لطيف دلو
دخلت الى العراق خلال عصر الاحتلال البريطاني صورة فتاة بثلاث اساطير سياسية مخدرة لثلاث قوميات في العراق ولكل قومية لها أسطورة خاصة متقاربة عن الاخرى من حيث المضمون وانتماءها لها وتسمى تلك الفتاة لدى الكورد ب ( كچی کافرۆشی ) ولدى الترکمان ب ( صمانجی قزی ) متقاربة الى حد ما للأسم الکردی من حیث المعنى أما لدى العرب سميت ب( بنت المعيدي ) وتقول الاسطورة الاولى التي انتشرت في ربوع البلاد مع الصورة بأنها لفتاة رآها ضابط انكليزي عن طريق الصدفة وعشقها لكونها كانت جميلة تفوق الوصف وطالب الزواج منها ولكن رفضته اسرتها لإختلاف الدين وأخيرا استسلم الضابط وتزوجها شرعا وتظهر من سياق صياغة الاسطورة بأنها من ساسة المحتلين يقصدون بها تقبل فكرتهم السياسية المدمجة بجمال الصورة الأخاذ في مجتمع سماع للاساطير حسب نواياهم لإزالة الفارق الاجتماعي والديني بينهم والعراقيين تمهيدا لقبولهم البقاء في البلاد وتكشف الاسطورة بانها دخلت العراق بعد الاحتلال ، ولاحقا انتشرت اسطورة ارتدادية اُخرى وبصورة اوسع بعد 14 تموز 1958وطردهم من البلاد بإن الفتاة خطفها الضابط الانكليزي واستصحبها معه الى بريطانيا فتظهر بأنها نسجت من قبل العراقيين ضد المحتلين لاعتداءهم الصارخ على القيم والخلق للمجتمع الاسلامي العراقي وفي السلب والنهب لطردهم من البلاد ونصت الاساطير على بقاءهما في بريطانيا وبعد فترة انقطاع ارسل الضابط صورة لها الى اهلها ليطمانهم على سلامتها وصحتها وانتشرت بعد وصولها .
تلك هي اساطير الصورة لدى القوميات الثلاث في العراق وانتشرت في ارجاء البلاد وبشكل اوسع في أعوام الاربعينيات والخمسينيات القرن المنصرم ودخلت الكثير من البيوت معلقة على الحيطان ولكل بيت نفس الاسطورة حسب قوميتهم ولكن بإعتقادي إنها مفبركة ولا صحة لوجود تلك الفتاة لان لا في ذلك العصرولا في العهود التي تلته والى يومنا لم يدع احد من اسرتها ولا من اعمامها وخوالها او من اقرباءها الاخرين إنتماءها اليهم من القوميات الثلاث وتوحي ملامحها وملابسها بانها قوقازية الشكل، وفي الواقع إن الصورة بذلك الجمال الخارق قد رسمت بريشة فنان ماهر لادخالها الى البلدان المحتلة بدءا من شمال افريقيا وادخلوها العراق معززة بالاساطير لمكانتها الراقية لدى القوميات الثلاث حيث كانت الأساطير لها حكواتيين بسردها في المضايف والأسر لاخذ العبر منها في ضرب الامثال ولها دور حاسم لحل كثير من المشاكل بقصد إلهاءهم عما تدور في البلاد من الوجهة السياسية.
ليس كل المشاكل تحل بقوة السلاح بل لكل منها حل خاص وفقا لثقافة الشعوب كما يقال اعطي الخبز للخباز واللحم للقصاب ولربما دمجهم ثلاث ثقافات مختلفة في دولة العراق وتتويجهم ملكا لها من خارجها وتلك الصورة منحتهم ما تعجز عنها قرقعة السلاح ، وأسفا بعد اخراج المحتلين من البلاد لم ياخذوا الحكام درسا او عبرة عن مكايدهم تلك بجعل فئاة المجتمع اسرة واحدة داخل البيت العراقي الواحد وإشراكهم في القرارات المصيرية وجعل الدولة هوية المواطن ، بل أختاروا الثراء والجاه والخلد لأنفسم في السلطة من الطائفية والقومية وساقوا البلاد إلى مصير مجهول كما نحن فيه الآن .