نبذة عن عشيرة (شكاك) الكوردية

 

لقمان شمو كالو

شكاك من العشائر الكوردية القديمة والكبيرة المعروفة في كوردستان ينتشرون في كل من إيران والعراق وتركيا وسوريا. ارتبط اسم شكاك بالحركات المسلحة المعادية للدولتين الإيرانية والعثمانية، ومن أشهر زعمائهم في هذا المجال (سمكو آغا) الذي جاهد أوائل القرن العشرين في سبيل إنشاء دولة كوردية في مناطق أورمية وشرقي تركيا الحالية وشمالي العراق، إلا أن الروس خذ لوه، وراح ضحية غدر السلطات الإيرانية وخيانة البعض من أبناء جلدته.

إن مواقع شكاك في منطقة عفرين؛ ذات هضاب قليلة الارتفاع تصلح لأنواع الزراعات والأشجار المثمرة، وخاصة منها الزيتون والكرمة. تجاورها عدة عشائر كوردية، هي: رشوان “آل حج أومر” وبيان من الشمال والغرب، وأماكن من الغرب والجنوب، وناحية جومه من الجنوب، كما تجاورها منطقة أعزاز، وكلس في تركيا من الشرق. عدد قرى منطقة شكاك 36 قرية وأقدم مركز استقرار لأبناء شكاك، هو (خربة شران) يعود ذلك إلى عام 1415 للميلاد حسب روايتهم. وبعض الشكاك إيزديون، وغالبيتهم مسلمون سنة على المذهب الحنفي.

لم تكن علاقة عشيرة شكاك ودية مع السلطات العثمانية، إذ تحكى قصص وروايات حول حوادث مسلحة كثيرة بينهم. أما علاقتهم مع الجوار، فقد شابتها فترات من الخلاف والقتال، مثل قتالهم مع آل شوربه، فقد قتل شوربه آغا نفسه على يد أحد أفراد شكاك. وكانت للسلطات العثمانية المتمثلة بوالي حلب يداً في إثارة هذه الحادثة.

أما صلات شكاك مع عشيرة رشوان “آل حج أومر” فكانت ودية لوجود صلات مصاهرة مع آل حج أومر. كما كانت علاقاتهم طبيعية مع ايزديي قرى جومه.

عرف بعض رجال شكاك بالكرم مثل المدعو (أوسي حبو) لذا منحته السلطات العثمانية مرتبة “بك” وقلدته خلعة البكوية، إلا أنه تنازل عنها لآغوات الشكاك يوجد لقب خليل باشا في شجرة نسب العشيرة، وقد حصلوا على هذه المرتبة في فترة تعود إلى أوائل القرن الثامن عشر.

ومن عائلات شكاك المشهورة آل حمدوش في قرية كفرجنة وهم معروفون بالجرأة والمزاج الحاد، وعائلة خلباش، وتوبال حمو، وجلوسي من أبرزهم.

تقلد آغوات آل جلوسي زعامة العشيرة، منذ أوائل القرن التاسع عشر في شخص “علي بك كور أوسمان”، ودارت في عهده نزاعات كثيرة بين شكاك والعشائر الكوردية المجاورة مثل آل عميكو وآل شوربه، وسكان منطقة العمق. فقد حاول علي بك إخضاع من كان يمتنع عن دفع الضرائب للسلطات العثمانية، ورفع مقدارها في بعض القرى بمساندة من السلطات العثمانية في كلس وحلب، الذين كانوا يمدونه بالقوة اللازمة. وعندما قويت شوكة علي بك؛ تمادى كثيرا في ظلم الناس، وربما لانتهاء الدور الذي أسنده العثمانيون إليه، اعتقله والي حلب، وقرر إعدامه، إلا أنه عفي عنه ونفاه إلى مصر، وبقي هناك مدة خمس سنوات، عاد بعدها إلى قريته شران. حينها كانت حماسة زعماء شكاك قد خمدت، وانعزلوا في قراهم.

من رجالهم في النصف الأول من القرن العشرين السيد منان نيازي أو منان أفندي ابن حفيد علي بك المذكور آنفاً، وكان قد تخرج من مدرسة أركان الحرب العثمانية في اسطنبول، وحمل رتبة ملازم، وشارك في الحرب العالمية الأولى في جبهة العراق. أقام في قريته سيجراز إلى أن وافته المنية في أواخر القرن العشرين.

