مخاطر تعريب كوردستان

غفور مخموري*

الجزء الأول
مؤامرة تعريب كوردستان مؤامرة لمحو وإزالة الخصائص والسمات القومية أرضاً وأنساناً. تقود السلطات المحتلة لكوردستان هذه العملية وتخطط وتبرمج لها. وهذه المؤامرة تنبع من مصادر فكرية فاشية عنصرية متعصبة.
وهذا الفكر لايرى في الكون الا نفسه وفي سبيل ذلك ينفي فكر الآخرين بل ووجودهم كذلك. ويطمح للأستيلاء على أرض وثروات وأموال الآخرين بكل السبل الممكنة. وصيغ الإبادة الجماعية والفردية ومصادرة أراضي وممتلكات الآخرين وإغتصابها والنهب والسلب المنظم هي من صيغ هذه المؤامرة واذا لم يستطع هذا الفكر إبادة البشر إبادة جماعية فأنه يلجأ الى عملية التطهير العرقي وغسل الدماغ والسعي لتذويب الآخرين وصهرهم في بودقة القومية العربية، مثلما جرى في العراق فبموجب القرار 199 الصادر في 6/9/2001 من قبل ما كان يسمى بـ(مجلس قيادة الثورة في العراق) فأن إجبار الكورد في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام العراقي المحتل للتخلي عن هويتهم وأنتمائهم القومي وتغييرها للقومية العربية مظهر من مظاهر الظلم والأستبداد ومن يرفض الخنوع تكون النتيجة قطع أرزاقهم والأضطرار للهجرة والرحيل مجبرين ان لم يتعرضوا للسجون والمعتقلات. هذه الحملة جرت على يد حزب عربي فاشي هو حزب البعث الذي حكم في العراق ومايزال يحكم سوريا ويتم تنفيذه بصورة مستمرة وعلى الدوام.
ان العنصري ميشيل عفلق مؤسس حزب البعث الفاشي يرى أن الكورد هم من أصول عربية ولكن الأستعمار جعلهم ينسون لغتهم(205) ان هذا الأفتراء هو تحريف وتزييف لحقائق التأريخ ومنطق الأشياء التي لايستطيع أي شخص سويّ هضمه والقبول به. ان الكورد لا ولن يلتقوا مع العرب في اصولهم وجذورهم وسلالتهم لأنهم من جذور مختلفة ومن قوميتين مختلفتين، ولكن المفكر العنصري العربي لا يإبه بحقائق التأريخ بل يقوم بدون وازع من ضمير أو رادع أخلاقي وبكل مافي وسعه من أجل الغاء وتذويب وصهر القوميات الأخرى. وهاكم مثالاً آخر على شوفينية البعض من العرب وهو العنصري العربي (عوني فرسخ) حيث يقول (ان الكورد والبربر والآشوريين والآخرين هم في الأصل عرب وليس أي شيء آخر)(206).

هذه هي قمة العنصرية التي لاترى ولاتقر بوجود الآخرين ويصر هذا الـ(عوني فرسخ) على ان كل من يتكلم بالعربية فهو عربي(207). هذا ليس وليد اليوم بل فمنذ القدم سعى العرب الشوفينيون من أجل جعل الكورد عرباً (مؤرخو العرب القدماء شأن عرب اليوم محتلي كوردستان حاولوا أعادة أصول الكورد الى أصول عربية)(208) وعرب اليوم ينهلون من نفس ينبوع عرب الأمس. لذا نرى أن عربياً آخر مثل (زكي الأرسوزي) يرطن ويقول (من هم العرب؟ أنهم الذين يعيشون على الأرض العربية ويتكلمون اللغة العربية) وبموجب دستور كل من الدولتين العربيتين (العراق وسوريا) فأن جنوب وغرب كوردستان جزء من أرض العرب أي جزء من الوطن العربي والكورد جزء من القومية العربية!! فلقد جاء في المادة الثانية من الدستور العراقي (العراق جزء من الوطن العربي)(209). وجاء في المادة الرابعة (قُطر العراق وحدة لايتجزأ ولايجوز التنازل عن أي جزء منه بأية صيغة ولأي سبب كان)(210) وفي الفقرة الأولى من المادة الأولى من دستور سوريا جاء (لايجوز التنازل عن أي جزء من أرض سوريا)(211) وفي الفقرة الثانية من نفس المادة جاء (القطر العربي السوري جزء من الوطن العربي)(212). وفي الفقرة الثالثة من نفس المادة جاء (شعب سوريا جزء من القومية العربية)(213). بالأضافة لذلك فأن الحكومة السورية لاتعترف بوجود الكورد وتحاول إيهام العالم وإقناعهم بأن الكورد لايوجدون ضمن الحدود الجغرافية للدولة السورية وان الموجودين منهم إما عرب أو أنهم ليسوا من مواطني سوريا بل هم أغراب وأجانب.

ويتم التأكيد دوماً على ذلك (أقطاب النظام السوري ينفون وجود الكورد في هذا البلد للصحفيين الأجانب)(214). وهكذا فأن العنصريون العرب يصرون على أن أرض كوردستان المحتل من قبلهم جزء من الوطن العربي والشعب الكوردي جزء من القومية العربية!! والسلطات العربية وحتى من يسمون أنفسهم بشريحة المثقفين العرب متفقون فيما بينهم ويعملون بأتجاه واحد ولغرض واحد وهو صهر القومية الكوردية وأعتبار إمتلاكهم لأرض الكورد حقيقة ثابتة، وتعتبر هذه التوجهات من أكبر المخاطر التي تستهدف الكورد حيث تريد النيل من حقيقة وجود أرض وشعب كوردستان.

وكمثال لتوافق الأجهزة القمعية العنصرية مع شريحة المثقفين العرب في النظرة الى الكورد وتعريب الكورد وكوردستان نستطيع إيراد بعض الأمثلة. ففي عهد عبدالكريم قاسم(215) قامت جريدة الثورة العراقية بنشر مقالة في عددها 555 والصادر في 17/2/1961 تملقاً وتزلفاً لقاسم تطلب فيها صهر وتذويب الكورد(216). وفي نفس العام نشرت هذه الصحيفة التي كان يرأس تحريرها ياسين الطائي بنشر مقالة لشوفيني عربي (كلوفيس مقصود) جاء فيها (يجب السيطرة على قيادة الكورد وتذويب الكورد في بودقة القومية العربية).

في ذلك الوقت كان الحزب الديمقراطي الكوردستاني يقف بصلابة ضد هذه التوجهات العنصرية العربية وقد تم إرسال (160000) مائة وستين الف برقية إستنكار وتنديد من قبل الكورد الى عبدالكريم قاسم حول هذه المقالة. ولكن قاسم لم يخجل ولم يبالي بذلك.

الشوفينيون العرب يقومون بنفس هذه الممارسات ونفس النظرة المتعصبة تجاه القوميات والطوائف الأخرى غير العربية فمثلاً في مصر يتم ذلك ضد الأقباط وفي الجزائر والمغرب ضد البربر وفي السودان ضد سكان جنوب السودان فحول البربر يقولون (البربر العرب ينتمون الى الجذور العربية دون مبالغة ومواربة، بل هم لحمة عروبة المغرب العربي الكبير بكامله وهم أقوام العرب المغارب ومادتهم)(217)..

* السكرتير العام للاتحاد القومي الديمقراطي الكوردستاني YNDK

قد يعجبك ايضا