ارهاصات بيئية .. مخاطر الذكاء الاصطناعي البيئية هل تلغي منافعه؟

 

 

صادق الازرقي

انتشر استعمال الذكاء الاصطناعي في شتى شؤون الحياة في السنوات الاخيرة، ومع الفوائد الكبيرة التي يوفرها للناس فانه يجرى الحديث عن سلبيات تترافق معه ومن ذلك مشكلات تتعلق بالبيئة.

وبرغم أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة قوية لمواجهة التحديات البيئية، إلا أن تطويره وتشغيله ترافقه بعض المعضلات التي لا يمكن إغفالها، من ذلك ما يسمى

البصمة الكربونية الضخمة واستهلاك الطاقة؛

ويعد الخبراء هذه النقطة من أهم المشكلات البيئية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، بحسب وصفهم.

وتستدعي نماذج الذكاء الاصطناعي الحديثة، وبخاصة تلك المتعلقة بالتعلم العميق والنماذج اللغوية الكبيرة (مثل ChatGPT)، كميات هائلة من الطاقة الكهربائية للتدريب والتشغيل، و هذه الطاقة تستهلك بشكل أساس في مراكز البيانات الضخمة التي تحتوي على آلاف الخوادم والرقائق الإلكترونية المتخصصة.

وتفيد التقديرات، أن مراكز البيانات قد تضاعف استهلاكها للكهرباء بشكل كبير بسبب تنامي مجال الذكاء الاصطناعي، وإذا استمر هذا النمو ولم يجري الاعتماد على مصادر طاقة متجددة، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة كبيرة في انبعاثات الغازات الدفيئة (مثل ثاني أكسيد الكربون)، مما يفاقم مشكلة تغير المناخ.

وحذر العلماء من ان عمليات تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وحدها تتطلب كميات هائلة من الطاقة، وقد تُحدث بصمة كربونية تضاهي انبعاثات دول بأكملها.

ولا يقتصر الأمر على استهلاك الطاقة فقط، فمراكز البيانات بحاجة أيضا إلى كميات ضخمة من المياه لعمليات التبريد، اذ تعمل هذه المراكز على مدار الساعة، وتولد حرارة هائلة تتطلب أنظمة تبريد مكثفة، مما يزيد من الضغط على الموارد المائية، بخاصة في المناطق التي تعاني من شح المياه.

وبموازاة ذلك تزداد النفايات الإلكترونية، اذ ان صناعة الذكاء الاصطناعي تعتمد بشكل كبير على تصنيع أجهزة إلكترونية متطورة، مثل الرقائق ووحدات معالجة الرسوميات المخصصة، يؤدي ذلك إلى

زيادة النفايات الإلكترونية، و مع التطور السريع لهذه التقنيات، تصبح الأجهزة قديمة بسرعة، مما يولد كميات هائلة من النفايات الإلكترونية التي يصعب التخلص منها أو إعادة تدويرها بشكل صحيح، وتحتوي على مواد خطرة تضر بالبيئة والصحة.

كما يتطلب تصنيع هذه الأجهزة استخراج معادن نادرة وثمينة، التي غالبا ما تجري عمليات استخراجها بطرق غير مستدامة، مما يسبب تلوثا بيئيا ويزيد من الضغط على الموارد الطبيعية.

و قد تسهم بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل التسويق الشخصي عبر الإنترنت، في زيادة استهلاك السلع، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاج والانبعاثات العالمية؛ كما

يمكن استعمال الذكاء الاصطناعي في مجالات قد تزيد من مشكلات تغير المناخ، مثل اكتشاف واستكشاف الوقود الأحفوري بشكل أكثر كفاءة.

وبرغم هذه التحديات، تكشف الدول عن جهود متزايدة لتقليل البصمة البيئية للذكاء الاصطناعي. تشمل هذه الجهود، تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة وبناء مراكز بيانات تعتمد بشكل كامل على مصادر الطاقة المتجددة (الشمسية، الرياح)، وابتكار تقنيات تبريد أكثر كفاءة للمراكز البيانات تقلل من استهلاك المياه.

ان الدول النامية ومنها العراق، عليها ان تستفيد من تجربة الآخرين فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي بالتعمق في ايجابياته مع عدم اغفال السلبيات والعمل على تفاديها.

 

 

 

قد يعجبك ايضا