سالم اسماعيل نوركه
كان لي معه قصة سأرويها لكم لاحقاً حدثت في ذلك الزمن الذي مضى بما له وما عليه واصبح في ذمة التاريخ , قصتي مع الذي قال: على المرء أن يكون ثعلباً ليعي الفخاخ المنصوبة له ، وأن يكون أسداً ليرهب الذئاب هذا هو فكر من وضع أسس الفكر السياسي الإنساني بعيداً عن توجهات عصور الوسطى قبل أكثر من ٥٠٠ سنة صاحب المقولة الأشهر : الغاية تبرر الوسيلة .. المبرر لكثير من الافعال السياسية وهو القائل لا تحاول أبداً أن تكسب بالقوة ما يمكن أن تفوز به بالخداع وينصح الأمير من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك ، إن الدين ضروري للحكومة لا لخدمة الفضيلة ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس ، و قوله : اذا كان يجب إيذاء شخص فليكن الأذية شديدة بحيث لا يخاف من انتقامه ..إن درجة الصعوبة والخطورة في محاولتك تحرير شعب راضي بعبوديته هي أصعب بكثير من محاولتك إستعباد شعب حُرّ.
وقوله ؛ لا تعتمد على المرتزقة فأنهم ينقلبون عليك في حالة إن وجدوا من يدفع لهم أكثر .
لمن تَشَوَّقَ لمعرفته ولكم جميعاً أقول إنه المفكر والفيلسوف والسياسي الايطالي نيكولو دي برناردو دي ميكيافيلي ولد في فلورنسا أبان عصر النهضة 1469 وتوفي فيها 1527م عن عمر ٥٨ سنة ، له 30 من الكتب أشهرها كتابه الامير الذي أصبح فيما بعد عصب دراسات العلم السياسي كان عملاً هدف منه ان يكتب نصائح للحاكم نشر الكتاب بعد موته وأيد فيه فكرة ان ماهو مفيد ضروري والتي كان عبارة عن صورة مسبقة ل النفعية والواقعية السياسية ولقد فصلت نظرياته في القرن العشرين.
بالمناسبة عصر النهضة بدأ من مسقط رأس مكيافيلي فلورنسا الايطالية وهي فترة من التغيير الثقافي الكبير التي امتدت من نهاية القرن الثالث عشر الى نحو عام 1600 بدءاً من ايطاليا وانتشرت في بقية انحاء اوربا اتسمت برفض قيم العصور الوسطى ومثلها المعنوية والتي
امتازت بخصائص :
مثل سيطرة الكنيسة .
التنظيم السياسي .
التنظيم الاجتماعي .
الاضطهاد العرقي والديني .
الحياة الاقتصادية ، والعصور الوسطى هي التسمية التي تطلق على الفترة الزمنية في التاريخ الاوربي التي امتدت من قرن الخامس حتى القرن الخامس عشر الميلادي حيث بدأت بانهيار الامبراطورية الرومانية الغربية سنة 476 م حين تم عزل رومولوس أوغسطس آخر إمبراطور لـ الإمبراطورية الرومانية الغربية على يد أوداكر وهو قائد بربري ألمانى أعلن نفسه ملكًا لإيطاليا .
وتعتبر فترة العصور الوسطى هي الفترة الثانية بين التقسيمات التقليدية للتاريخ الغربي الفترة القديمة والوسطى والحديثة .
اوربا أحتاجت أن تثور على العصور الوسطى نتيجة التراجعات التي حدثت فيها في النشاط الاقتصادي والثقافي والسياسي مقارنة بالفترات السابقة واللاحقة التي جاءت بها عصر النهضة من تحولات جبارة في كل المجالات لذا تميزت خصائص عصر النهضة بتركيزه على العودة إلى الكلاسيكيات في المعرفة، حيث أعتبر العلماء والفلاسفة في هذا العصر أن العصور الوسطى كانت فترة تراجع معرفي ما كان ليستمر وكان الانتقاد والاصلاح سلاح مفكري ورجالات عصر النهضة الذين أثروا بعمق على الحياة الفكرية الأوروبية في الفترة الحديثة المبكرة. بدأ في إيطاليا كما أسلفنا وإلى بقية أوروبا ، وبنشاط في كل الاختصاصات مثل الفلسفة والأدب والفن والموسيقى والسياسة والعلوم والدين، وغير ذلك من جوانب التساؤلات الفكرية والإرهاصات التحضيرية الأولى لعصر النهضة بدأت في مدينة فلورنسا الإيطالية حيث تبلورت النزعة الإنسانية على أيدي مجموعة من الأدباء والفنانين والموسيقيين والفلاسفة والعلماء العلمانيين، وكان من أبرز رواد هذه الحقبة الشاعر الإيطالي دانتي أليغييري (1265-1321م) صاحب الكوميديا الإلهية والذي يعتبر أبو اللغة الايطالية.
بالعودة الى بداية المقال أقول قصتي مع مكيافيلي بدأت أيام الجامعة حيث طلب أستاذ مادة فلسفة التاريخ كتابة ملخص عن كتاب نقرأه من اختيارنا وبرغبتنا شديت الرحال الى شارع المتنبي يوم الجمعة حيث الباعة فيه يفترشون الأرض بكتب منوعة وبأسعار مناسبة( كتاب بألف دينار ) في ثمانينات قرن العشرين بعد البحث بين الكتب المرمية على الارض وقع بين يديَّ كتاب الأمير لمكيافيللي وبعد تصفح لعدد مَنْ صفحاته أعجبتُ به فدفعت ثمنه وسرت في طريق العودة وكأني منتصر في معركة ويقول نيقولا مكيافيلي : ( المنتصر اصدقائه كثيرون أما المهزوم فأصدقائه حقيقيون ) وكاني أحمل كنز وقرأته بشوق وأنا أسجل أعجابي وتعجبي واندهاشي بما أقرأه بين دفتي الكتاب وبعد فترة مجزية قدمت ملخص عن الكتاب للأستاذ في الجامعة فأخذه مني وحشره بحركة غريبة بين ما قدمه الطلاب له ونظر إليَّ نظره لم أفهمها في وقته فتبين لاحقاً إن تلك النظرة كانت عبارة عن الخوف عليَّ كوني أحمل كتاب قد منع من التداول لخطورة الافكار التي فيها وقد اعتبره علماء الأخلاق وخاصة فى بريطانيا وفرنسا كتابًا مناسبًا فقط للطغاة الأشرار وما أكثر أولائك في الماضي والحاضر وحتماً سيتواجدون في المستقبل أيضاً ومنهم من أتى ويأتي من بوابة الديمقراطية مثل هتلر الذي جاء عبر الصناديق وغيره كثر وبعض الحكام تفوق على أفكار نيقولا مكيافيلي في العصر الحديث وإن تبجحت بالديمقراطية والصناديق وفي الختام نقول الديمقراطيات تصنفها إلى ثلاثة أنواع: الديمقراطيات البرلمانية، وشبه الرئاسية، والديمقراطيات الرئاسية. أما الديكتاتوريات فيصنف إلى الدكتاتورية الملكية والعسكرية والمدنية.
وهكذا بدأت قصتي مع نيقولا مكيافيلي بذلك الألف وفي ذلك الزمن .
وكلام مفيد :
سئل أرسطو من يصنع الطغاة ؟
فرد قائلاً : ضعف المظلومين .