اينما وجدت الكرامة فهناك الوطن

 

لطيف دلو 

 سمعت من اكثر لاجيء عراقي في الدول الاسكندنافية ، بأنهم عادة يتسوقون من المحلات الشرقية لان قلوبنا على الارض الأم وبقاءنا هناك لنشعر بصدق وأمان أينما وجدت الكرامة والمساواة وعدم التفرقة بين العرق واللسان واللون والطائفة فهناك الوطن ونلاحظ بأن رؤساءهم وكبار موظفيهم يذهبون الى الدوام ويتبضعون ويسيرون في المدن كحال أي من مواطنيهم ومن المشاهدات الاعتيادية أن يصادفك وزيرا أو محافظا قبل الدوام  راكبا مع المنظفين خلف سيارة المخلفات ويقوم برفع المخلفات وتنظيف المدينة لغاية ابتداء دوامه ثم يذهب الى دائرته وبالفعل رايت محافظ مدينتنا في محطة الاوتوبيسات وتناولنا الحديث واسترخص لان جاء دوره لسياقة الباص بعد انتهاء الدورة الانتخابية ، ولم تتلخص تلك الامورفقط داخل الدولة الواحدة بل تعدت الى الدول المجاورة ، فاذكر مثالا هناك مواطنون يمتلكون بيوتا نصفها في دولته والنصف الاخر في دولة جارة لهم وتمر الحدود عبر الصالة وغرف النوم  وكهربائهم بين الدولتين ولديهم جرسين هذا لمن ياتيهم من دولتهم وذاك لمن يأتيهم من الدولة الجارة وإذا تقابل شخصين في الصالة او غرفة النوم يتكلمون ويتسامرون وينامون كل منهما في دولة اخرى وشوارعهم نصفها من دولتهم والنصف الاخر من الدولة الجارة واليكم هذه الصورة بين هولاندا وبلجيكا للمعلومات والمقارنة  .

كانت تسمى بالبلدان القراصنة والعراق بلاد الحضارات ، فلم تتحقق لديهم تلك المواطنة وتلك المساواة إلا من خلال المؤسسات التربوية والتعليمية من الابتدائية الى الجامعات وتخلي المسؤلين من الكبرياء واصبحوا خداما للشعب ولكن لدينا مدارس وجامعات لا تعد ولا تحصى ولكن لم تغير من نفسية المجتمع شيئا لانها متشبعة بالافكار التاريخية في تخليد المرأ بالثراء ومناصب السلطة وقيادة المعارك وإستحواذ الآخرين عن طريق القوة او السلطة قد خلقت المحسوبية والمنسوبية والطائفية وسببت سفك الدماء وإنعدام الامن والاستقرار واحدثت فئتين في المجتمع على ارض الحضارات ، اناس في اترف وافخر حياة ومعيشة ودخل سنوي بالمليارات وعلى سبيل المثال ، سمعت من نائبين في لقاء تلفزيوني يطالبان الراتب التقاعدي للدورة البرلمانية ، قال احدهما اروح اشتغل معلم والثاني قال اروح اشتغل تكسي وماذا تتوقع منهم في المناصب الاخرى ودخلهم خلال الدورة تكفيهم مدى الحياة ، وبالمقابل اخرون في اتعس الحياة يرتزقون من المزابل بدخل سنوي بالتفاليس هذه هي ثقافة الحياة لدينا في حين ينص الدستور في المادة (2) الاسلام دين الدولة الرسمي وهو مصدر اساس للتشريع ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام ، وفي المادة (14) العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز في الجنس اوالعرق وختاما في الوضع الاقتصادي والاجتماعي وكلاهما معدومان .

ما جرى في وبين تلك الدول صعب المنال ولكن نوهت عنها لاخذ العبر منها وتجنب تلك الوراثة البالية والتخلى عن الكبرياء بأن الشعب خادم الحكام وجعل الحاكم خادم الشعب والمساواة بين المسؤول والسائل وكل مواطن له حقوق وعليه واجبات دون تفريق بينهم في العرق واللسان واللون والدين والطائفية  وانتشال أي منهم في الاماكن التي لا تليق بمواطني بلد الحضارات والنفط  والثروات التي انعم الله عليها لتكون جنة واغنى دولة في العالم إلى المكان الذي يصون كرامته وكذلك أن لايكون فيها موظفين وعمال داخل البلاد اينما كانوا يستلمون رواتبهم او اجورهم بعد شهرين او اكثرلاسباب سياسية او طائفية اومناطقية أو لتعصبية شخصية وإلا فالتاريخ يعيد نفسه على هذه الارض لما جرى للخليفة العباسي المعتصم الذي اسره وحبسه القائد المغولي في غرفة دون غذاء و عندما طلب منهم الاكل جلبوا له طبق ذهب من خزينته وقدموه له وقال للقائد المغولي لقد طلبت الاكل وليس الذهب فرد عليه  لو كنت صارفا إياه على شعبك لما وصلت الى هذا المكان فاعدموه بالرفس لكي لايقع دمه على الارض ويمجد يوما ما ، فالكرامة اعز واغلى من المال لان اينما وجد الانسان كرامته مصانة فهناك الوطن وفي أي دولة يلتجأ مواطنوها الى الخارج فهناك قانون الغاب ووحوشها الحكام . 

قد يعجبك ايضا