الهوره : سفيرة الغناء الكوردي الفيلي الأصيل.

*الباحث/احمد الحمد المندلاوي

# الهوره (huraa) الانشاد الشعبي الرائع المتوارث لدى الكورد الفيليين في كل مكان وزمان ، ويعتبر هذا الطور من الغناء (الهوره) من التراث الغنائي الشعبي المتوارث عند الشعب الكوردي الاصيل يتوارثونه جيلا عن جيل شفاهيا.

والهوره هي النواة الاولى في قراءة الشعر الكوردي واناشيده الانسانية النابعة من اعماق العاطفة والوجدان بعفوية وتلقائية عجيبة ، هذه الطريقة في الأداء الغنائي؛ و لها سمات خاصة بها ، فهي لا تعتمد على الأوزان الشعرية الاعتيادية ، ولا توجد فيها عبارات قصيرة ، فالمغني أو المنشد هو الذي يبدع بذوقه الرفيع بأداء هذه الاغنية ، فيقرأ البيت الأول بلحن معين والبيت الثاني بلحن آخر و هكذا ـ فترد اكثر مسائل الحياة في(الهوره) مثل السلم والحرب والفرح والحزن والفراق وآلام القلوب العاشقة والحنين ، وأوجاع الغربة ، فهي تعطيك الحكمة أو العلل عن حدوث هذه الظواهر، واحيانا يذكر المنشد اسم شخصية بارزة في المنطقة ذات مكانة مرموقة،أو يذكر صاحب المضيف (ديوه خان)، فيقول شعرا باللغة الكوردية طبعا:

(وه إفتخار فه لان ..
أو وه إفتخار توشمال
فه لان..
وه إفتخار كيخودا
فه لان..
وه افتخار پهلوان
فه لان..)
أي على شرف فلان أو كرامة لفلان ، ويستمر بالغناء الشجي ، وقد يكون الشعر من تأليف المغني إرتجالا من وحي المجلس أو الحدث.
و أحيانا النشيد المعنى من النثر المركز .

وهذا النوع من الغناء الكلاسيكي ليس حصرا بالرجال فقط ، بل هناك نساء مغنيات لهذا النوع ايضا ، قد يكون المجلس في حدود النساء فقط ،او ضمن الأسرة الواحدة ، ولدي في ارشيفي الخاص أصوات نسائية رائعة بهذا الفن الأصيل .

وقد اشتهر الفنان علي نظر بهذا اللون من الغناء الشعبي الجميل؛ و له جمهور كبير في اوساط الكورد الفيلية (العراق و ايران)وعندما يستمع اليه المرء وكأنه يداعب أوتار القلب فيطرب الوجدان قبل الأذن.. ويأخذك الى ظلال جبال بشتكو و زاكروس وتلال حمرين و ربى گه رميان و خرير گه نگير و ضفاف الوند ، و رفيف أشجار الجوز العملاقة؛ وألعاب الصبايا في اعياد نوروز ، هكذا اشعر بذلك عند سماعي الحان الهورة و المغني يسمى (هوره چي)، و أنا حضرت بعض مجالسهم في مدينة (إيلام) وخاصة في منطقة (سفي خاني-البيت الأبيض) في تسعينات القرن الماضي..
و في مندلي جمع يمارسون هذا الغناء الشعبي ؛وسمعت من أحد الأصدقاء بأن المغتربين من الكورد ما زالوا يمارسون هذا الغناء الجميل في المهجر لا سيما كبار السن منهم في السويد و فلندة و غيرهما من بلاد المهجر.

وهناك أشعار شعبية مغناة في الأعراس ،و مجالس الفرح والأعياد أشبه بالسمفونيات الحديثة، كما ان هناك انواعا أخرى منها (كزه) تشبه (الهوره) في أدائها ،نتحدث عنها في مجال آخر إن شاء الله.

نماذج من هوره للفنان المرحوم علي نظر منوجهري من ترجمتي :

حين كنت يافعا أسكن
سويداء القلوب..
كوريقة وردة يانعة
في منتدى الأحباب
تعالى الضجيج .. والنداء
إيذانا بالرحيل
لقد رحل حبيبك
وبدأ الفراق ..
وعليك شق الجيوب..
حزناً على الفراق.
و المحبوب….
*
ونموذج آخر من أشعار الهوره الحزينة :

لا أرقد في هذا القبر
فهذا اللحد ضيق
لأن حفاره شامت بموتي.
حفره بفرحٍ
وعلى وجهه ضحكة صفراء
مسرورا بما حل بي ..
أي موتي محسورا..
*
ويقول الشاعر المندلاوي شمه شاه محمد ينعي نفسه:

بيلا قه ورگه له
كازمين بووگ
له رى زوار ئمام
حوسه ين بووگ
ويقرأه جمع على نغم هوره.

والحديث مع الهوره حديث شيق ذو شجون ..و يحتاج الى بحوث وترجمات لهذه الرائعة من تراثنا الجميل.

*من مخطوط
(موسوعة مندلي الحصارية-لعام2001)
—————————–

قد يعجبك ايضا