أما جميل آغا جلوسي فقد أصبح رئيسا لبلدية عفرين في نهاية العشرينات إلى منتصف الثلاثينات من القرن العشرين وفي عهده أنشأ سوق عفرين “البازار” وتوفي سنة 1937 حينما دخل الفرنسيون إلى المنطقة، اتخذوا محطة القطار بقرية قطمه الواقعة في منطقة شكاك مقراً إدارياً وعسكرياً لهم، ثم نقلوا مركزهم الإداري إلى قرية ميدانكي الشكاكية، كما استقرت قوة فرنسية في موقع مبنى مخفر بلدة شران الحالية. كان موقف الشكاك وزعمائهم غير ودي من الفرنسيين، إلا أنهم لم يسهموا مباشرة في المقاومة، سوى المدعو عبدو خوجه من قرية ميدانكي، الذي التحق “بالقوات الشعبية الكمالية”. ولكن آغوات الشكاك، وكمعظم زعماء جبل الكورد، خضعوا تدريجيا للقوة العسكرية الفرنسية المنتدبة، وتقبلوها كأمر واقع.

 

 

أما بالنسبة إلى حركة المريدين، فقد تنوعت مواقف عامة الشكاك منها، أما آغواتهم فقد اتخذوا منها موقفا عدائيا. وتعرضت قرية قسطل على جندو الشكاكية الإيزدية في عام 1938 إلى حصار مسلح من قبل المريديين. فيما تراوح الموقف الشعبي للشكاك المسلمين بين الحياد والعداء، ومن أبرز الشكاك المؤيدين للحركة المريدية هم مشايخ ميدانكي الرفاعية.

ولزعماء الشكاك مشاركة فعالة في الحياة البرلمانية في عفرين وأعزاز، فقد انتخب السادة منان نيازي سنة 1932 ثم حنان آغا جلوسي سنة 1947 نوابا عن منطقة أعزاز في البرلمان السوري. كما ترشح السيد علي أكرم جلوسي لدورتين انتخابيتين 1954 و1961 دون أن يفلح في الوصول إلى البرلمان. ويمكن القول بوجود تفاهم وتحالف انتخابي بين آل جلوسي وآل شيخ إسماعيل زاده، لصلات مصاهرة بينهم، إذ كانت والدة كور رشيد شيخ إسماعيل زاده شكاكية.

وأبرز زعماء شكاك من آل جلوسي في القرن العشرين، هم: منان نيازي، وأحمد منان في شران، وأحمد آغا في كورتك، ومن هذه العائلة الدكتور أحمد جلوسي، توفي في ألمانيا عام 1996، وهو من المثقفين الكورد. ثم إبراهيم خليل آغا في گمروك، وجميل أحمد آغا في قطمه، وشيخ عيسى في ميدانكي الذي قتل بيد المريدين في الثلاثينات من القرن العشرين.

وقد انقطعت صلات شكاك الكورد بأبناء عشيرتهم في باقي أنحاء كوردستان بسبب الموانع الحدودية التي قامت بعد الحرب العالمية الأولى. وآخر من قام بزيارتهم من الزعامة العليا للقبيلة كان ذلك في بداية القرن العشرين، في شخص يدعى الأمير النحيل وهو الشقيق الأصغر لسمكو آغا رئيس القبيلة، في فترة تمرده على الدولتين الإيرانية والعثمانية لتأسيس دولة كوردية. ويقال إن زيارته كانت بغرض إعداد القبيلة للمشاركة في العصيان.

اهتم أبناء شكاك بالتحصيل العلمي، ومنهم حاليا العشرات من حملة الشهادات الجامعية في مختلف الاختصاصات. وهم يمارسون السياسة، وميولهم متعددة، منهم الشيوعي، والقومي الديمقراطي، والبعثي…الخ.

 

 

وفي شكاك نسبة كبيرة من المهاجرين إلى أوربا وألمانيا خاصة، وأغلبهم من إيزديي قرية “قسطل علي جندو”.

قد يعجبك ايضا