مع اولى بوادر الصيف مزيد من جثث المهاجرين البابا فرنسيس يدعو لوقف المتاجرين بالبشر بعد موت ٧٠ مهاجرا
متابعة – التآخي
بعد غرق أكثر من ٧٠ مهاجرا قبالة سواحل إيطاليا، دعا بابا الفاتيكان إلى منع المتاجرين بالبشر، فيما يجري التحقيق في سرعة استجابة خدمات الطوارئ إثر اتهامات لها بالتقاعس. في حين حثت دول أوروبية متوسطية على تعزيز مكافحة تهريب البشر.
ودعا البابا فرنسيس بابا الفاتيكان السلطات لإيقاف المتاجرين بالبشر النشطين في منطقة البحر المتوسط، فيما كان يعبر عن حزنه لوقوع كارثة غرق قارب المهاجرين يوم الأحد ٥ آذار ٢٠٢٣ قبالة ساحل كالابريا الإيطالي. وقال البابا في عظته الأسبوعية للمحتشدين في ساحة القديس بطرس “أعيد تجديد مناشدتي منع هذه المآسي من الوقوع مجددا. آمل أن يتم وقف المتاجرين بالبشر”. وأضاف : “ليتم توقيف المتاجرين بالبشر، ليُمنعوا من التصرف بعد الآن بحياة كثير من الأبرياء”.
وقالت السلطات المحلية الإيطالية إنها انتشلت ٧٠ جثة حتى الآن بعد الحادث. وأتى المهاجرون من تركيا وكانوا من دول منها أفغانستان وباكستان وإيران والصومال وسوريا. وقال البابا “عسى ألا تتحول رحلات الأمل مجددا إلى رحلات الموت، وعسى ألا تُلطخ مياه البحر المتوسط النقية مجددا بالدماء جراء هذه الحوادث المأساوية”.
وبسبب الحادث نفسه، حثت خمس دول أوروبية تقع على البحر المتوسط الوكالة الأوروبية لحماية الحدود والسواحل ” فرونتكس” على أن تصبح أكثر نشاطا في مجال مكافحة تهريب البشر واستعمال القوارب لنقل المهاجرين إلى شواطئها. وقال وزراء داخلية كل من قبرص واليونان وإيطاليا ومالطا وإسبانيا الأحد في فاليتا إن مراقبة المناطق القريبة من الحدود “تمثل مكونا رئيسا في جهود مكافحة دول الاتحاد الأوروبي لمواجهة تهريب المهاجرين والانشطة المماثلة الأخرى، بالإضافة إلى منع عبور الحدود بصورة غير قانونية”.
وكانت طائرة تابعة لفرونتكس قد رصدت القارب، الذي غادر تركيا قبل أسبوع، وأبلغت روما. ولم يتم اعتبار الواقعة طارئة، كما لم يتم استدعاء قوات خفر السواحل. وأعرب وزراء الدول الخمس عن أسفهم لوقوع الحادث. وقالوا “علينا أن نبذل مزيدا من الجهود لوقف الهجرة غير النظامية، وبذلك خسارة الأرواح في البحر واستغلال مهربي البشر للمهاجرين”.
ونجا نحو ٨٠ شخصا بعدما تحطم القارب وغرق في البحر بالقرب من منتجع ستيكاتو دي كوترو الواقع بالساحل الشرقي لمنطقة كالابريا. وقدرت السلطات أن القارب حمل على متنه ما يصل إلى ٢٠٠ مهاجر.
واعتقلت السلطات ثلاثة يشتبه في اتجارهم بالبشر قبل أيام، ويشتبه في أنهم تقاضوا بين٥ و٨ آلاف يورو من كل مهاجر، بحسب وكالة “آكي” الايطالية للأنباء. كما بدأ مسؤولو الادعاء التحقيق في الأسلوب الذي استجابت به خدمات الطوارئ للكارثة، وذلك بعدما تلقت السلطات اتهامات من ذوي الضحايا بالتقاعس عن نجدتهم. وقال البابا “أصلي من أجل هذا العدد الكبير من الضحايا في غرق القارب ولأسرهم ولمن نجوا”. وأشادت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني بتصريحات البابا فرنسيس، قائلة إن الحكومة “تواصل نشر كل القوات المطلوبة لمواجهة المتاجرين بالبشر ووقف الموت في البحر”. وكانت ميلوني قد دعت زعماء الاتحاد الأوروبي منذ أيام إلى بذل مزيد من الجهود لوقف الهجرة غير الشرعية.
