطاب الكراهية: إن التصدي للأفكار المتطرفة وخطاب الكراهية من خلال تقديم محتوى بديل بنّاء. فهنالك العديد من الجهات الاعلامية وغير الاعلامية، التي تسعى الى تصدير ما يمكن تأجيج الفوارق الاجتماعية او غيرها من السلوكيات التي يرفضها المجتمع.

3/ الأنشطة الشبابية:
برامج التبادل الثقافي: السعي الى تشجيع الشباب على المشاركة في برامج تبادل ثقافي تتيح لهم فرصة التعرف على ثقافات مختلفة وتعزز التفاهم المتبادل. فمن خلال إقامة الفعاليات الثقافية والانشطة المتعددة داخل المجتمع الواحد، مما تعزز التقارب من الطرف الآخر
الأنشطة الرياضية والفنية: ويتم ذلك من خلال تنظيم فعاليات رياضية وفنية تسهم في بناء الروح الجماعية وقيم التعاون. تشرف عليها المؤسسات الرياضية ذات العلاقة.
المبادرات التطوعية: تشجيع الشباب على الانخراط في العمل التطوعي الذي يربطهم بمجتمعات متنوعة ويعزز قيم الاحترام المتبادل. مما يخلق لديهم روح التعاون وتعزيز الثقة بالذات والآخر.

4/ الدين والقيم الروحية:
تعزيز الخطاب الديني المعتدل: مما لا شك فيه فأن نشر تعاليم التسامح واللاعنف في الخطاب الديني، مع التأكيد على القيم المشتركة بين الأديان، يولد جواً من التسامح وإحترام الآخر. كما يعزز فهم القيم الروحية لبقية الاديان السماوية الموحدة ودعوتها الى المحبة والعيش بسلام مع الآخر.
جلسات حوار بين الأديان: يفضل العمل والتخطيط على تنظيم جلسات حوارية تجمع شبابًا من ديانات ومعتقدات مختلفة لتبادل وجهات النظر وتعزيز الاحترام. والتركيز الى إن الأمم والشعوب فيها من الاديان أضافة الى القوميات المختلفة في الدولة الواحدة، لذا فإن بناء الدولة لا يمكن ان تقوم إلا على أساس وحدة الشعب، وان نهضة الامم والشعوب وتطورها ينبغي أن تُبنى على أساس الهوية الوطنية الواحدة.

5/ تعزيز المهارات الشخصية:
تعليم إدارة النزاعات:العمل على تدريب الشباب على أساليب حل النزاعات بطريقة سلمية وبناءة. وهذا يأتي من خلال دعوات المشاركة المجانية في المؤسسات التي تعمل تحت غطاء حكومي، ومن خلال أصحاب الخبرة والأكاديميين في مجال علم النفس وعلم الاجتماع وعلم التربية، وكل ما يتعلق بذلك من ذوي الاختصاصات الاخرى.
تنمية مهارات الاستماع والحوار : كما يتم تنظيم جلسات لتعليم تقنيات الاستماع الفعال والتواصل الإيجابي. وتطوير هذه المهارات والارتقاء بها، وان الاستماع للآخر وبيان رأيه هو جزء من رقي الوعي وثقافة الشعوب، فضلاً عن السعي الى الحوار الهاديء والمنتظم ، ليمكننا من الوصل الى أفضل الحلول الناجعة التي تعبر عن رقي الإنسان في حواراتاه.

6/ الأسرة والمجتمع:
دور الأسرة في التربية: تشكل الاسرة دوراً محورياً في حياة وتفاصيل المجتمع داخل الدولة، لذا ينبغي توجيه الأسر لتربية أبنائها على قيم التسامح واللاعنف منذ الصغر. ويأتي ذلك من خلال التعاون بين الأسرة والمراحل الدراسية الاولى لحياة الابناء، على أن يكون هنالك التواصل الدائم بين الطرفين، ومراقبة الابناء لسلوكهم اليومي داخل البيت والمدرسة.
إشراك المجتمع المحلي: إن تنفيذ مبادرات مجتمعية تعزز هذه القيم عبر الشراكات بين المؤسسات الأهلية والمدارس. وإشراك الطلبة منذ وقت مبكر في فعاليات ونشاطات المدرسة بالاضافة الى زرع روح التعاون ونكران الذات لديهم.

7/ دعم السياسات والمبادرات الحكومية:
تبني سياسات داعمة للتسامح: تشجيع الحكومات على وضع سياسات وبرامج تعزز قيم اللاعنف والتسامح في المجتمع. فالكثير من الحكومات تعقد لقاءات أو اجتماعت فيما بينها، لتدارس اهمية المرحلة الراهنة والمستقبلية، بما تعترض الدولة من تحديات تفرزها المراحل السياسية والاقتصادية، والتخطيط لمواجهة أي طاريء يهدد دولها. ولكي تسبق الأحداث، عليها ان تعي المرحلة في بناء وعي مجتمعي داخل كافة مؤسساتها، ورسم الخطط والسياسة التي تقوم على أحترام الدولة والافراد مع بعضها، وتحصين الفرد بعدم اللجوء الى العنف والقوة التي لا تجدي نفعاً سوى الخراب.
الاحتفال بأيام عالمية للسلام والتسامح: تنظيم فعاليات وطنية ودولية لتعزيز الوعي بهذه القيم. فهي فرصة مهمة الى اللقاءات بين أفراد المجتمع أو الدول، والسعي الى أستثمارها.

إن بناء ثقافة اللاعنف والتسامح يحتاج إلى جهد مستدام وتعاون بين مختلف القطاعات من تعليم وإعلام ومجتمع مدني، مع التركيز على الشباب بوصفهم صناع المستقبل.

قد يعجبك ايضا