هواتف ذكية ومخاوف حقيقية : تأثير التكنولوجيا على طالبات الثانوية

حيدر فليح الشمري

عندما توسعت خطوات التكنولوجيا وآفاقها ، وجدت الهواتف الذكية طريقها إلى أيدي طالباتنا في المرحلة الثانوية ، حاملةً معها سلاحاً ذو حدين ، فبينما تُقدّم هذه الأجهزة الصغيرة فرصاً هائلة للمعرفة والتواصل ، فإنها تُخفي وراء شاشاتها اللامعة مخاطر تتربّص بفتياتنا في أكثر مراحل حياتهن حساسية .
تحوّلت الفصول الدراسية ، تلك الحاضنات التعليمية ، إلى ساحات صراع خفي بين المعلمة المجتهدة وبين الشاشات المضيئة التي تسرق انتباه الطالبات ، لم يعد التركيز حليفاً للتعليم ، بل أصبح العدو الأول يُطارد الفتيات بين رنّات الإشعارات وبريق التطبيقات ، وأظهرت دراسات متعددة تراجعاً ملحوظاً في مستويات التحصيل الدراسي للفتيات اللاتي يستخدمن هواتفهن بكثافة أثناء الدوام المدرسي .

وكأن تشتت الانتباه لا يكفي ، فقد انزلقت طالباتنا إلى دوامة مظلمة من مقارنة أنفسهن بصور مثالية مفبركة على منصات التواصل الاجتماعي ، نرى اليوم فتيات يعانين من تدني تقدير الذات والقلق والاكتئاب جراء الضغط النفسي الناتج عن مطاردة “الكمال” المزيف ، وتشير الإحصائيات إلى ارتفاع مقلق في معدلات الاضطرابات النفسية بين المراهقات مع توسع استخدام الهواتف الذكية.

لا يقتصر الخطر على الجانب النفسي ، بل يمتد ليشمل سلامة الفتيات ، فقد فتحت هذه الأجهزة أبواباً للتنمر الإلكتروني والابتزاز وحتى التحرش عبر الإنترنت . كم من فتاة وقعت ضحية لرسائل مسيئة أو صور مسربة ، وكم من أخرى تعرضت للاستغلال من قبل غرباء تسللوا إلى عالمها عبر تطبيقات الدردشة .!؟
لا ندعو هنا إلى قطيعة مع التكنولوجيا ، فهذا أمر غير واقعي في عصرنا ، لكننا نطالب بوعي أكبر وتنظيم أدق لاستخدام هذه الأجهزة ، إن المدرسة الثانوية ليست مجرد محطة للتحصيل العلمي ، بل هي مرحلة بناء للشخصية والقيم والمهارات الاجتماعية ، وهي أمور لا يمكن اكتسابها من خلال شاشة زجاجية بحجم الكف .

لنعمل معاً – مدارس وأهالي ومجتمع – على خلق توازن صحي بين الاستفادة من التكنولوجيا وبين حماية بناتنا من مخاطرها ، فليست كل وسيلة حديثة بالضرورة مفيدة ، ولا كل تقدم تقني يستحق التضحية بصحة أجيالنا القادمة ومستقبلهم .

قد يعجبك ايضا