وعلى صعيد متصل قال راهب إيطالي، إن “السياسة التي تفقد الرحمة لا تستحق أن تحمل هذا الاسم”. ومشيرًا إلى حادث غرق سفينة المهاجرين الأحد قبالة سواحل كروتوني، بمقاطعة كالابريا ـ جنوبي البلاد، شدد الراهب الفرنسيسكاني الأب إنزو فورتوناتو، الصحفي والكاتب، على ان “الإنجيل يذكرنا بأهمية قانون الحب “هناك قوانين عديدة في الحياة، لكن هذا الأخير يفوقها جميعها ويعطي معنى لكل القوانين”.
ونوه الكاهن، بأنه “مفهوم يجب أن تذكّرنا به مذبحة كروتوني المأساوية التي شهدت موت أطفال، مراهقين، نساء ورجال كانوا يبحثون عن حياة أفضل”؛ إنها “مأساة أثرت فينا جميعاً بعمق ومن الخليق بها أن تجعلنا نتساءل: كيف يمكن للسياسة أن تؤذي الرحمة؟ أهناك قواعد حقاً؟”، وأردف “هذا أكيد، لكن قانون الحب قائم وأية سياسة تفقد حس الرحمة، تميل بوجهها عنها ولا تدرك أن إيطاليا كانت ولا تزال مهد حضارة الرحمة، فهي لا تستحق أن تسمى سياسة”.
وأوضح الراهب الفرنسيسكاني، أنه “في هذه الأوقات المظلمة، تمتلك الخلافات السياسية التي يحاول فيها الجميع التهرب من مسؤولياتهم، صدى حقيقياً. إذا أغفلنا الإحساس بالأخوة، فقد فقدنا الإحساس بالإنسانية”، مكرراً القول، إن “السياسة أو بعض السياسات على الأقل، فقدت الرحمة”.
ولفت الأب فورتوناتو إلى أن “السياسة التي تنسى التقاليد تجاه الإنسان تفقد رسالتها الأصلية: بناء عالم أكثر عدلاً ودعماً”، مذكّراً بأن “تحطم سفينة كروتوني صرخة مفجعة تهز لامبالاة كل منا كإيطاليين وأوروبيين”. واختتم بالقول إن “هذه لحظة صلاة، صمت وحضور، كما شهد لنا رئيس الجمهورية الإيطالي سيرجو ماتّاريلا بأسلوبه”.
في السياق ذاته شدد وزير إيطالي على أن استقبال المهاجرين الفارين من النزاعات أمر واجب، وذلك في إشارة إلى حادث غرق سفينة المهاجرين الأحد جنوبي البلاد. وقال وزير شؤون البحر والجنوب، نيللو موزوميتشي، في مقابلة مع صحيفة (أڤينيري) الفاتيكانية، إنه “يجب أن نفكر بقلوبنا أنه كان بإمكاننا إنقاذ هؤلاء الضحايا الـ٦٨″، لكن “من المنطقي أن ننتظر نتيجة التحقيقات لنرى كم عدد الأشخاص الآخرين الذين كان بإمكاننا إنقاذهم من بين ٢٦٠٤٠ شخصاً غرقوا في السنوات العشر الماضية في البحر الأبيض المتوسط؟”، على حد وصفه.
وتساءل الوزير الصقلي، “مرة أخرى، كم مرة جرى عزل وزير الداخلية في أثناء أداء واجبه؟”. وأردف: “أنا أعرف أن (وزير الداخلية ماتيو) بيانتيدوزي، رجل ممتاز كمحافظ (المنصب السابق الذي كان يشغله)، يتمتع بقدر كبير من الإنسانية التي ربما لا تظهر عليه”. واسترسل: “لدي انطباع بأن هناك محاولة من جانب بعض القوى السياسية، لاستغلال مأساة حادث نجمت عنه خسائر فادحة في الأرواح”، وهنا “أود أن أدعو إلى التوقف للحظة، فعلينا جميعاً أن ننتظر نتيجة التحقيقات”، مزيدا، أنه “إذا ظهر التقصير بالمسؤوليات، فمن الصواب أن يتم دفع ثمن ذلك”.
وأشار الحاكم السابق لمقاطعة صقلية، إلى أن “المهاجر الذي يفر من الحرب أو الاضطهاد له الحق بالرسو على سواحلنا بأمان مطلق، من دون أن يعهد نفسه بأيدي مجرمين دنيئين”، لكن “الأمل الذي يجب علينا جميعاً أن نسعى إليه هو أن يكف البحر المتوسط حقاً عن أن يكون مقبرة بلا شواهد”، بحسب تعبيره.