د. محمد طه الهدلوش
القانون العراقي فتح المجال واسعا امام القضاء العراقي للاستعانة بالاختبارات البايولوجية ، ومنها تحليل البصمة الوراثية في القضايا الجنائية سواء اكان ذلك عن طريق الخبرة في المسائل الفنية العلمية ام عن طريق اخفاء قيمة قانونية على التقدم العلمي ، ومن خلال الرجوع الى احكام محكمة التمييز العراقية بهذا الخصوص نجد ان المحكمة اعتبرت الاختبارات البايولوجية الصادرة عن معهد الطب العدلي في الجرائم المتعلقة بالآداب معولا عليها بقولها ( يكون التقرير الطبي الصادر من معهد الطب العدلي معولا عليه في الجرائم المرتكبة ضد الاداب ) .
كما ذهبت محكمة التمييز الى اعتبار التقارير الطبية قرائن تعزز الادلة المتوافرة في الدعوى بقولها
التقرير الطبي الخاص بالمجني عليهما الطفل (ع) والطفل (ي) فقد جاء التقريران الطبيان الخاصان بهما يعززان افادة المدانة (ق) التفصيلية سواء من حيث اليد والاظافر .. الخ .
التقرير التشريحي الذي تضمن العثور في أحشاء الطفلين على بقايا بذور عباد الشمس في معدتيهما وهي قرينة قاطعة تؤيد اقرار المدانة من ان الطفلين اكلا بذور عباد الشمس في غرفتهما قبيل المباشرة في جريمة القتل .
محضر الكشف على الحادث والمخطط ، حيث وجدت اثار شحط واثار دم ، ولاحظ الكشف ايضا انسكاب المياه في غرفة المدانة التي وقعت فيها الجريمة وبشكل غير طبيعي ، وفي اماكن يستبعد ان يسكب الماء فيها كما عثر اثناء الكشف على قطع من النايلون عليها بقع دموية وعلى لحاف قديم دس بشكل غير طبيعي بين الافرشة الجديدة ، فهذا الكشف قرينة لا تدحض تؤيد صحة الافادة وكون الجريمة وقعت في دارها وبمساهمة منها في ارتكابها .
أيد التقرير المختبري الكيمياوي ان ثوب المدانة (ف) وكذلك اللحاف المشار اليه ملوثان بدم بشري ،كما قضت ايضا بان افادة المجني عليه المعززة بشهادة شاهد واحد وبالتقارير الطبية تعتبر دليلا كافيا للاثبات.
ومع ذلك فان محكمة التمييز ذهبت في احدى قراراتها الى ان التقارير الطبية لا تكفي لإدانة المتهم ولا تدل على انه ارتكب الجريمة حيث جاء فيه ( الشهادة على السماع لا تصلح دليلا للإثبات والتقارير الطبية العدلية تثبت الركن المادي للجريمة ولا تدل على ان المتهم هو الذي ارتكبها ) ، ومن الجدير بالذكر ان التطبيقات القضائية العراقية المشار اليها انفا لم تشر بصورة صريحة الى البصمة الوراثية ، وقد يعزى ذلك ان مشرعنا لم ينص عليها صراحة ، وتتمنى على مشرعنا الاخذ بتقنية البصمة الوراثية لاسيما وانه ثبت نجاحها في كثير دول العالم .