*فاضل ميراني
مذ وعيت العمل السياسي في مطلع الشباب، والقانون و العدالة عندي هاجسان في النفس و فكرتان في العقل، العدالة تتقدم على القانون، و العدالة ايضا لا يصدر منها و عنها قانون و لا تصرف جائر، فيما القانون ليس دوما محصنا لا من الجور و لا من الثغرات.وفق قوانين انظمة الحكم السابقة نحن عصاة، متمردون، خونة، قد يمنون علينا بعفو، وقد يعاقوبننا و قد عاقبونا بما اعتبرته قوانينهم انها جريمة، ووفق قوانينهم فأدوات عدالتهم المتصورة تحتاج ادعاء او قضاة و ربما انتدبوا محامين، فالشكلية لا عيب فيها، الا غياب العدالة.اقول: ان العدالة وفق الاسباب المتاحة لا يصح ان ترتبط بشخص هو مصدرها، بل هي طاقة تولدها مؤوسسات تحسب حساب دورها في الدولة، و يسندها وعي شعبي لا يصح ان يضحي بالعدالة لحسابات او قوى مجتمعية او روحية او سلطوية بأي شكل تصورت فيه السلطة.العدالة لا تتجزأ، وليست سهلة التحقق و لا الحفاظ عليها سهل، لكنها ليست مستحيلة و ليس مستحيلا ايضا انماؤها و تحصينها و ادامتها.اختر اي نظام سياسي سابق او معاصر، و ستعرف من هو مصدر العدالة فيه، وهل اعطى و يعطي العدالة بمفهومها و مضمونها الذي تبحث عنه الانسانية، ام انه يفهم العدالة وفق تصوره عن القانون الصادر منه دون ان يختبر باعثات الخلل من حرمان و جهل و تخويف و تأثيث عقل للجموع حسب رغباته، وايضا دون تدبر لنصوص و روح لوائح حقوق الانسان او تشريعات السماء السمحة التي تأمر بالعدل و الرحمة و سد الحاجات قبل ايقاع العقوبات.
يفترض ان الانظمة النيابية هي الاكثر قربا لتشريعات عادلة لاعتبار ان شاغلي مقاعدها هم على اتصال بالافراد من الناس، و ان السلطة ليست مجتمعة بيد و عقل لفرد او مجموعة من تبعية ذاك الفرد، هذا هو المفترض و عكس هذا يعني زوال اهم ركن من الحاجة لوجود سلطة نيابية، لكن الخطر يكمن في التحايل على النص و الشكل و المحتوى بحيث يتم تنفيذ المعادلة لتقديم نتيجة ليست من العدالة على شيء، اذا ان الرقابة النيابية ليست فقط على الاداء التنفيذي، بل على النصين الدستوري و القانوني، اذ لا يصح ان يصدر تصرف قانوني من نائب او تنفيذي او قضائي وفق نص وان كان قانونيا لكنه ليس عادلا و بسببه ادين نظام بأكمله على انفاذه قبلا، مثال ذلك وبصورة اقرب لا يجوز الاستناد او الاشتراع بقرار لمجلس قيادة الثورة المنحل للاستفادة منه في فعل ما يحقق نفس نتيجة القرار قبل حل المجلس 2003 و اتهامه و ادانته.
اقول: ان مراجعة القوانين و التشريعات في ضوء وجود تصور كامل عن حياة ابناء شعوب العراق و هوياتهم المتنوعة ليس فيه شيء من ترف، بل ان تأخيره صار مضرا و ممهدا لكوارث، اذ ظهر واضحا تفاوت التناغم بين القديم و الجديد، قديم النصوص و جديد الافعال، صرامة في الماضي و حصانة لقسم غير قليل معصوم من الحساب سابقا و حاليا، و تفاوت في الردع مع كبير الضرر،كذلك عدم تقديم هوية للعقوبة اهي اصلاحية ام ردعية ام انتقامية، وعدم انتقاء الافضل و الادرى بالعمل لخلق نيابة تُشرّع و تراجع التشريعات، و الاخطر من كل ذا هي النظر للناخب على ان دوره يشبه حسب فهم كثيرن دور منصب ليس مهما الا على قدر اصداره كتاب تكليف تشكيل الحكومة.الانتخاب عمل دقيق و خطر، والسلطة اذ فُهِم انها لعبة مكاسب وليست مؤوسسة عدل و مصالح فأن الحساب سيكون عسيرا ولو تأخر.
*مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكردستاني.