رئيس التحرير
الأمة الكوردية التي يعود تأريخ حضارتها الى آلاف السنين قبل الميلاد، تفتخر بماضيها الزاخر بالإبداعات والمبدعين في مجالات شتى، وقد ظهر العديد منهم ليكونوا سفراء لثقافات الشعوب والقوميات الأخرى في المنطقة مثل العرب والفرس والأتراك ايماناً منهم بضرورة تجاوز التعصبات التي لا تنتج سوى الكراهية والتنافر بدلا من تعزيز التآخي و التلاقح الثقافي بين الشعوب والأمم لأجل خدمة الجانب الأنساني، حيث ترك مبدعو هذه الامة العريقة بصمات مميزة و صيت راق بين ابناء تلك المجتمعات غير الكوردية وبالأخص شريحة المثقفين.
لكن اليوم هناك بون شاسع بين الماضي والحاضر، اليوم الصحافة الكوردستانية انقسمت على ذاتها،وبدأ هذا الأنقسام الخطير يترك آثاراً سلبية لدى الأوساط الثقافية الكوردية، فضلا عن أثره الهدام والمخرب على الشارع الكوردستاني بشكل عام، حتى وصل به الحال الى الأختلاف على المبادئ والثوابت الوطنية التي يجب ان يتفق عليها الجميع رغم التوجهات السياسية والفكرية المتباينة.
ونتيجة لدور الأعلام الأصفر المحلي المضاد الأقليمي في تضليل الجمهور وخلق حالة من اليأس والأحباط بين ابناء شعبنا الكوردستاني،ظهرت اخيرا بين طبقة المعلمين والموظفين شريحة ممولة ومدعومة من جهات سياسية تسير عكس التيار الوطني وتدعم توجه الأعداء في دق الأسفين بين شرائح المجتمع لتمزيق الوحدة الوطنية الكوردستانية،واضعاف كيان اقليم كوردستان الذي يعد ثمرة اكثر من قرن من النضال والكفاح المسلح الدموي الذي بني على جماجم مئات الآلاف من الشهداء وآلام الجرحى وآهات الأرامل والأيتام.
انقسمت الصحافة الكوردستانية والأعلام الكوردستاني بشكل عام على جبهتين مختلفتين، جبهة مدعومة من قوى سياسية واقليمية للنيل من كيان اقليم كوردستان ونسفه واقتلاع جذوره وضرب كل ما يصب في مصلحة الشعب والوطن وقضيته العادلة ،وجبهة وطنية سياسية وشعبية تكافح بكل ما تمتلك من ادواة وعناصر القوة للسير بقضيتنا نحو بر الأمان، لكنها تواجه تحدياً كبيراً و تكالب قوى محلية وأقليمية عليها لمعاقبتها بسبب التزامها بالثوابت الوطنية واعاقة طريقها نحو تحقيق بناء كيان مستقل والخلاص من الإستبداد الذي يعاني منه شعبنا منذ اكثر من قرن.
ونحن نحتفل بالعيد السادس والعشرين بعد المئة للصحافة الكوردستانية، و في خضم الصراع الوجودي والتصادم بين الأعلام الوطني وغير الوطني،على جميع الأقلام الحرة والمنابر الوطنية الكوردستانية ان تعمل من دون كلل وملل وفق الأمكانيات المتاحة لتعزيز الوحدة الوطنية وتنوير الرأي العام الكوردستاني من مخاطر المخطط الأقليمي الساعي لنسف تجربة اقليم كوردستان بأدوات كوردستانية بعد ان عجزت بأمكانياتها العسكرية والحرب الأقتصادية وضغوطاتها السياسية والقضائية عن ايقاف مسيرة بناء التحول الديمقراطي وعجلة التطور الأقتصادي في بقعة حساسة من الشرق الأوسط في ظروف بالغة الحساسية.