الاستاذ المساعد الدكتور
فكري عزيز حمد السورجي
قصر الميثاق حق طلب الرأي الإفتائي على أجهزة معينة من أجهزة الأمم المتحدة أما الدول فليس لها مثل هذا الحق وقد قيلت عدة مبررات لهذا الاستثناء منها إذا سمح للدول باستشارة المحكمة فسيكون بإمكانها معرفة ما سيكون عليه قرار المحكمة في أي تقاض قادم أمامها أو معرفة أفضل المبررات لرفض الحلول الوسط أو التحكيم. وإذا منحت الدول حق الاستشارة فلن يكون ذلك ذا فائدة علمية كبيرة لها , وتعليل ذلك أن الدول أذا رغبت في تسوية منازعاتها القانونية قضائيا فهي تستطيع اللجوء إلى طرحها على المحكمة للحكم فيها أما إذا لم تكن راغبة في ذلك فلن يبلغ بها الحرص حد السعي وراء فتاوى تحدد القانون بذات الحجية التي تحدده بها الأحكام بالرغم من عدم إلزامية هذه الفتاوى .
وبالرجوع إلى الميثاق نجد أن الجهات التي لها طلب الرأي الاستشاري بموجب المادة (96) تنقسم إلى فئتين:
أ _ الفئة الأولى نصت عليها الفقرة الأولى من المادة وهي الجمعية العامة ومجلس الأمن.
ب_ الفئة الثانية وتتضمن باقي فروع الهيئة والوكالات المتخصصة المرتبطة بها ممن يجوز أن تأذن لها بذلك الجمعية العامة وفي أي وقت وذلك بموجب الفقرة الثانية من المادة (96).
كان من استطاعة محكمة العدل الدولي الدائمة إصدار أراء إفتائية في أ] نزاع أو مسألة تحيلها أليها الجمعية العامة أو مجلس العصبة طبقا للمادة (14) من عهد العصبة ولدى بحث أمر أنشاء محكمة العدل الدولية ثار التساؤل حول الجهة التي سيفوضها ميثاق الأمم المتحدة حق طلب أراء إفتائية من المحكمة , وعلى وجه التحديد أختلف الباحثون حول معرفة ما أّذا كان هذا الحق سيبقى حصرا على مجلس الأمن أم سيمنح أيضا للجمعية العامة فقد كان المشروع الأمريكي للمحكمة المقترحة بحصر هذا الحق بمجلس الأمن وحده أما في لجنة الفقهاء , فقد انقسمت الآراء أذا ذهبت أغلبية الأعضاء بزعامة وفد الصين إلى تأييد حق الجمعية العامة إلى مجلس الأمن في طلب الآراء الإفتائية , وقد دافع هؤلاء عن رأيهم بحجة رئيسية مفادها حاجة الجمعية العامة لمثل هذه الآراء في تنسيق أعمال الآراء الإفتائية بمجلس الأمن وحده باعتباره المرجع الأكثر أهمية _ في نظرها_ في تدعيم السلام والأمن الدولي . ولكن هذه الأقلية رضخت أخيرا تحت ضغط الأغلبية لمبدأ المساواة بين الجمعية العامة ومجلس الأمن في هذا الحق وتم إقراره نهائيا من قبل مؤتمر سان فرانسيسكو وهكذا نص ميثاق الأمم المتحدة في المادة (96/1) على أن :
” لآي من الجمعية العامة أو مجلس الأمن أن يطلب إلى محكمة العدل الدولية إفتاءه في أية مسألة قانونية ” ومن هذا النص يتضح أن الجمعية العامة أو مجلس الأمن _ وهما من الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة _ لهما حق اللجوء إلى المحكمة بصفتها الإفتائية هنا الحق وصفه (كريك) بأنه حق أصلي حيث لا يتطلب ممارستها إذن أو رخصة من أية جهة أخرى .