التزام الدولة بقواعد القانون الدولي الإنسان

الاستاذ المساعد الدكتور
رزكار حمه رحيم

لقد وضع على عاتق الدول التزام وضع القانون الدولي الإنساني موضع التنفيذ وهو التزام عام تفرضه م/1 المشتركة لاتفاقيات جنيف الأربع و م/1 من بروتوكول جنيف الأول ، إلا وهو الالتزام باحترام قواعد هذه الاتفاقيات وكفالة احترامها من جانب الدول الأطراف فيها وهذا الالتزام المفروض على الدول إنما يأتي بدرجة أساسية من حقيقة إن القانون الدولي الإنساني هو قانون تقره وتطبقه الدولة، لذلك تعد الملتزم الأول بتنفيذ أحكامه ، والتزامها هذا يظل قائما حتى إن كان الطرف الأخر في النزاع المسلح قد خرق قواعد القانون الدولي الإنساني ، لأنها أي قواعده لا تقبل شرط المبادلة (المعاملة بالمثل) فلا تستطيع الدولة الخصم أن تتذرع بتقصير الخصم الأخر حتى تحجم عن تنفيذ قواعده ، وأكدت هذا الحكم أيضا م/60 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 التي نصت على إن انتهاك أية معاهدة انتهاكا جسيما يعطي للأطراف الأخرى التي لم تخرقها الحق في تعليق أحكامها كليا أو جزئيا ، ولكن هذا الحق بالتعليق لا يشمل الأحكام المتعلقة بحماية الشخص الطبيعي الواردة في المعاهدات ذات الطابع الإنساني ولا سيما تلك التي تحظر كل أشكال الأعمال الانتقامية حيال الأشخاص.
والتزام الدولة بالتنفيذ لا يقتصر على فترة النزاعات المسلحة الدولية بل يشمل أيضا تنفيذ القواعد التي تسري خلال فترة النزاعات المسلحة الداخلية وهو ما يفهم من نص م/3 المشتركة لاتفاقيات جنيف الأربع ، حيث إن كلمة (طرف في النزاع) الواردة فيها تشير من جهة إلى الدولة التي قد تكون طرفا في نزاع مسلح داخلي ، وهي بذلك ستلتزم بمراعاة القواعد الإنسانية التي أشارت إليها هذه المادة.
والى جانب هذا الالتزام العام الذي يفرض على الدولة في أثناء قيام النزاعات المسلحة هناك التزامات أخرى يفرضها القانون الدولي الإنساني باتفاقياته على عاتق الدول ، تأخذ شكل اتخاذ إجراءات وتدابير يراها ضرورية ولازمة لضمان التنفيذ الفعال لاحكام القانون الدولي الإنساني ، وهي إجراءات يتم اتخاذها في زمن السلم والحرب.
يأتي في مقدمة هذه الإجراءات (التعريف بالقانون الدولي الإنساني ونشره) فضمان تنفيذ القانون الدولي الإنساني خلال النزاعات المسلحة يتطلب أن يكون هناك علم سابق بأحكامه فلابد من عمل يتم في زمن السلم وحتى في زمن الحرب يكفل نشر الوعي والإدراك لهذه القواعد وهو أمر لايمكن الوصول إليه إلا من خلال جهد كل دولة في نشر قواعد الاتفاقيات التي تكون هذا القانون و تعريف الناس بها وتدريب قواتها عليها ، فقد نصت مادة متطابقة و بصفة أساسية في كل من الاتفاقيات الأربع المواد (47 ، 48 ، 127 ، 144) وبروتوكولها الأول الملحق بها المادة (80) على أن تتعهد الأطراف السامية بان تنشر نص هذه الاتفاقيات على أوسع نطاق في بلادها في وقت السلم كما في وقت النزاعات المسلحة ، وبإدراج دراستها وبصفة خاصة في مناهج التعليم العسكري والمدني حتى تصبح هذه المواثيق معروفة لدى القوات المسلحة وللسكان المدنيين ولأفراد خدماتها الطبية. كما نصت م/19 من البرتوكول الثاني على واجب نشر قواعده وعلى نطاق واسع ليضمن بذلك توعية الكافة بأحكامه وتنفيذها خلال فترة النزاعات المسلحة الداخلية.
وتنفيذ البند السابق يكون بقيام الدول التي صادقت على هذه الاتفاقيات وبروتوكوليها ، بنشر قانون التصديق ، ونصوص الاتفاقيات والبروتوكولين الملحقين في الجريدة الرسمية ولهذا الإجراء أهمية خاصة وذلك لما له من جدوى قانونية وعملية خاصة فالنصوص الاتفاقية للقانون الدولي الإنساني تصبح جزءا من التشريع الوطني بعد التصديق عليها وبنشرها في الجريدة الرسمية للبلاد يتحقق علم الجميع بها.

قد يعجبك ايضا